الزرافة، أطول حيوان ثديي أرضي في العالم، وهي حيوان مجتر لبون من آكلات الاعشاب مشقوق الظلف من رتبة مزدوجات الاصابع، والزرافة لا تستطيع ان تأكل وتشرب الا اذا باعدت بين قدميها الاماميتين مسافة طويلة نظر لطولها الفاره، ويسبب لها هذا الوضع الصعب مشكلة مع الاعداء كالأسد مثلا الذي ينقض عليها وهي على هذه الوضعية.
وتعيش الزرافة في المنطقة الافريقية الممتدة من السودان والصومال حتى افريقيا الجنوبية ونحو الغرب حتى شمال نيجيريا وهي تتجنب الغابة لأن النباتات المكتظة قد تمنعها من الهرب في حالة الخطر، وتتميز الزرافة بجلدها المبقع بالبني او الاسود او الاصهب والذكر أطول من الانثى ويمكن ان يصل ارتفاعه الى خمسة امتار ويبلغ طول عنقها 180سم، وهذا ما يمكنها من التهام أوراق الشجر، وللزرافة لسان يصل طوله الى 30سم يمكنها من تنظيف أذنيها ورأسها، كما ان لها شفتين تتمتعان بقدرة كبيرة على التمدد.
وللزرافة خصمان رئيسان: الانسان والاسد، وإذا ما استشعرت خطرا، تطلق ساقيها للريح بسرعة تقترب من 48 كلم في الساعة فلا يكاد يلحقها أحد اذ تراوح خطوتها عندئذ بين خمسة امتار وسبعة.
الحمل والانجاب
والزرافة تعيش على شكل جماعات وهي تضع صغيراً واحدا بعد فترة حمل تراوح بين 420 و450 يوما، وتنجب وهي واقفة أي ان صغيرها يقع من ارتفاع مترين تقريبا. لكنه يولد عملاقا بطول مترين. ويراوح وزنه عند الولادة بين 47 و70 كلغ ويمشي بعد ولادته بساعة ويرضع لبن أمه وينمو بسرعة كبيرة ويبدأ بأكل الأوراق في وقت مبكر، وتأكل الزرافة بشكل عام من رؤوس اشجار الأكاسيا والكوميغورا، وتتميز بلونها الغريب الذي يميل الى اللون الرملي المبقع باللون البني الداكن الذي يتماشى مع البيئة.
وتعيش الزرافة نحو 25 أو 28 سنة ويعد تجاوز هذا العمر شيئاً قياسياً. ويبدو ظهرها منحدراً الى الاسفل لأن عضلات أرجلها الامامية متضخمة اكثر من الخلفية، وليس لأن أرجلها الامامية أطول من الخلفية كما يعتقد البعض، ورغم طول عنق الزرافة فإن به 7 فقرات عنقية فقط مثلها في ذلك مثل الفأر والارنب والانسان، في حين ان البط والأوز له 16 فقرة عنقية بينما نجد للعصفور الدوري الصغير 14 فقرة عنقية على صغر حجمه وقصر رقبته فسبحان الخالق!.
