أدرك القدماء بالملاحظة فوائد التسميد بالمواد العضوية ، وإن لم يفهموا تفسيره فشاهد رعاة الأغنام تحسن نمو النباتات في الأماكن التي راثت فيها أغنامهم، وخمر الصينيون البقايا النباتية مع الطين، ونحا على ذلك المصريون والرومان، وخمر العرب فضلات الحيوان وخلطوها بالتراب والتبن، إلى أن عني العلماء في العصر الحديث بدراسة المواد العضوية من حيث انحلالها وفائدتها للتربة والنبات ولم تفقد تلك المواد اهتمام الزارع بها إلى في الفترة القصيرة التي أعقبت نظرية ليبيج Liebig في التسميد المعدني ولكنها سرعان ما استعادت أهميتها من جديد عندما أثبت لاوس وجلبرت أن التسميد المعدني لايغني بحال من الأحوال عن التسميد العضوي ثم اشتد الاهتمام بها بتقدم الدراسات الميكروبيولوجية لأنها ألقت الكثير من الأضواء على ماتحدثه فيها ميكروبات التربة وأوضحت ما لهذه التغيرات من أثر كبير في خصب الأرض.
فالمواد العضوية :
هي تعبير عن الفضلات النباتية والحيوانية الخام التي لم يتناولها أي انحلال ميكروبي، وهي تحتوي كيميائياً على سبع مجموعات من المواد وتشمل :
1- المواد التي تذوب في الماء وتشمل: السكريات والجلوكوسيدات والأحماض الأمينية وأملاح النترات والكبريتات والكلوريدات وأملاح البوتاسيوم.
2- المواد التي تذوب في الإيثير والكحول وتشمل: الدهون والزيوت والشموع والراتنجيات والثانينات والألكالويدات والمواد الملونة.
3- السليلوزات
4- الهيمسليلوزات
5- اللجنينات
6- البروتينات
7- الأملاح المعدنية التي لاتذوب بالماء مثل سليكات البوتاسيوم والمغنزيوم والألمنيوم وهي تكون مع الأملاح المعدنية الذائبة مايعرف بالرماد.
وتختلف الفضلات في نسب محتوياتها من هذه المواد باختلاف نوعها وعمرها وتبلغ نسبة الكربون إلى الآزوت 1:90 وتتميز الفضلات الحيوانية عن النباتية باحتوائها على نسبة أعلى من البروتين ونسبة أقل من اللجنين.
وعموماً يعتبر وجود المادة العضوية في التربة صفة طبيعية لها تميزها عن مواد الأصل parent Materials وذلك لأن هذه المواد لاتصبح تربة إلا عند ظهور المادة العضوية فيها، وتحدث بداية تجمع المادة العضوية نتيجة للفعاليات الحيوية للأحياء المستقرة على الصخور والتي تقوم بتحويلها إلى تربة.
أما الدبال : فهو تعبير عن مركب معقد ينشأ من الانحلال التدريجي للمواد العضوية بفضل الميكروبات المختلفة ويتصف الدبال بصفات عامة أهمها:
1- لونه الأسمر الداكن أو أسود.
2- لايذوب في الماء وإنما يكون معه محلولاً غرويا. ويذوب لدرجة كبيرة في المحاليل القلوية المخففة وخاصة بالغليان مكوناً مستخلصاً داكن اللون ويرسب جانب كبير من هذا المستخلص عند معادلته بالأحماض المعدنية.
3- يحتوي على نسبة من الكربون أعلى مما يوجد في أجسام النباتات والميكروبات وتبلغ هذه النسبة عادة مابين 55-56% وقد تصل إلى 58% ويرجع ذلك لارتفاع نسبة مابه من اللجنين.
4- يحتوي على نسبة كبيرة من البروتين قد تبلغ أكثر من 17%.
5- تضيق نسبة الكربون إلى الآزوت حتى تصل نحو 1:10.
مصدر المادة العضوية:
يعبر لفظ المادة العضوية في التربة عن كل المواد النباتية والحيوانية الناشئة في التربة أو التي أضيفت إليها بغض النظر عن مراحل التحلل التي وصلت إليها فالتعبير يشمل جذور النباتات المختلفة والأجزاء النباتية التي تترك في التربة أو تطمر فيها بالعمليات الزراعية وأجسام الحيوانات المختلفة كالديدان والحشرات وفئران الحقل وفضلاتها وكذلك الكائنات الحية الدقيقة الموجودة في التربة. وبذا تشمل المادة العضوية في التربة كل من الجزء المتحلل الكبير الحجم نسبياً والجزء الغروي الذي بلغ مرحلة كبيرة من التحلل وأصبح يساهم في خواص التربة الفيزيائية والكيميائية وبالتالي في إنتاج المحاصيل.
التركيب الكيميائي للمادة العضوية:
تتركب المادة العضوية من مادة جافة وماء ويؤلف الماء حوالي 75% أو أكثر من تركيب الأنسجة، أما المادة الجافة فهي مؤلفة من كربون وأوكسجين وهيدروجين ونتروجين وعناصر معدنية أخرى.
والتركيب الكيميائي لبقايا المواد النباتية الجافة والتي تشكل منشأ المادة العضوية في الأراضي معروف ويمكن تقسيمه إلى ثلاثة أقسام رئيسية:
1- السكريات العديدة Polysaccharides
2- اللجنين Lignin
3- البروتينات Protein
أولاً : السكريات العديدة Polysaccharides :
وهي عبارة عن قسم كبير من الكربوهيدرات الطبيعية والتي تشق جزئياتها من تكاشف Polymerization عديد من السكريات البسيطة أو السكريات الأحادية Monosaccharides ومن أمثلة هذه الوحدات البسيطة في الأراضي السكريات الآتية : جلوكوز، مانوز أرابينوز، زايلوز، ريبوز، حامض جلوكويورونيك حامض الجالاكتويورونيك ، جلوكوسامين، والجالاكتوسامين وغيرها.
وتضم السكريات العديدة:
أ- السيليوز Cellulose : وهو مكون كربوني رئيسي لمعظم النباتات الراقية وربما يعتبر أكثر المركبات العضوية انتشاراً في الطبيعة ويتركب السيليلوز من وحدات الجلوكوز مرتبطة مع بعضها في سلاسل طويلة ومستقيمة بواسطة B.Linkage عند ذرة الكربون رقم 1،4 في جزئي السكر. ويتراوح عدد جزئيات السكر في جزئي السيليلوز مابين 1400-10000 جزئي ويختلف باختلاف نوع النبات كما يتراوح الوزن الجزيئي للسيليلوز مابين 000 200 إلى 000 2000 ويتركز السيليلوز في جدر الخلايا.
ويعتبر السليلوز من الكربوهيدرات شديدة المقاومة للتحلل بواسطة الأحياء الدقيقة، والأنزيمات ويتوقف تحلله على الكثير من العوامل البيئية مثل الحرارة ، التهوية، الرطوبة، PH والمحتوى النتروجيني ونسبة اللجنين الموجودة.
ب- الهيمسليلوز Hemicellulose : بالرغم من التشابه الحرفي الكبير بين السيليلوز والهيمسيليلوز إلا أن تركيبهما النباتي يختلف تماماً ولايحملان أي تشابه فيما بينهما. والهيمسيليلوز عبارة عن قسم من السكريات العديدة عديمة الذوبان في الماء وعند تحللها مائياً بالحامض المعدني الساخن المخفض تعطي سكريات سداسية Hexoses وسكريات خماسية Pentoses وغالباً ما تعطي حامض اليورونيك Uronic Acid.
يتحلل الهيمسيليلوز في الأرض أولاً بمعدل سريع ثم يبطأ هذا المعدل ربما كنتيجة لعدم تجانس تركيبه. إلا أنه في الأيام الأولى من التحلل بمعدل أسرع من السيليلوز. ويتوقف تحلله على كثير من العوامل البيئية كما هو الحال في السيليلوز.
