مقال علمي عن الزلازل والبراكين
الزلازل :
تعتري القشرة الأرضية من آن لآخر حركات إهتزاز ، يشعر بها الناس أحياناً وتسجلها المراصد بإستمرار ، تعرف بالزلازل أو الهزات الأرضية وتأتي على شكل هزات أفقية أو رحوية أو شاقولية ، تصيب سطح الأرض وتتسبب أحياناً بالكوارث .. وقد عرفت الزلازل منذ القديم وكانت لها تفسيرات مختلفة لا ترتكز إلى معطيات علمية إلا بعد تأسيس أول جمعية عالمية للزلازل في اليابان سمة 1880.
والسبب الكامن وراء حدوث الزلازل يعود إلى عدم إستقرار القشرة الأرضية في بعض المناطق حيث تتعرض لإنخساف كبير أو إلتواءات في الطبقات الصخرية .. فمن المعروف أن قوى باطنية عديدة ، في الماغما الباطنية أو في القشرة الأرضية ، تضغط على الطبقات المتعددة وتشدها في إتجاه أو آخر ، حتى إذا انفصلت هذه الطبقات أدى ذلك إلى حدوث الزلازل .. كما يؤدي هذا الإنفصال إلى إرتفاع قسم من الطبقات أو إنخفاضها في حركة عمودية تحدث ضغطاً جانبياً على الطبقات المجاورة وتؤدي إلى إهتزازها في موجات عرضية تنتشر عبر الكرة الأرضية.
كما قد تنجم الزلازل عن خسف يحدث في فراغات القشرة الأرضية كإنهيار المغاور الكبيرة في البلاد الكلسية أو إنهيار في طبقات الملح بسبب تسرب المياه إليها أو ما شابة ولكن تأثيرها محدود جداً.
والزلازل على ثلاثة أنوع : أفقية ذات اتجاه معين تهتز فيها الأرض جانبياً ، وعمودية تهتز عمودياً ورحوية وهي زلازل في كل إتجاه تدور الإهتزازات فيها حول نفسها .. وغالباً ما يحدث الزلزال في نقطة من الأرض غير عميقة تسمى بالمركز السطحي وتشكل نقطة توزيع الهزات التي تنتشر في القشرة .. كما قد يحدث الزلزال في مركز عميق يصل إلى 800 كلم تنتشر منه موجات إلى السطح تتوزع بعد ذلك في القشرة الأرضية .. لكن الدراسات التي أجريت حتى الآن في القشرة الأرضية لم يتجاوز عمقه 32 كلم.
وتسجل الزلازل ومدتها وقوتها واتجاهها على آلة خاصة تسمى مرسمة الزلازل وتكون هذه الآلة على نوعين : عمودية تسجل الهزات الأفقية . وتلتقط المرصد ثلاثة أنواع من الموجات الزلزالية التي يحدثها الزلزال : المراصد أولا ، والثانية الموجة التمهيدية الثانية وتسجلها المراصد بعد إنقطاع الأولى ، والثالثة ، الموجة الطويلة . وتمر الموجتان الأولى والثانية في باطن الأرض وتنتشر الثالثة في الطبقات القريبة من القشرة الأرضية ويحدد الوقت بين التقاط الموجة التمهيدية وبين الموجة الطويلة المسافة بين المرصد ومركز الزلزال في دائرة يمثل شعاعها تلك المسافة .. ولكي نستطيع تحديد مركز الزلزال بدقة أكثر نحتاج دائماً إلى ثلاثة مراصد كل منها يحدد المسافة التي تفصله عن مركز الزلزال .. هذه المسافة تمثل شعاع الدائرة التي يمكن أن يكون الزلزال قد حدث فيها وإلتقاء الدوائر الثلاث يحدد مركز الزلزال.
إلا أنه بعد عشرين سنة من مراقبة الزلازل وأماكن حدوثها ، أصبح بالإمكان تحديد المناطق الأكثر إهتزازاً في العالم ووضعت لذلك خرائط خاصة .. ويبدو أن الزلازل تكثر في المناطق غير المستقرة من سطح الكرة الأرضية حيث تكثر التكسرات والالتواءات والجبال الحديث التكوين وأهمها :
• دائرة حول المحيط الهادئ تمتد من الشاطئ الشرقي لليابان إلى جزر كوريل حتى ألاسكا ، ومنها إلى الشاطئ الغربي للقارة الأميركية فشواطئ الغربي للقارة الأمريكية فشواطئ نيوزيلندا فجزر إندونيسيا والفيليبين فاليابان.
• منطقة تمتد من اليابان شرقاً حتى المتوسط غرباً عبر الصين والهند محاذية مرتفعات الزمن الجيولوجي الثالث التي تنتهي شمال البرتغال وتضم منطقة شمال أفريقيا.
• الأخدود الإنهدامي الذي يبدأ في شرق أفريقيا وينيهي في جبال طوروس شمال سوريا.
أخيراً نلاحظ أن البلاد ذات البنية المائدية العميقة الأفقية الطبقات قليلة الزلازل إجمالاً.
