الإشعاع خطير حتى بجرعات متدنية
يفيد تقرير حديث لمجلس الأبحاث الوطني (NRC) في الولايات المتحدة الأمريكية بأنه على الرغم من قلة مخاطر الإشعاع بجرعاته المتدنية فلا يوجد له مستوى للأمان . وقد أضحت تلك النتيجة أكثر قوة من خلال السنوات الخمس عشرة الماضية , على حد قول لجنة المجلس ,نابذة الإفتراض بأن الكميات الضئيلة من الإشعاع تكون غير مؤذية أو حتى مفيدة .
إن خطورة الإشعاع المنخفض السوية تحمل مضامين اقتصادية هائلة لكونها تصيب معايير حماية العاملين في القطاع النووي وفي قطاع تنظيف النفايات النووية . ولقد قامت لجنة التأثيرات البيولوجية للإشعاع المؤين (BEIR VII) بفحص جرعات إشعاعية في درجة 0.1 سيفيرت(SV) أو أقل (وهي درجة تعادل حوالي ضعفي الحد السنوي للعمال وأربعين ضعف الكمية الطبيعية الأساسية التي يتعرض لها الشخص بالمتوسط في كل عام).
وبالنسبة للأمريكان النمطيين. فإن 82 % من حالات التعرض تنجم عن المصادر الطبيعية كغاز الرادون المتسرب من الأرض, أما المتبقي فهو بشري الصنع , وينتج في معظمه عن الإجراءات الطبية كأشعة X .
وفي تقريرها الأخير حول الموضوع في عام 1990 أجرت لجنة BEIR حسابا للمخاطرمن خلال رصد حالات السرطان و الجرعات الخاصة بالناجين من القنبلتين الذريتين اللتين ألقيتا على اليابان في الحرب العالمية الثانية . ويظهر أن الأخطار تتزايد خطيا مع الجرعة . وبالإستناد الى الدليل المتمثل بأنه بأنه حتى الرسيم track الوحيد من الإشعاع يمكنه تخريب الدنا DNA في الخلية , فقد استقرأت اللجنة هذه العلاقة وصولا إلى جرعات متدنية جدا بغية التوصل الى ما يعرف باسم الموديل الخطي العديم العتبة linear no-threshold model أو (LNT اختصارا) .
بيد أن بعض العلماء تحدوا هذا الموديل LNT , منوّهين بأن بعض الدراسات المخبرية و الوبائية توحي بأن القليل من الإشعاع ليس بضار بل يمكنه أن ينشط إنزيمات ترميم الدنا DNA وعمليات أخرى غيرها تقي من الهجمات اللاحقة , وهي فكرة تعرف بالإستنفارHormesis (سيانس, 17تشرين الأول 2003 ).
ولكن التقرير BEIR VII (المؤلف من712صفحة ) يرى أن الموديل LNT ما يزال صالحا . ونشير الى ان هذه اللجنة تمتلك أحدث المعطيات عن وقوعات السرطان لدى الناجين من القنبلة الذرية , كما تمتلك معلومات جديدة عن الجرعة . وكذلك ,أعاد أعضاء اللجنة النظر في دراسات جديدة على عاملين في الحقل النووي وعلى أناس تعرضوا للإشعاع الطبي , وقد دعم جميع هؤلاء رواية الموديل LNT . هذا ويتنبأ هذا الموديل بأن جرعة وحيدة بمقدار ( 0.1 –SV) قد تسبب سرطانا طيلة الحياة لشخص واحد من أصل 100 شخص . ويحذر التقرير بوجوب أنتؤخذ مخاطر كهذه بعين الإعتبار عندما يفكر الناس في تداول المسح التصويري المقطعي الطبقي المحوسب لكامل الجسم , باعتبار هذا المسح بدعة حديثة وهي تصوب جرعة إشعاعية تبلغ ( 0.012 sv) .
وفي نفس الوقت يذكر عضو اللجنة إيثيل جيلبيرت (وهو عالم مختص بالأوبئة في المركز الوطني للسرطان في بيتيسدا Bethesda في ماريلاند) قائلاً:"إننا لا نستطيع أن نحدد حقا درجة الخطورة فيما يختص أقل الجرعات" فلقد فحصت لجنة BEIR أحدث دليل للعتبة . ولكنها وجدت ان الدراسات البيئية , التي توحي بأن الناس في المناطق ذات المستويات الإشعاعية العالية في بيئاتها بشكل طبيعي لا توجد لديهم مستويات مرتفعة من المرض , هي دراسات محدودة النفع لأنها لا تتضمن قياسات مباشرة لحالات التعرض الإشعاعي . وكذلك استنتجت اللجنة أن الدراسات الحيوانية و الخلوية التي توحي بوجود فوائد أو وجود عتبة دنيا للضرر هي دراسات غير ملزمة بالرغم من وجوب اجراء المزيد من الدراسة على آليات "التأثيرات الاستنفارية " المحتملة .
يقول عالم السموم إد كالابريز من جامعة ماساشوستس , في أمهرست ,وهو مناصر صريح لفرضية الاستنفار , بأن اللجنة لم تفحص دراسات كافية , وأنه قد يكون من الأفضل لو تم تنظيم المزيد من التفاصيل بدلا من مجرد صرف النظر عن الاستنفار جملة و تفصيلا . أما رئيس اللجنة عالم الأوبئة في هارفارد ريتشارد مورسون فإنه يقر بأن السجال الطويل الأمد حول الموديل LNT لن ينتهي بهذا التقرير , منوها بأن بعض الخواطر سيتغير و بعضها الآخر لن يتغير.