ج- النشا Starch: يأتي في المرتبة الثانية بعد السيليلوز كعديد سكر متكون من تكاتف السكريات السداسية Hexoses Sugars وفي النبات فهي تمثل مخزناً للكربوهيدرات. وتوجد بكميات كبيرة في الأوراق لأداء عملية التمثيل الضوئي والنشا النباتية تحتوي على مجموعتين أحدهما تسمى الإميلوز Amylose وهي عبارة عن بناء مستقيم مكون من 200-500 وحدة جلوكوز والثانية تسمى الاميلوبكتين Amylopectin فالجزيء مكون من ترابط جزئيات الجلوكوز إلا أن هناك سلاسل جانبية Side chains. والتحلل البيولوجي للنشا سريع جداً بالمقارنة بالسيليلوز والهيمسيليلوز.
د- المواد البكتينية Pectic substances : تشكل المواد البكتينية من سكريات عديدة معقدة مكونة من وحدات من حامض الجالاكتويورونيك Galacturonic acid وهناك ثلاثة أنواع من المواد البكتينية وهي:
1- البروتوبكتين Protopectin وهي مواد غير ذائبة في الماء ومكون من مكونات جدار الخلية.
2- البكتين Pectin: وهو مكون من بلمرة جزيئات حامض الجالاكتوريورونيك وهو ذائب في الماء.
3- الأحماض البكتينية Pectic acide=s : وهو أيضاً عديد من حامض الجالاكتويورونيك ، وذائب في الماء ويختلف عن البكتين في عدم احتوائه على روابط الميثيل ايستر. وتتحلل المواد البكتينية بسهولة بواسطة الأحياء الدقيقة.
ه- الكيتين Chitin: من أكثر السكريات العديدة شيوعاً يحتوي في تركيبه على وحدة السكريات Amino sugar وهو مكون بنائي يعطي القوة الميكانيكية للأحياء الداخل في تركيبها وهو عديم الذوبان في الماء والمذيبات العضوية والقلويات المركزة أو الأحماض المعدنية المركزة. ويتركب الكيتين من سلاسل طويلة من وحدات N-acetylglucosamine .
وينشأ الكيتين في الأراضي من بقايا الحشرات التي تقضي جزءً من أو كل دورة حياتها في الأرض وكذلك ينشأ من أنسجة الفطريات التي يشكل الكينين جزءً كبيراً من تركيبها.
ثانياً – اللجنين Lignin :
يأتي اللجنين في المرتبة الثالثة من ناحية انتشاره كمكون لأنسجة النبات بعد السيليلوز والهيمسيليلوز، وتحلل اللجنين ميكروبيولوجيا لازال من المسائل غير المفهومة تماماً وترجع الصعوبة في ذلك إلى ثلاثة أسباب هي:
1- صعوبة وتعقيد التركيب الكيميائية لجزيء اللجنين.
2- صعوبة التعرف عليها كيماوياً أو بالطرق الكيماوية المعروفة.
3- صعوبة عزله كيميائياً لاستعماله كوسط لنمو الأحياء الدقيقة.
ويختلف اللجنين في تركيبه وخواصه من نبات إلى آخر وحتى في نفس النباتات تبعاً لعمره ومن ثم فإنه ليس هناك تركيب واحد لهذه المادة. ويقاوم اللجنين فعل التحلل بواسطة الأحماض Acid hydrolysis وهي خاصية مهمة للجنين حيث تأثير الأحماض المعدنية المركزة عليه بسيط. وكذلك فإنه عديم الذوبان في الماء الساخن والمذيبات العضوية المتعادلة إلا أنه يذوب في القلويات. ويحتوي جزيء اللجنين على ثلاثة عناصر فقط وهي الكربون والايدروجين والأوكسجين إلا أن تركيبها حلقي Aromatic وليس كما هو الحال في السيليلوز والهيمسيليلوز.
ومن الخواص المميزة جداً في اللجنين هو مقاومته للتحليل الأنزيمي ويتم تحلل اللجنين في وجود أو غياب الأكسجين إلا أن معدل التحلل في الحالتين أقل كثيراً من معدلات السيليلوز والهيمسيليلوز والمركبات الكربوهيدراتية الأخرى.
ونظراً للزيادة في نسبة المواد الحلقية Aromatic فيبدو أن المواد اللجنينية لها أهمية خاصة في تكوين الدبال Humus.
ثالثاً: البروتينات Proteins :
البروتينات هي المواد الأساسية المحتوية على نتروجين وتتكون من ارتباط الأحماض الأمينية Amino Acids ويتراوح وزنها الجزيئي بين بضعة آلاف إلى العديد من الملايين.
والأحماض الأمينية الداخلية في تركيب البروتينات هي من نوع Amino Acid –L وتنقسم الأحماض الأمينية إلى ثلاثة أقسام هي:
1- المجموعة الأليفاتية Aliphatic Amino Acids مثل: جلايسين، ألانين ، فالين ، ليوسين، سيرين ، سيستين ، ميثيونين، لايسين، الخ..
2- المجموعة الحلقية Aromatic Amino Acids مثل : فينيل ، الانين، نيروسين.
3- مجموعة Heterocyclic Amino Acids مثل : البرولين والهيدروكسي برولين.
وتؤثر معادن الطين على معدلات تحلل البروتين تأثيراً كبيراً وذلك لقدرتها على امتصاص Adsorption البروتينات وكذلك الأنزيمات الفعالة في هدمها وتحللها.
ويدخل في تركيب المادة العضوية الجافة أيضاً بعض الأحماض العضوية مثل الستريك والاوكساليك والماليك كما يدخل في تركيبها بعض الأملاح مثل كاتيونات الكالسيوم والمغنزيوم والبوتاسيوم والحديد وأنيونات الفوسفات والكلوريد والسلفات والسيليكات وتختلف نسبة المركبات الداخلة في تركيب المادة العضوية حسب طبيعة المادة العضوية.
وتقدر هذه المركبات في المواد النباتية كما يلي:
المادة النسبة المئوية
كربوهيدرات نشويات وسكريات 1 - 5
سيليلوز 20 - 50
هيمسيليلوز 10- 28
بروتينات بسيطة ومعقدة 1 - 15
لفنين 10 – 30
زيوت وشموع وثانينات والمواد الملونة 1 - 8
ظروف التربة وتحلل المادة العضوية:
من أهم الظروف التي تحدد عدد ونوع الكائنات الحية الدقيقة الموجودة في التربة هي:
1- الحرارة: إن أفضل درجة حرارة لنمو معظم الكائنات الحية الدقيقة الموجودة في التربة هي أكبر بكثير من درجة حرارة التربة حتى في فصل الصيف لذلك فمن المتوقع ألا تصل الكائنات الحية الدقيقة إلى أعلى مستوى لنشاطها وبالتالي لاتستعمل إلا جزءً يسيراً من مصادر الطاقة المتوفرة في التربة.
ومن المعروف أن الحرارة تحدد سرعة التفاعلات الكيماوية والحيوية الحادثة في التربة إذ أن ارتفاع عشر درجات مئوية في درجة الحرارة من شأنه أن يزيد سرعة التفاعلات الحيوية (البيولوجية) إلى الضضعف أو ثلاثة أضعاف ورغم أن أنسب درجة حرارة للكائنات الحية الدقيقة تقع في حدود 35 م° فإن معظم هذه الكائنات تعيش في مدى كبير من الحرارة وتتأقلم مع تغيرات الحرارة التي تحدث في التربة.
2- الرطوبة: تعد الرطوبة عاملاً أساسياً يؤثر على إعداد ونشاط كائنات التربة الدقيقة ويمكن القول أن أنسب كمية من الماء لمعظم الكائنات الدقيقة هي في حدود 50-70% من السعة القصوى لحفظ التربة للماء أي في الحدود التي تتطلبها النباتات لنموها وإنتاجها. وتتحمل معظم الكائنات الحية الدقيقة مجالات كبيرة من تغير الرطوبة الأرضية فتضمن بذلك توزيعها رغم الاختلافات المؤقتة في الرطوبة الأرضية.