تحدي الجاذبية
وفي عالم الحيوان يعتبر العلماء ان الزرافة هي التحدي الأمثل للجاذبية فقبل ان تصل الطاقة الى الدماغ، لابد للدم ان يقطع مسافة مترين ونصف المتر بدءاً من القلب الموجود في وسط جسمها وهو عمل يقوم به القلب بشكل بارز نظراً لوزنه البالغ 12 كيلوجراما وهذا ما يجعله يضخ الدم بضغط يزيد على الضغط الشرياني عند الانسان بثلاث مرات وذلك كي يصل الى منطقة الدماغ، وكلما ارتفع الدم في رقبة الزرافة الطويلة تقل قوته تحت تأثير الجاذبية ولولا ذلك لانفجرت الأوعية الدموية الدماغية، ومن الناحية السفلى نلاحظ ان الجاذبية تقوم بسحب الدم بقوة لايصاله الى القوائم، الا ان الانسجة القوية التي تتكون منها الشرايين والأوردة، تحول دون تمزقها، يضاف الى ذلك بالطبع سمك جلد الزرافة، وقوة عضلاتها اللذان يعملان على الحيلولة دون تغير شكل الأوردة الدموية وتلفها، وعندما تحني الزرافة رأسها نحو الاسفل لتشرب، فإن التعاريج الموجودة في دماغها تمنع وصول الدم اليه بعنف وما ان ترتوي الزرافة وترفع رأسها ثانية حتى تتدخل الصمامات الموجودة في الأوردة، لكبح قوة اندفاع الدم من الدماغ تحت تأثير الجاذبية لبلوغ القلب بسرعة وهو ما يكفي كي يسبب صدمة للزرافة ودوخة، فسبحان الخالق! ونظرا لطول رقبة الزرافة فإنها لا تنام في اليوم الواحد الا تسع دقائق وليس على مرة واحدة بل على ثلاث مراحل، في كل مرة ثلاث دقائق.
ونظرا لغرابة تكوين جسمها، كان الأمراء في افريقيا يقدمون الزرافة على سبيل الهدية الى الملوك والسلاطين وقد وجدت رسومها قديما على المعابد والكهوف.
والغريب انه اذا انزلقت الزرافة ووقعت على الارض مع انفراج ساقيها، فإنها لا تستطيع القيام مرة اخرى ويمكن ان تظل هكذا الى ان تموت، وتستعمل معدتها كغسول للعين لمنع عتامتها.
بقاء مهدد
وقد انحسرت مناطق وجود الزرافة، في دول جنوب الصحراء وأصبح التوزيع الجغرافي للزرافة متقطعا على امتداد غرب القارة الافريقية، وقد كانت الزرافة يوما منتشرة في المغرب وفي أجزاء من الصحراء الكبرى لكنها انقرضت الى الشمال من خط العرض 15 درجة شمالا، ويرى العلماء ان الزرافة لم تنقرض تماما من كل نطاق توزيعها، الا ان بقاءها حية خارج الملاذات والمحميات والحدائق لم يزل أمراً تحيط به الشكوك، ويكثر الزراف في السافانا ولا يوجد في الغابات او السهول المكشوفة او المناطق الصحراوية.
ويشرب الزراف الماء اذا وجده وفي غالب أمره يستخلص الزراف الماء مما يأكله من نباتات، وتعتبر اشجار الطلح أهم مصادر غذاء الزراف، لكنها تأكل نباتات اخرى في مواسم الجفاف حيث يقل مصدر الغذاء بسقوط الأوراق.
وينمو من جمجمة الزرافة قرنان عظميان يغطيهما الجلد والشعر مثل قرون الغزال قبل تفرعاتها، ولذا فهي ليست قرونا حقيقية لأنها غير مغطاة بطبقة قرنية، وقد يوجد في جباه بعض الزراف واحد او اكثر من النتوءات القرنية القصيرة، ويمكن للزرافة غلق فتحاتها الانفية تماما لمنع دخول الرمال والاتربة، كما تستطيع الرؤية والسمع جيدا ونادرا ما تستعمل صوتها رغم ان في مقدورها اصدار العديد من الاصوات الدقيقة، ويطلق على ذكر الزراف (الثور) وحين يتقاتل الذكر مع ذكر آخر فإن وطيس القتال يمكن سماعه على بعد 90 متراً ومع ذلك فإن هذه الحيوانات نادراً ما يجرح بعضها بعضا أما الإناث فلا تتقاتل.
يستخدم الناس الزراف لأغراض مختلفة، فبعض القبائل الافريقية مثلا تستعمل شعر الذيل في عمل الأساور والحبال والجلد في عمل الاغطية الواقية والاربطة لعلاج التمزقات العضلية ولعمل أوتار الأقواس.