وتحدث الزلازل في البحار كما تحدث على اليابسة . فقيعان البحار تتعرض للزلازل كما تتعرض لها اليابسة ، وهي تحدث ، غالباً نتيجة إنخساف قسم كبير من قاع المحيط وهذا ما يؤدي أحيانا إلى إختفاء بعض الجزر .. وتتلاءم الزلازل مع شدة انحدار الشواطئ ووجود الحفر المائية العميقة.
وتسبب الزلازل الكوارث للمناطق القارية وللمدن الساحلية ، حين تكون بحرية لأنها تؤثر في مياه البحار وتجعلها تهتز وتشكل أمواجاً عالية تبلغ 30 متراً في إرتفاعها وتعرف هذه الأمواج بـ(( طفرة المد )) ، في أوتونامي في اليابان.
أخيراً لابد من التساؤل : هل للزلازل دورة زمنية معينة ؟
في الواقع لم يمض زمن طويل على تسجيل الزلازل وهذا ما لا يعطينا فكرة واضحة عما إذا كان هناك دورة منتظمة لحدوث الزلازل .. فالزلازل القوية التي تم تسجيلها حتى الآن غير منتظمة ، لكن سنة 1906 هي سنة الكوارث إذ سجل فيها أكبر عدد من الزلازل القوية ، منها زلزال سان فرنسيسكو وزلزال الحدود بين بوليفيا والبيرو وهو من أضخم الزلازل .. وقد تمر سنوات دون أن يسجل زلزال قوي واحد .
البراكين :
كما تحدث الزلازل في مناطق ضعف القشرة الأرضية كذلك تحدث البراكين ، لذلك إرتبط في أذهان العلماء حدوثهما معاً ، رغم أن زلزالاً قوياً قد لا يرتبط بأي نشاط بركاني والعكس بالعكس.
فالقشرة الأرضية تتعرض لعوامل عديدة تؤدي إلى تشققها وهذا ما يسمح بخروج الصهارة والمواد الأخرى المضغوطة من الداخل إلى السطح بواسطة ثقوب أو شروخ تسمح بإستمرار بتراكم المواد المنصهرة الباطنية على جوانبها فتشكل ما يعرف بالبركان بأشكاله المختلفة ومواده المختلفة.
وللبراكين أشكال مختلفة تتأثر بطبيعة المواد التي تتألف منها .. فالبركان في شكله العادي البسيط يتألف من شكله العدي البسيط يتألف من جسم مخروطي قطع رأسه لتحل محله فجوة واسعة ترسل الحمم والدخان والمقذوفات البركانية المتنوعة تدعى الفوهة .. وهي نهاية ثقب طويل واسع يصلها بالمنطق الداخلية من القشرة الأرضية حيث ترتفع الحرارة إلى درجة تصهر معها جميع الصخور والمواجد المعدنية وترسلها إلى السطح تحت تأثير عوامل باطنية.
وتحدث ، أحياناً ، في جسم البركان بعض الضروح التي تؤدي إلى خروج المواد البركانية جانبياً فيتضخم البركان من جانب واحد ، كما هي الحل في بركان سترومبولي في إيطاليا.
وتختلف درجة تجمد المواد البركانية بحسب طبيعتها .. فنجد أحياناً أنها تتجمد بسرعة فور خروجها من الفوهة فتسدها ويبقى باطن البركان في نشاطه المعروف ، وهذا ما يؤدي إلى رفع المسلة التي تسد فوهة البركان تدريجياً كما هي الحال في بركان بيلي الذي ترتفع مسلته إلى 300م قبل أن تنهار.
ويؤدي إزدياد الضغط الباطني إلى إنفجار يودي بالفوهة والمواد المتراكمة فوقها ، وقد يسبب ذلك كوارث عديدة خاصة إذا كان جانبياً حيث تحرج كميات مضغوط من الغازات السامة المرتفعة الحرارة التي قد تودي في ثوان معدودة بحياة الألوف من سكان القرى والمدن المجاورة . أما المواد السائلة القلوية بطبيعتها فلا تشكل براكين مرتفعة بل متوسطة ومتعددة الفوهات كما هي الحال في براكين جزر هواي ذات المنحدرات البطيئة.
كما يبدو أن الصلة ضعيفة جداً بين إرتفاع البركان وإتساع فوهته : فبركان أوريزابا في المكسيك يصل إلى إرتفاع 5470 وقطر فوهة 300م فقط ، بينما بركان هاباكلا Habakala في هواي لا يزيد في إرتفاعه عن 3000م بينما يبلغ محيط فوهته 32 كلم.
ويؤدي إنفجار فوهة البركان وتداعي جوانبها إلى إتساعها وقلة عمقها فتسمى ، في طول بعضها 5600 م وعرضها 2800 م ..كما قد تمتلئ الكالديرا بالماء فتؤلف بحيرة كبحيرة Crater Lake في أمريكا الشمالية على إرتفاع 1800م.