3- الحموضة : لدرجة الحموضة والقلوية في التربة أثر هام على نشاط وغزارة أنواع الكائنات الحية الدقيقة فيها فمن الملاحظ أن أعداد الفطريات إلى البكتيريا أكبر في الأراضي الحامضية منها في الأراضي المعتدلة. ويبدو أن أنواع الأكتينو مايستس تفضل أن يكون تفاعل الوسط الذي يعيش فيه بين 7-7.5 . بينما تفضل البكتيريا والبروتوزوا أن يكون تفاعل الوسط بين 6-8 أما أنواع الفطريات فإنها تفضل أن يكون وسط التفاعل في حدود 4-5 وعليه فإن أنواع الآزوتوباكتر Azotobacter لاتنشط عند كون تفاعل التربة PH أقل من 6 كما أن أنواع بكتيريا النترجة حساسة لدرجات الحموضة العالية . هذا وتعتبر الأراضي المعتدلة أو القريبة منها أنسب الأراضي لنمو ونشاط الكائنات الحية الدقيقة المختلفة.
4- التهوية: تحتاج الكائنات الحية الدقيقة كبقية الكائنات الحية إلى الأكسجين لنموها وتكاثرها لذلك فإنها تتأثر بتركيز بعض الغازات كالنتروجين وثاني أكسيد الكربون والأكسجين في الهواء الأرضي. وتحتاج هذه الكائنات إلى الأكسجين لعمليات الأكسدة وإلى ثاني أكسيد الكربون كمصدر للكربون في حالة الكائنات الذاتية التغذية وإلى النتروجين في حالة الكائنات المثبتة له. ويتطلب تحلل المادة العضوية في التربة توفر الأكسجين سواء بالنسبة للكائنات التي تؤكسد المركبات الحاوية على كربون أو المركبات الحاوية على نتروجين أو كبريت أو غيرها.
لذا فإن تهوية التربة بزيادة رطوبة التربة وقلتها نظراً لوجود علاقة عكسية بين الهواء والماء الذي يملأ الفراغات المسامية في التربة. وتشجع الظروف المائية كما هو الحال في الأراضي سيئة الصرف أو الأراضي ثقيلة القوام عمليات الاختزال المختلفة وتعمل على تراكم المادة العضوية بينما تحد تهوية التربة الجيدة من تراكم المادة العضوية وتساعد على سرعة تحللها كما هو الحال في الأرض الرملية غالباً.
5- الأملاح : تؤثر الأملاح المعدنية في التربة على نشاط الكائنات الحية الدقيقة من عدة نواحي ، فمن جهة تزيد الأملاح المعدنية النمو النباتي فتزيد بذلك كمية البقايا النباتية أو مصادر الطاقة للكائنات الدقيقة وبالتالي يزداد نشاط هذه الكائنات ويعتبر توفر بعض العناصر من جهة أخرى أساساً في عمل بعض أنواع الكائنات الدقيقة كما هو الحال بالنسبة إلى بكتيريا النترجة وحاجتها إلى توفر الكاسيوم هذا بالإضافة إلى ضرورة توفر عناصر أخرى كالنتروجين والفوسفور وغيرها لنمو وتكاثر الكائنات الحية الدقيقة.
ولاشك أن زيادة تركيز الأملاح المعدنية في المحلول الأرضي له أثر عكسي وضار على النباتات وعلى الكائنات الحية الدقيقة على السواء.
6- نسبة الكربون إلى النتروجين: يؤلف الكربون جزءً كبيراً من تركيب المادة العضوية ويرتبط ارتباطاً وثيقاً بمحتويات التربة من النتروجين لذا فإن لنسبة الكربون إلى النتروجين أثر محدد في تحلل المادة العضوية وفي إفادة النبات من النتروجين.
وتختلف هذه النسبة في البقايا النباتية وأنسجة الكائنات الحية الدقيقة فهي في الأتبان 90 إلى 1 أو أكثر وفي البقوليات والسماد البلدي بين 20 أو 30 إلى 1 وتتراوح في الأنسجة الجرثومية بين 4-9.1 إلى 1 وتكون هذه النسبة في أنسجة البكتيريا أقل منها في أنسجة الفطريات وتتوقف هذها لنسبة على عوامل مناخية معينة كالحرارة والأمطار فهي مثلاً في أراضي المناطق الجافة أقل منها في أراضي المناطق الرطبة وهي في أراضي المناطق الحارة أقل منها في أراضي المناطق الباردة فيما إذا قورنت مناطق لها نفس متوسط درجة الحرارة في الحالة الأولى ونفس معدلات الأمطار وفي الحالة الثانية ويقع متوسط هذه النسبة في المادة العضوية في الأراضي المحروثة بين 1:10 و 1:12.
وتميل هذه النسبة إلى كونها أضيق في الطبقات السفلية عنها في الطبقات السطحية. وتتضح أهمية نسبة الكربون إلى النتروجين في المادة العضوية في التربة نقطتين:
1- المنافسة على النتروجين بين النباتات والكائنات الحية الدقيقة عند إضافة مواد عضوية ذات نسبة عالية من الكربون إلى النتروجين في التربة.
2- المحافظة على مستوى المادة العضوية في التربة.
محتوى الأرض من المادة العضوي وعلاقته بالخصوبة:
يختلف مقدار ماتحتويه أرض ما من مادة عضوية تبعاً لعوامل عديدة نذكر منها على سبيل المثال:
1- نوع النباتات الموجودة
2- طبيعة الأحياء الموجودة في الارض
3- حالة الصرف والتهوية بالأرض
4- كميات الأمطار المتساقطة
5- درجة الحرارة
6- نوع وطبيعة عمليات الخدمة
فمثلاً الأراضي الواقعة تحت أشجار متساقطة الأوراق في جو بارد تستقبل مادتها العضوية من تلك الأوراق المتساقطة والتي تتركز في الطبقات العليا أو في السنتمترات الأولى من القطاع الأرضي، أما الأراضي الواقعة تحت الحشائش الطبيعية Grass land نجدها تستمد مادتها العضوية من جذور ليفية كثيفة موزعة بانتظام في قطاع الأرض وبعمق كبير جداً إلى حد ما. ومحتوى المناطق الجافة من المادة العضوية منخفض ويزداد عادة بعد إدخال الأرض تحت نظام الزراعة والري وقد أوضح كثير من العلماء علاقة عكسية بين محتوى الأرض من المادة العضوي وبين متوسط الحرارة السنوي ذلك لأن ارتفاع الحرارة يسهل ويسرع من تحلل المادة العضوية.
وللمادة العضوية فوائد عديدة بالإضافة إلى فوائد الدبال منها أن المادة العضوية تحافظ على القدرة التنظيمية للأراضي Buffering Capacity من خلال الهيدروجين المنطلق من المجاميع الكربوكسيلية كما وتؤثر على صلاحية الكثير من العناصر الغذائية عن طريق تغيير الخواص الطبيعية والحيوية والكيميائية خصوصاً التغير في حالات الأكسدة والاختزال كما هو الحال في الحديد والمنغنيز وغيرهما.
هذا وتختلف كمية المادة العضوية اختلافاً كبيراً بين أنواع الأتربة المختلفة فبينما قد لاتتجاوز الآثار في الطبقة السطحية لبعض الأراضي المعدنية قد تصل إلى 15% في الأراضي وتحت ظروف خاصة.
فبصورة عامة نجد أن الأراضي خشنة القوام تحتوي على كمية من المادة العضوية أقل من الأراضي الناعم القوام نظراً لأن كثافة النباتات النامية في الأراضي خشنة القوام أقل وتهويتها أحسن لأكسدة المادة العضوية السريعة ورشحها أسرع كما هو عليه في الأراضي ناعمة القوام.
ومن ناحية أخرى تزداد كمية المادة العضوية كلما زاد معدل الأمطار السنوي في المنطقة وذلك لزيادة النمو النباتي بزيادة معدل الأمطار لهذا فكمية المادة العضوية تكون قليلة في أراضي المنطقة الرطبة. كما أن انخفاض درجة الحرارة يساعد على تراكم المادة العضوية في حين أن ارتفاع متوسط الحرارة يقلل كميتها في التربة. ويرجع ذلك إلى أثر الحرارة في زيادة سرعة التفاعلات الكيماوية والبيولوجية الحادثة عند تحلل المادة العضوية. إلى جانب ذلك فإن الأراضي سيئة الصرف تكون بصورة عامة عالية الاحتواء على المادة العضوية والنتروجين إذا ماقورنت بالأراضي جيدة الصرف ولاشك أن قلة التهوية في الأراضي السيئة الصرف هي المسؤولة عن تراكم المادة العضوية والنتروجين فيها. ولابد هنا من ذكر أثر الحراثة وانجراف الطبقة السطحية سواء بالماء أو الرياح على كمية المادة العضوية إذ تقل المادة العضوية في الأراضي المحروثة بحوالي 30-6% منها في الأراضي غير المعرضة لعمليات الحراثة كأراضي المراعي والغابات كما أن انجراف التربة السطحية من شأنه أن يزيل نسبة كبير ة من المادة العضوية المتراكمة في هذه الطبقة.
فالمادة العضوية تشكل جزءً رئيسياً من الأراضي الخصبة Productive soils فهي إلى جانب تحسينها للخواص الطبيعية للأرض فإنها كمخزن لكثير من العناصر الغذائية اللازمة للنبات وخاصة عناصر الكربون والنتروجين إلى درجة كبيرة والفوسفور والحديد والكبريت بدرجة أقل.
وتتأثر صلاحية كثير من هذه العناصر في صورتها غير العضوية بالمادة العضوية نظراً للتفاعلات الكثيرة التي تتم بينهما، عموماً فإن الأراضي الموجودة في ساحة معينة تزداد خصوبتها بزيادة محتواها من المادة العضوية إلا أن الأراضي المنخفضة في محتواها العضوي ليست دائماً غير خصبة بدليل أن كثير من الأراضي الصحراوية المنخفضة في محتواها من المادة العضوية تكون ذات خصوبة عالية عند وضعها تحت نظام الزراعة إلا أنه يجب مراعاة المحافظة على محتوى مثل هذه الأراضي من المادة العضوية نظراً لانخفاضه المستمر مع الزراعة مالم يضاف النتروجين والمادة العضوية لها.
وتعتبر المادة العضوية مصدراً رئيسياً للنتروجين الذي ينطلق من المادة العضوية على صورة أمونيا ثم تتم أكسدته إلى نترات. ومن المرغوب فيه أن تتم هذه التغيرات بالسرعة المناسبة حتى يظل مستوى النترات مرتفع أثناء أطوار نمو النبات المختلفة وتتوقف صلاحية النتروجين العضوي للنبات على نسبة الكربون إلى النتروجين C/N Ratio في المادة العضوية على معدل تحللها.
فالكائنات الحية الدقيقة تعتمد على الكربون كمصدر للطاقة اللازمة لها وعلى النتروجين وعناصر أخرى لبناء أجسامها- هذه النسبة تكون كبيرة جداً في المواد النباتية الطازجة وأكبر من تلك التي في خلايا الكائنات الدقيقة – عموماً فإن الأحياء الدقيقة تؤقلم نشاطها بسهولة على المواد النباتية ذات النسبة 1:30 أو أقل . وعندما تكون هناك موارد ذات نسب أكبر من ذلك فإن الكائنات الدقيقة تبحث عن مصدر آخر للنتروجين في البيئة النامية بها أو أن تكاثرها يتحدد بمستوي النتروجين الموجود وبالتالي فإن نشاطها يقل حتى يتم تحلل بعض الخلايا الميكروبية لتشكل مصدراً إضافياً للنتروجين. ولذلك فإن قش الحبوب ذو النسبة 1:80 يتحلل ببطء في المراحل الأولى ويستهلك نتيجة لذلك كل النتروجين الصالح بالأرض وعندما يتحول الكربون الزائد إلى ثانية أكسيد الكربون وبالتالي تقل نسبة C/N فإن بعض النتروجين غير العضوي ينطلق إلى النبات للاستعمال. كما أن للمادة العضوية تأثيراً على تحبب الأراضي وتكوين البناء الثابت Stable Structure ومن ثم خدمة تلك الأراضي وتهويتها وقدرتها على حفظ الماء وكذلك مقاومتها للتعرية كلها تتحسن بفضل تأثير المادة العضوية.
ولاتحتوي جميع الأراضي على نفس النسبة من المادة العضوية فمع تحلل المادة العضوية فإن الدبال يتكون وجزءً من الدبال القديم يكون في مراحل مختلفة من المعدنة ويحدد التوازن بين هاتين العمليتين كمية الدبال الموجودة بالأرض عند أي وقت من الأوقات. ويتساوى معدل تكوين الدبال مع معدل معدنته عندما تقترب الأرض من النضج Maturity إلا إذا تغيرت الظروف البيئية. ولأن الأراضي تتكون تحت ظروف بيئية مختلفة وكذلك توجد أراضي عند مراحل متعددة من النضج فإن ذلك يؤدي إلى اختلاف محتواها من المادة العضوية ويتحدد الاتزان السابق الإشارة إليه بواسطة العوامل الآتية:
1- قوام الأرض
2- الطبوغرافيا التي تؤثر على التعرية والصرف
3- المناخ شاملاً لمعدلات الأمطار ودرجة الحرارة
4- طبيعة وكمية النباتات الطبيعية التي تتكون الأرض تحتها.
ففي الأراضي المستوية يحدث تجمع للمادة العضوي أكثر من تلك الموجودة على المنحدرات نظراً لتأثير التعرية في إزاحة الطبقة السطحية من الأراضي الموجودة على المنحدرات. وفي المنخفضات Depressions حيث يكون الصرف محدداً فإن معدل التحلل يكون بطيئاً ومن ثم يزداد التجمع Accumulation ويزداد التجمع تحت ظروف البرودة والرطوبة حيث تكون معدلات النمو مرتفعة والظروف غير مشجعة على التحلل مما يترتب عليه تجمع كميات كبيرة من الدبال، أما في الأجواء الرطبة الحارة فإن التجمع يكون قليلاً نظراً لزيادة معدلات التحلل ويلاحظ عموماً أنه بزيادة الحرارة 10 درجات مئوية فإن محتوى الأرض من المادة العضوية ينخفض بمعدل النصف أو الثلث، ويجب ملاحظة أن كمية من المادة العضوية بالأرض ذات أهمية أقل من نشاط تلك المادة العضوية، نتيجة لتحلل المادة العضوية، فإن ثاني أكسيد الكربون ينطلق منها باستمرار مكوناً لحامض الكربونيك الذي يعمل على إذابة الكثير من الصخور والمعادن بالأرض. كذلك فإن المادة النباتية الخضراء سريعة التحلل بالأرض وربما تعمل على تحلل المادة العضوية الموجودة طبيعياً بها ويزيد السماد الحيواني (البلدي) من محتوى الأرض من المادة العضوية عن السماد الأخضر Green Manure.
نسبة الكربون إلى النتروجينRatio C/N وعلاقتها بتحلل المادة العضوية:
إذا أضيفت إلى التربة أي مادة نباتية فإن سرعة انحلالها تتوقف على نشاط الأحياء الدقيقة، وهذا يتوقف بالتالي على كمية الآزوت المتوفرة. فإذا احتوت المادة النباتية الآزوت بكمية مناسبة بإن البكتيريا تستفيد من جسمها، أما إذا احتوي على كميات غير كافية من الآزوت فإن البكتيريا تستفيد عند ذلك من الآزوت الموجود في التربة مؤقتاً نظراً لتمثيل الجزء الذائب منه في أجسام الميكروبات والذي ينطلق ثانية بعد موت الميكروبات عند انتهاء التحلل. فإذا أضيف قش القمح مثلاً إلى الأرض ونسبة C/N به كبيرة وكانت الأرض فقيرة بالآزوت فإن الكائنات الدقيقة تستفيد من الجزء الموجود في التربة، فإذا زرعت التربة أثناء ذلك تظهر على المحصول المنزرع أعراض نقص الآزوت، وللتغلب على ذلك من الضروري إضافة الآزوت الذائب على صورة سماد بحيث يكفي لاحتياجات الكائنات الدقيقة وكذلك للمحصول المنزرع.
وعند قلب النباتات البقولية في التربة كسماد أخضر فإنها تمد كل من الكائنات والنباتات الحية المزروعة بالآزوت ويلاحظ أن نسبة C/N Ratio فيها بين 20-25 : 1 .
وكقاعدة عامة فإن المادة العضوية التي تحوي آزوتاً أقل من 1.5 % فمن المحتمل ألا ينطلق منها كمية الآزوت لذلك الموسم.
ويستفاد من تلك النقطة عند عمل السماد العضوي الصناعي Compost من مخلفات المزرعة التي تكون غالباً ذات محتوى ضعيف من الآزوت فلإسراع التحلل يضاف إلى المخلفات أسمدة آزوتية حتى تستمد الأحياء الدقيقة ما تحتاجه من الآزوت لبناء أجسامها كي تسعر عملية التحلل.
أهمية المادة العضوية في نمو المحاصيل:
تعتبر المواد العضوية مصدراً من المصادر الهامة للعناصر المعدنية فتنفرد هذه العناصر المعدنية بعد إتمام انحلال المادة العضوية وتصبح على صورة قابلة للاستفادة وعلى هذا تتوقف مقدرة الأراضي على الإمداد المستمر للعناصر الغذائية أساساً على محتواها من المواد العضوية.
وتعتبر المادة العضوية كذلك مصدراً لغذاء الكائنات الحية الدقيقة بالأرض. وتعطي المواد العضوية بما تحتوي من اللجنين والسيليلوز والنشا والسكريات والدهون والبروتينات الفرصة للإعداد الهائلة من الكائنات الأخرى المتطفلة عليها.
وتزيد المادة العضوية من قدرة الأراضي على احتفاظها بالماء، إذ أن المواد العضوية ماهي إلا غرويات تتشرب الماء، وعلى ذلك فإن إضافة المادة العضوية بطريق مباشر على صورة أسمدة أو غير مباشر كذلك بقايا المحاصيل بها تزيد من مقاومة مثل هذه الأراضي للجفاف.ولاتزيد إضافة المادة العضوية إلى الأرض المنزرعة من نسبة الدبال فيها كثيراً لأن عمليات الخدمة المختلفة تعمل على أكسدتها، ويمتاز سطح الأرض غالباً بمقدرته الكبيرة على الاحتفاظ بالماء نظراً لوجود المادة العضوية به بنسبة مرتفعة. كما يجب أن تجري العمليات الزراعية بطريقة صحيحة للمحافظة على المادة العضوية بالأرض والتي تعتبر كمخزن للعناصر الغذائية.
وتساعد المواد العضوية على تحسين بناء الأرض وتكوين الحبيبات المركبة مما يؤدي إلى تحسين التهوية وسهولة رشح المياه وزيادة المساحة التي تشغلها الجذور عن طريق خفض مستوى الماء الأرضي، كما تحمل الحبيبات الغروية كثيراً من الشحنات السالبة مما يزيد قدرة مثل هذه الأراضي على امتصاص العناصر الغذائية وبالتالي تزيد من خصوبة الأراضي.
تكون الدبال في التربة:
يتكون الدبال نتيجة تحول البقايا النباتية تحت تأثير الفعاليات الحيوية للأحياء الدقيقة وتشارك هذه الأحياء في جميع مراحل تكون الدبال ويساعد في ذلك العدد الهائل من الأحياء الدقيقة Microflora التي توجد في التربة وتعتبر البقايا النباتية الكلوروفيلية الخضراء المادة الأساسية من حيث الكمية في تكون الدبال وتجري عملية تحول هذه المواد تحت تأثير الفعالية الحيوية للأحياء الدقيقة في عدة طرق:
أ- التمعدن الكامل Mineralization وتكون المركبات البسيطة مثل الأمونيا والماء وثاني أكسيد الكربون والأملاح البسيطة الأخرى والتي تشارك فيما بعد مرة أخرى في عمليات تغذية الأحياء ذاتية التغذية (الاوتوتروفية Autotrophic).
ب-تكون المواد العضوية الجديدة لأجسام الأحياء الميكروبية (التمثيل الميكروبي Microbial synthesis) وبعد الموت والانحلال الذاتي للأحياء الدقيقة تتعرض هذه المواد مرة أخرى للتحولات اللاحقة.
ت-تكون المادة الدبال الخاصة وبالدرجة الأساسية من النواتج الوسيطية لعمليات التفسخ وتكون الدبال.
تتكون المواد النباتية المختلفة من عدد من المركبات والتي تختلف فيما بينها في التركيب الكيماوي الكربوهيدرات (كالسكريات الأحادية والثنائية المجمعة) والبروتينات واللجنين والمواد الدباغية والدهون والشموع والأصماغ وغيرها من المركبات الأخرى. وتختلف نسبة المجاميع الأساسية لهذه المركبات في الأحياء الدقيقة اختلافاً كبيراً. فالبكتيريا تتميز باحتوائها على كمية كبيرة من البروتينات كما أن النباتات البقولية والتي هي من ضمن النباتات الراقية تعتبر غنية بالبروتينات ، أما الأشجار فتحتوي على كمية قليلة جداً من البروتين. وتمثل الكربوهيدرات واللجنين الكتلة الأساسية للمادة الجافة في النباتات الشجرية والأعشاب أما الأشجار الصنوبرية فتتميز فتتميز باحتوائها على كمية كبيرة من المواد الدباغية.
وتختلف مجاميع المواد الكيميائية المختلفة عن بعضها البعض إلى درجة كبيرة في مقاومتها للفعل التفسخي والتحطمي (تحلل) من قبل الأحياء الدقيقة. فبالنسبة للكاربوهيدرات نجد أن سرعة تفسخها (تحللها) تقل كلما ازداد تعقيد تركيب جزيئاتها وتترتب حسب سرعة التفسخ (التحلل) بالشكل التالي: الجلوكوز – النشا – السليلوز- أما اللجنين فيتميز عن الكاربوهيدرات بكونه ذو مقاومة كبيرة للتفسخ والتحلل أما بروتينات البقايا النباتية فتتفسخ بسرعة، ولكن نواتج تفسخها تستعمل من قبل الأحياء الدقيقة والتي تقوم بتفسيخ الكربوهيدرات وتكوين بروتينات البلازما (Plasma) ويطلق على ذلك بالتكوين الجديد. وكنتيجة لذلك فإن نسبة اللجنين والبروتين ستزداد نسبياً في الجزء المتبقي بعد التحلل من المواد النباتية.
إن الارتفاع النسبي للجنين والبروتين للمواد المتحللة وكذلك وجود بعض التشابه في تركيبها الهيكلي مع المواد الدبالية. كانا أساساً لظهور المفهوم عن الدبال (هيومس) كمعقد لجنو – بروتيني Lingano – protein الذي تكون نتيجة تفاعل اللجنين والذي احتفظ بكيانه أثناء عملية التفسخ مع البروتين الجديد لبلازما الميكروبات.
وحسب المعطيات الحديثة عن طبيعة المواد الدبالية، إنها عبارة عن مركبات معقدة مجمعة Complex Polymers والمكونات الأساسية هي المركبات العضوية العطرية (الحلقية) والمركبات النتروجينية. ومن المخطط التالي نجد أن طرق تكون مكونات المواد الدبالية هي:
أ- نواتج الانحلال والتفسخ للأنسجة الميتة، كالمواد ذات الطبيعة العطرية مثل : المجمعة والكينونات المتكونة نتيجة تفسخ اللجنين والمواد الدباغية.
ب-نواتج التبادل والتمثيل الحيوي وإعادة التكوين من قبل الأحياء الدقيقة التي تستعمل الكربوهيدرات والبروتينات مصدراً للطاقة والبناء ومثل هذه النواتج الحوامض الأمينية والبروتينات والسكريات الأمينية والمركبات العطرية.
أنواع الدبال:
يقسم الدبال حسب الأساس الذي يعتمد في التقسيم إلى أنواع متعدد كالتالي:
أولاً: حسب تأثير المذيب القلوي (كما هو مفصل فيما بعد بالأحماض الدبالية). عند معاملة المادة العضوية الموجودة في التربة بقلوي مركز ساخن مثل ماءات الصوديوم ( أو أي مذيب آخر) فيلاحظ أن قسماً منها يذوب، بينما يبقى جزء آخر بدون ذوبان. ويطلق على الجزء الذائب والذي يمكن فصله بالترشيح اسم دبال متدبل وتبلغ نسبته عادة 75% من الدبال وهو قابل للأكسدة وفعال كيماوياً.
أما الجزء غير الذائب ويشكل حوالي 25% من الدبال فيسمى دبال غير متبدل Humin وهو غير فعال كيماوياً.
ثانياً:حسب درجة تشبع الدبال بالقواعد وهو عدة أقسام:
1- دبال مشبع: يتكون من المناخ الجاف ونصف الجاف وهو متعادل أو قلوي التأثير جيد التهوية فإذا كان الكالسيوم هو الكاتيون السائد سمي بالمول الجيري Calcium Mull .
2- دبال غير مشبع: وهو يتكون من المناخ الرطب، ومن صفاته أن تحلله ضعيف، حامضي التأثير وهو يقسم إلى قسمين:
أ- إذا تكون تحت غابات ذات أوراق عريضة فيسمى بالمول الحامضي Acid Mull وتكون نسبة الكربون إلى النتروجين بين 15-20.
ب-إذا تكون تحت غابات صنوبرية فيسمى بالمور Mor ونسبة الكربون إلى النتروجين تتراوح بين 20-40.
وهناك نوعاً آخر من الدبال ينشأ على الأتربة العشبية البودزولية ويسمى Moder وهو عبارة عن نوع انتقالي بين المول والمور. أي دبال متوسط التحلل.
ثالثاً: حسب نوع الأرض ويقسم إلى :
1- دبال أراضي الغابات: ونسبة اللجنوبروتين فيه مرتفعة بينما تكون نسبة الكربوهيدرات منخفضة.
2- دبال أراضي البراري: ونسبة اللجنوبروتين فيه منخفضة بينما يرتفع فيه نسبة الكربوهيدرات.
أحماض المواد الدبالية (تركيب الدبال):
تلعب الأحماض الدبالية دوراً هاماً في تحديد خواص المادة العضوية وتأثيراتها الطبيعية والكيميائية في الأراضي. وقد أوضحت الدراسات العديدة الخاصة بطبيعة ومصدر وتكوين الأحماض الدبالية إن تلك الأحماض مكونة من هيكل أساسي عبارة عن مجاميع فينولية متكاثفة ومؤكسدة Oxidatively Polymerized- Phenolic units وأن الأحماض الأمينية، والببتيدات وبعض المواد العضوية الأخرى مرتبطة بهذه الوحدات الفينولية.
ولأن اللجنينات تتكون من وحدات فينولية وتشكل جزءً كبيراً من تركيب النبات ومقاومة للتحلل ولذلك فإنها عموماًَ تعتبر المصدر الرئيسي للوحدات الفينولية والتي منها يتم تخليق الأحماض الدبالية والتي رغم وجود تلك الوحدات في تركيبها كما في اللجنين إلا أنهما يختلفان كثيراً وفي أوجه عديدة وأهم تلك الفروق هي:
1- زيادة نسبة النتروجين في الأحماض الدبالية عنها في اللجنين.
2- نقص في كمية الوحدات الفينولية الناتجة عن تحلل الأحماض الدبالية عن اللجنين ويجدر القول أيضاً أن كثيراً من الوحدات الفينولية الداخلة في تركيب الأحماض الدبالية لاتشابه تلك الموجودة في اللجنين ومن ثم فقد اتجه الرأي إلى أنها وحدات تم تخليقها بواسطة الأحياء الدقيقة الأرضية.
والمواد الدبالية عموماً تتكون من عدد من المركبات ذات الأوزان الجزيئية العالية والطبيعية الحامضية وجزء كبير منها يرتبط بمختلف الروابط بجزء التربة المعدني.
لذا فإن فصلها من التربة وتجزئتها يجريان بواسطة مختلف المذيبات والتي تقوم بتحطيم هذه الروابط وقبل كل شيء تحرير التربة من الكالسيوم وذلك بمعاملتها بحامض الكبريتيك.أي عملية انتزاع الكالسيوم Decalcination ويمكن وضع مخطط لتجزئة Fractionation المواد الدبالية والمبنى على أساس لون هذه المواد وعلاقتها بالمذيبات كما يلي:
1- حوامض الهيوميك Himic Acids.
2- حوامض الفولفيك Fulvic Acids.
3- الهيومين
حوامض الهيوميك:
تمثل حوامض الهيوميك مجموعة المواد الدبالية التي تستخلص من التربة بالمحاليل القلوية (أو المذيبات الأخرى) بشكل محاليل داكنة اللون بهذه الدرجة أو تلك (هيومات الصوديوم والأمونيوم والبوتاسيوم) والتي تترسب بالمحاليل الحامضية بشكل راسب جيلي غير متبلور Gel. وتتصف حوامض الهيوميك المستخلصة من مختلف الأتربة بالتركيب العنصري التالي:
كربون 50-62% أوكسجين 31-40%
هيدروجين 2.8-6 % نتروجين 2-6%
ويفسر التفاوت في التركيب الكيماوي العنصري لحوامض الهيوميك على أساس أنها لاتمثل من الناحية الكيماوية حوامض محددة كما أنها ليست ذات تركيب بنائي ثابت ومحدد، بل إنها مجموعة من المركبات ذات الأوزان الجزئية العالية المتماثلة في تراكيبها وصفاتها وقد وجد عند تحليل sol حوامض الهيوميك العناصر التالية: الفوسفور – الحديد – السيليكون – الألمنيوم والكبريت بكمية 1-10% اعتماداً على درجة تفاوتها بالإضافة إلى العناصر الرئيسية التالية: كربون، هيدروجين ، نتروجين، أكسجين.
وتصنف المواد الهيوميكية كحوامض بسبب وجود مجاميع الكربوكسيل فيها COOH ولمعلقات الحوامض المائية (Water Suspensions) درجة تفاعل 3.
إن قابلية هيدروجين المجاميع الكربوكسيلية وبدرجة أقل المجاميع الهيدروكسيلية على التبادل مع الإيونات الموجبة تحدد إلى درجة كبيرة السعة التبادلية الكاتيونية.
الصفة الطبيعية لحواض الهيوميك:
ومن المميزات الطبيعية لحوامض الهيوميك تنوع حجم دقائقها وعدم تجانسها من حيث تفاصيل بنائها التركيبي، وبسبب هذه الميزات والصفات أصبح تحديد الوزن الجزيئي لحوامض الهيوميك معقد جداً.
إن أملاح حمض الهيوميك لعناصر القواعد الأحادية التكافؤ مثل البوتاسيوم والصوديوم والأمونيوم والليثيوم تكون ذائبة أو بالأصح ذات انتشارية عالية وتكون محاليل غروية من الزول Gol ذات لون داكن من بني فاتح إلى بني غامق إلى أسود تقريباً. أما حوامض الهيوميك الحرة وأملاحها مع الأيونات الموجبة الثنائية والثلاثية التكافؤ فتكون غير ذائبة وتوجد بهيئة جيل Gel.
وفي التربة ترتبط حوامض الهيوميك بالدرجة الأساسية مع الكالسيوم والمغنزيوم لذا تفقد قابليتها على الانتقال في قطاع التربة وتتجمع معظم كمياتها في الطبقات العليا. وتمثل حوامض الهيوميك أهم جزء في الدبال (هيومس Humus) وذلك لأن لها سعة تبادلية عالية بالنسبة للأيونات الموجبة، كما أنها تلعب دوراً مهماً في خلق بناء التربة المهمة من الناحية الزراعة. ولحوامض الهيوميك قيمة عظيمة من حيث أنها تمثل مصدراً احتياطياً للمواد المغذية للنبات وخاصة الآزوت.
حوامض الفولفيك Fulvis Acids:
يطلق اسم حوامض الفولفيك على المواد الدبالية ذات اللون الأصفر أو الأحمر الخفيف والتي تبقى في المحلول بعد تحميض Acidiflcation المستخلص القاعدي وترسيب حوامض الهيوميك منه. واسم حامض الفولفيك مرتبط بلونه من الكلمة اللاتينية فولفوس (Fulvus) والتي تعني أصفر وكما هو الحال لحوامض الهيوميك فإن حوامض الفولفيك تمثل مجموعة من المركبات ذات الأوزان الجزيئية العالية المتشابهة في بنائها التركيبي.
يختلف التركيب العنصري لحوامض الفولفيك عن التركيب العنصري لحوامض الهيوميك بكون المجموعة الأولى تحتوي على نسبة أقل من الكربون والنتروجين ونسبة أكبر الهيدروجين والأكسجين كما هو واضح من المعطيات أدناه.
كربون 44-49 % أوكسجين 44-49 %
هيدروجين 3.5-5 % نتروجين 2-6 %
ونسبة الكربون إلى الهيدروجين C/H لحوامض الفولفيك تكون دائماً أضيق بالمقارنة مع حوامض الهيوميك، كما أن مقدار الرماد في حوامض الفولفيك يصل إلى 7-10%,
وتتميز حوامض الفولفيك بأنها أكثر حباً للماء Hydrophilic من حوامض الهيوميك بسبب اتساع نسبة المجاميع الأليفاتية إلى المجاميع العطرية فيها حيث تحمل المجاميع الأليفاتية الصفات المحبة للماء بينما المجاميع العطرية فتحمل الصفات الكارهة للماء Hydrophobic ونجد مجاميع الكربوكسيل COOH والهيدروكسيل الفينولية OH ضمن المجاميع الفعالة في حوامض الفولفيك، هذا بالإضافة على أن حوامض الفولفيك المستخلصة من التربة تحتوي على مجاميع الميثوكسيل OCH3 وبكميات كبيرة قد تصل على 5-7%.
وحوامض الفولفيك ذائبة في الماء أو بالأصح غروية ودرجة تفاعل حوامض الفولفيك المنقاة بالتحليل الكهربائي Elector dialysis وذات الحموضة الكلية 0.005-0.006 مكافئ تقع بين 2.6-2.8 وعلى هذا الأساس تعتبر حوامض الفولفيك من الحوامض العضوية القوية. بينما زول حوامض الهيوميك ذو التركيز المشابه لتركيز حوامض الفولفيك المذكورة له درجة تفاعل 3.7.
وقد تجمعت في السنين الأخيرة معلومات تشير على الرابطة القوية بين حوامض الهيوميك وحوامض الفولفيك وتختلف هذه المجموعة من الحوامض عن بعضها البعض من حيث التركيب العنصري ودرجة انتشارية دقائقها ودرجة تكثفها الضوئية وحساسيتها للتخثر بالإلكترولينات.
ولقد تبينت إمكانية التحول التدريجي لحوامض الفولفيك إلى حوامض الهيوميك والعكس بالعكس أي أنه يمكن اعتبار حوامض الفولفيك أشكالاً أولية لحوامض الهيوميك أو نواتج تحطمها.
الهومين Humin:
الهيومين هو ذلك الجزء من المواد الدبالية الخاصة والذي لايستخلص من التربة بالمحاليل القاعدية حتى بعد تحرير التربة من الكالسيوم.
وقد أصبح ممكناً الآن استخلاص الهيومين بصورة كاملة بطريقة المعاملة المتناوبة بالحامض والقاعدة.
والهيومين عبارة عن معقد من المواد الدبالية مشابه للمعقد المستخلص بالقاعدة بصورة مباشرة من التربة المغسولة من الكالسيوم، أي أنه يتكون من حوامض الهيوميك والفولفيك و تختلف حوامض الهيوميك في الهيومين عن حوامض الهيوميك الاعتيادية بكونها تحتوي على نسبة أخفض من الكربون ونسبة أعلى من الأكسجين والهيدروجين. وتكون حوامض الهيوميك والفولفيك في الهيومين ذات درجة عالية من التجمع Polymerization والتراص Compactness مما يعطيهم المقاومة الكافية لفعل القواعد.
وعموماً يمكن القول بأن الدبال بمكوناته المختلفة مادة غير قابلة للذوبان في الماء ورغم أن بعضه يصبح في حالة غروية عند إضافة الماء إليه ولكنه يذوب لدرجة كبيرة في محاليل قلوية خفيفة وقد يذوب بعض منه في محاليل حامضية.
ويختلف بناء مادة الدبال حسب طبيعة المواد المؤلفة له ومرحلة التحلل التي وصل إليها، فالدبال بطبيعته مادة مسامية قليلة التماسك والتلاصق إذا قورنت بالغرويات المعدنية ذو قابلية كبيرة لحفظ الماء وبالتالي للانتفاخ والانكماش. ويعود ذلك إلى الطبيعة الفيزيائية والكيميائية للمركبات الداخلة في تركيبه.
دبال التربة :
تنشأ نواة الدبال Humus – Nucleus في التربة من انحلال كل ما يتواجد فيها من مواد عضوية كبقايا الأجزاء النباتية (الجذور والسوق الأوراق) ومخلفات الحيوانات والحشرات والكائنات الدنيا (روث وأجسام ميتة). وأنواع الأسمدة العضوية المختلفة إلا أن دبالها Humus يطلق عادة على مجموع موادها العضوية بعد أن تستقر نوعاً ما أو تصل إلى حال من التجانس بفعل الميكروبات. حيث يحتوي على نحو 45% من المركبات اللجنينية و 35% من المواد البروتينية و 11% من المواد الكربوهيدراتية و 3% من الدهون والشموع والراتنجيات و 6% من المواد العضوية الأخرى، هذا بالإضافة إلى مايحمله من قواعد التربة وتبلغ نسبة الكربون إلى الآزوت 10-14 : 1 وهو بالطبع لايوجد في حالة توازن (ستاتيكي ثابت Static Equilibrium بل يوجد في حالة توازن ديناميكي (متحرك) Dynamic Equilibrium إذ يتزايد باستمرار من ناحية بورود مواد عضوية جديدة آلية ويتناقض من ناحية أخرى بالانحلال.
ويختلف تركيب دبال التربة بطبيعة الحال باختلاف اللجنينات والبروتينات التي يتألف منها وباختلاف الأصول القاعدية التي تتصل به من حيث أنواعها ونسبها وهو يتغير من تربة إلى أخرى تبعاً لظروف البيئة وأحوال الجو لأنه خاضع في تكوينه للحرارة والرطوبة والتهوية وأسلوب الزراعة ونوع المزروعات وغير ذلك من العوامل، وأي اختلاف في عامل أو أكثر من هذه العوامل سوف يؤدي حتماً إلى تغير في تركيبه وبالتالي تغير نسبة الكربون إلى النتروجين (الآزوت) ومايقال عن الدبال في تربة ما وأخرى يمكن أن يقال عنه في طبقة وأخرى في نفس التربة.
ويرجع ماهو معروف عن تأثير الدبال في خواص التربة إلى طبيعة صفاته وتركيبه فهو لقتامة لونه التي قد تصل إلى درجة السواد يكسب التربة لوناً بنياً قاتماً يتدرج نحو السواد تبعاً لدرجة انحلاله ولما كانت حرارته النوعية تبلغ نحو ضعفي الحرارة النوعية للطين وزناً بوزن فإن يحتفظ بحرارة التربة التي تساعد على إنبات ونمو المحاصيل، والدبال غروي محب للماء ويؤلف مع الطين ( والطين أهم الغرويات المعدنية بالتربة) وحدة واحدة تسمى بالمعقد الغروي. Colloidal Complex وهو يمتص من الماء مايساوي بالنسبة لوزنه 25 مرة بينما يمتص الطين أكثر من ثلثي وزنه من الماء ولهذه الخاصية أهمية كبرى في احتفاظ الأرض بمائها أثناء الجفاف. والتربة الطينية يعود أكثر عيوبها إلى استقلال حبيباتها (تفرق) عن الأخرى مع اندماجها وضيق مسامها. ولكن الجير يكون مع الدبال، وخاصة مايغلف حبيبات التربة، راسباً مجمعاً يربط كل جماعة من تلك الحبيبات ويلحمها ببعضها البعض الآخر فتتسع مسامها ويصبح صرفها ميسوراً ومرور الهواء فيها سهلاً وانتشار الجذور في طبقاتها هيناً. أما التربة الرملية فتفككها الزائد وسرعة تسرب الماء منها هي أهم عيوبها والدبال يتوزع ويبطن مابينها من قنوات فإذا ما امتص الماء وانتفخ زال مابها من عيوب.
وقدرة الدبال على تجميع حبيبات التربة Aggregation لاتتوقف في الواقع على صفاته الغروية وحدها ولكن ترجع أيضاً إلى أنه مرتع خصيب للميكروبات التي تكون مواد مخاطية تعمل على ربط الحبيبات بجانب ماتعمله الخيطية الشكل منها وعلى الأخص الفطريات.
والدبال يساهم مع الطين في تحديد سعة التربة للقواعد المتبادلة وأثره في ذلك أبلغ من أثر الطين فسعة الجرام الواحد التبادلية من الدبال للقواعد تتراوح بين 2.5 – 5 مكافئات ملجرامية Milligram Equivalents أما سعة جرام الطين التبادلية فهي في المتوسط 0.65 من المكافئ المليجرامي. ولما كان خصب التربة يتناسب مع سعتها التبادلية لتلك القواعد فإنه يتناسب أيضاً مع الدبال الذي يساهم بنصيب كبير في تحديد هذه السعة.
والدبال وبعض مكوناته يعمل كحامض ضعيف يقوم مع الهيومات Humate بتنظيم حموضة التربة وقلويتها Buffer Action ولهذا أهميته الكبرى في انتظام حياة النباتات .
كما ويعتبر الدبال مخزناً للأغذية النباتية المدخرة التي تخرج منه شيئاً فشيئاً على أصلح صورة تلائم المزروعات التدريجي البطيء ، وثاني أكسيد الكربون الناتج عن انحلاله فضلاً عن أنه مصدراً للكربون اللازم للنبات فإن يزيد قدرة الماء الأرضي على إذابة الأغذية النباتية المختلفة كالفوفسفور والبوتاسيوم والحديد والكالسيوم والمنغنيز والزنك والمغنزيوم وغيرها من العناصر الموجودة في أصولها الصخرية في التربة.
كما ويعتبر الدبال مهداً للميكروبات النافعة ومصدراً لجهدها وغذائها وهذه الأحياء لايقتصر نفعها على ماهو مشهور في أعمال التأزت أو تثبيت الأزوت الجوية في التربة بل ويمتد إلى تحول بعض العناصر إذا كانت في صورة مركبات عضوية أو غير عضوية غير صالحة للامتصاص النباتي إلى الصورة الصالحة، كما قد يمتد إلى تشجيع نمو الميكروبات المضادة للفطريات والبكتيريا والديدان الأسطوانية (النيماتودا) المسببة للأمراض، كما أن الدبال يحتوي على مواد تسمى بالأوكسينات Auxines (محفزات النمو) يظهر أنها مفرزات للميكروبات ويقال أن بينها وبين الفيتامينات والهرمونات ترابطاً ذا علاقة وثيقة بنمو النباتات .
أهمية الدبال في خصوبة التربة:
- إن دور الدبال في خصوبة التربة عظيم ومتعدد الجوانب وسوف نشير هنا إلى ثلاثة نقاط فقط.
1- تحتوي المواد الدبالية في نواتها وفي سلاسلها الجانبية على النتروجين وعلى مجموعة من العناصر (الكالسيوم، البوتاسيو، الكبريت، الفوسفور وغيرها). التي لها أهمية غذائية كبيرة بالنسبة للنباتات. وعند تحلل (تفسخ هذه المواد تتحرر العناصر الغذائية المذكورة وتصبح جاهزة ومتيسرة للنباتات، وعلى هذا الأساس يعتبر الدبال مصدراً غذائياً احتياطياً. كما يتصف الدبال بقدرته العالية على الاحتفاظ بالماء.
2- تمتلك المواد الدبالية قابلية امتصاصية عالية للأيونات الموجبة بفضل وجود المجاميع الوظيفية الفعالة فيها، وفي هذه الحالة تكون حوامض الهيوميك مع الكالسيوم والمغنغنيز وأكاسيد الحديد والألمنيوم مركبات ثابتة غير متحركة وغير قابلة للغسل (بينما تلعب حوامض الفولفيك دوراً معاكساً يساعد في نقل العناصر القاعدية من التربة).
3- تقوم حوامض الهيوميك بلصق وربط دقائق التربة المعدنية بعضها ببعض بفضل صفاتها اللاصقة مكون مجاميع التربة Soil Aggregates والتي تلعب دوراً مهماً في تحسين بناء التربة والصفات الفيزيائية لها (كما وأن الدبال ينتج مواد منشطة للنمو Growth promoting substabces .
يتضح مما ذكر أن حوامض الهيوميك أكثر أجزاء الدبال قيمة كما أن الأتربة الغنية بالدبال الغني بحوامض الهيوميك تملك طاقة خصوبية عالية بالمقارنة مع الأتربة الفقيرة به.
إن مقاومة الدبال لعمليات التحلل (التفسخ) لايعني طبعاً أنها لاتتحلل من قبل الأحياء الدقيقة. وإن تميز كل تربة بكمية معينة وثابتة ولفترة طويلة من المواد العضوية يشير إلى التوازن الديناميكي للعمليات المتعاكسة تكون الدبال وتحلله المحددة بالظروف الطبيعية لعملية تكون التربة في منطقة معينة. وعند تغير هذه الظروف يحدث تغير في كمية الدبال وفي تركيبه. ومجاميع الأحياء الدقيقة التي تستطيع أن تحلل حوامض الهيوميك متنوعة جداً كما أن أهمية هذه المجاميع غير متساوية. وبعض الأحياء الدقيقة على مايبدو تستعمل المجاميع الجانبية فقط لحوامض الهيوميك (فطريات العفن، الفطريات الشعاعيةن البكتيريا المختزلة للبكتيريات والأكتينومايسيتس). أما البعض الآخر فله القابلية على تحلل نواتها العطرية الرئيسية، وتعتبر الأخيرة محضرات حقيقة لعملية تحلل الهيوميك ، ويصبح المظهر الخارجي للوسط الغذائي الذي يحوي حوامض الهيوميك كمصدر للطاقة عديم اللون.
تأثير فعاليات الإنسان الزراعية على كمية الدبال في التربة:
إن تبدل فعاليات الإنسان الزراعية يمكن أن تؤثر على التوازن بين عمليات تكون وتحلل الدبال. حيث أن حراثة التربة تزيد من تهوية التربة وتبعاً لذلك تزيد من شدة عمليات التفسخ والتحلل البيولوجي وهذا يؤدي إلى إسراع وتعجيل تفسخ المواد العضوية. لذلك فإن حراثة وزراعة الأراضي البكر يؤديان في السنين الأولى إلى خفض نسبة الدبال في الطبقة السطحية.
هذا من جهة، ومن جهة أخرى فإن المحاصيل تغني التربة ببقايا الجذور والأوراق والسيقان ويعتبر هذا مصدراً للتكوين الجديد للدبال، ومقدار ما يتراكم من الدبال في هذه الحالة يعتمد على كمية البقايا النباتية وتوزيعها في التربة وخصائص التحلل له. وتعتبر الأسمدة العضوية (روث الحيواناتن البيت Peat السماد العضوي المتحلل Compost ، الأسمدة الخضراء مصدراً للمواد العضوية في التربة. وقد وجدت أكبر كمية من الدبال في التربة المزروعة بالبرسيم ذو المجموعة الجذرية الكبيرة وأقل كمية في التربة المزروعة بالشعير والنباتات الحولية.
كمية الدبال في الأرض:
يوجد الدبال في الأراضي بنسبة تتراوح بين الصفر و 90% وتكون كميته منخفضة في الأراضي الجافة والحارة والرطبة، وعالية في الأراضي الرطبة الباردة. وتعتبر الأراضي فقيرة في المواد العضوية إذا قلت نسبة الدبال عن 3% وغنية إذا احتوت من 5-10% وتعتبر دبالية إذا زادت عن 20% ويوجد الدبال عادة بأعلى نسبة على السطح ويقل تدريجياً في عمق التربة، وهذا التوزيع طبيعي في أراضي المناطق المعتدلة والحارة، أما في أراضي البودزول فإن أعلى نسبة من الدبال تكون في أفق.
والأراضي السورية عموماً فقيرة بالدبال عدا الأراضي الواقعة في منطقة الغاب وتحت الغابات ، ويرجع السبب في ذلك إلى أن فصل النمو قصير نسبياً في سوريا وتتركز الأمطار في أقل من 6 أشهر، ولذلك فتحلل المادة العضوية أسرع من تراكمها.