النتائج 1 إلى 4 من 4
الموضوع:

من شعر أفلاطون الغزلي!

الزوار من محركات البحث: 17 المشاهدات : 223 الردود: 3
جميع روابطنا، مشاركاتنا، صورنا متاحة للزوار دون الحاجة إلى التسجيل ، الابلاغ عن انتهاك - Report a violation
  1. #1
    احساس شاعر
    تاريخ التسجيل: July-2014
    الدولة: بغداد الحبيبة
    الجنس: ذكر
    المشاركات: 61,676 المواضيع: 17,422
    صوتيات: 2 سوالف عراقية: 3
    التقييم: 88477
    مزاجي: متقلب جدا
    المهنة: كرايب الريس
    أكلتي المفضلة: الباجه
    موبايلي: نوت ٢٠
    آخر نشاط: منذ 4 يوم
    الاتصال: إرسال رسالة عبر ICQ إلى فقار الكرخي
    مقالات المدونة: 17

    Smileys Afraid 058568 من شعر أفلاطون الغزلي!

    من كان يتصور أن الفيلسوف اليوناني الشهير أفلاطون (428-347 ق.م.)، الذي طردَ الشعراء من "جمهوريته" الفاضلة بعد اعتباره إياهم شِلَّةً لا عقلانية ...، كان يقرض الشعر؟! لحسن الحظ احتفظت لنا "المختارات اليونانية" (Anthologia Graeca)[1] بثلاث وثلاثين مقطوعة شعرية تنسب إلى الفيلسوف اليوناني الكبير، بعضها في الحكمة، وبعضها في الأخلاق، وبعضها ـ وهي الأكثر غرابةً ـ في الغزل، الغزل بالرجال على طريقة قدامى اليونانيين، وجلهم من اللوطيين! [2]

    ويتجلى حكم أفلاطون القاسي على الشعر والشعراء في الكثير من كتبه، إلا أنه كان أشد عليهم في "الجمهورية" حيث يسوق أدلة أخلاقية [3] ودينية [4] واجتماعية [5] ضد الشعر والشعراء معاً، ولا يستثني منهم إلا هوميروس الذي يقول فيه: "كم هو صعب أن أتكلم في هوميروس الذي تعلمنا أن نحترمه ونألف شعره منذ الصغر ... إنه يبدو لي معلم التراجيديين الأول ... لكن الحقيقة أهم من أي إنسان [مهما كان كبيراً أو مشهوراً]. [6]

    لكن ذم الشعر وأهله، شيء، وقرضه شيء آخر! ولسنا نجد هذا التناقض عند أفلاطون فقط، ففي شعرنا العربي الغني شعراء كبار ذموا الشعر ثم برعوا فيه! فها هو المعري يقول في نهاية مقدمة اللزوميات: "إني رفضتُ الشعر رَفضَ السَّقْبِ غَرسَه، والرَّأْلِ تَريكَتَه، والغرض ما استجيز فيه الكذب واستعين على نظامه بالشبهات". إلا أنه يستثني من ذلك: "فأما الكائن عظةً للسامع، وإيقاظاً للمتوسِّن، وأمراً بالتحرّز من الدنيا الخادعة وأهلها الذين جُبِلوا على الغِشّ والمكر، فهو إن شاء الله مما يُلتَمس به الثواب" [7]! وليست عبارة المعري "واستجيز على نظمه بالشبهات" بعيدة من رأي أفلاطون أن الشعراء في معظم الأحيان يعكسون للناس "سلوكاً لا أخلاقياً" ... فالشبهة عند الاثنين موجودة، ومع ذلك ينظمان الشعر!

    كان بودي أن أتوسع أكثر وأشرح بحور الشعر اليونانية الستة وطريقة النظم عند قدامى اليونانيين، لكني أقتصر الآن على الإشارة إلى أن النوع الذي اتبعه أفلاطون في نظم المقطوعات المنسوبة إليه، اتخذ شكل "القِطعة" المسماة باليونانية Επιγραμματο = "إيبيغراماتو" [8]، والتي تتراوح ما بين البيت الواحد (المكون من شطرين) إلى الخمسة أبيات.

    مثال (وتشكيل الكلمات اليونانية محال):

    (1)
    Την ψυχην αγαθωνα φιλων επι χειλεσιν εσχον
    Ηλθε γαρ η τλημων ως διαβησομενη

    قبَّلْتُ آغاثُون ... فحَطَّتْ رُوحي على شَفَتَيَّ
    ساعيةً إلى الفناء فيه!


    أما في القطعتين التاليتين فيستعمل فيهما الحكيم "رمز التفاحة" المشهور الذي كان قدامى اليونانيين يستعملونه للإعلان عن الحب (لأفروديت في الأصل). ويتلخص هذا الرمز في قيام المحب برمي تفاحة تجاه المحبوب للتعبير لهذا الأخير عن حبه، فإذا تلقفها المحبوب فإنه يعبر بذلك عن قبوله حُبَّ المحب، وإذا لم يتلقفها فإنه بذلك يعبر عن عدم اهتمامه بالمحب وإعلانه معه ...

    ومن المثير للدهشة أن أفلاطون في القطعة الأولى يعظ معشوقه في حال عدم قبول هذا الأخير إياه وذلك بقوله "إن الجمال لا يدوم"! والعظة خير من المثل القائل: "ياللي ما يطول العنب يقول عنه حامض"! وربما جعله هذا الإحساس وعّاظاً! يقول:

    (2)
    Τω μηλω Βαλλω σε συ δ’ ει μεν εκουσα φιλεις με,
    δεξαμενη της σης παρθενιης μεταδος.
    ει δ’ αρ’, ο μη γιγνοιτο, νοεις, τουτ’ αυτο λαβουσα
    σκεψαι την ωρην ως ολιγοχρονιος.

    أَرمِي إليكَ هذه التُّفاحَة:
    فَخُذْها إذا رَغِبت فيَّ،
    وَأعطِني مَكانها عُذْرِيَّتَكَ ...
    وَخُذْها حَتَّى إِذا ما رَغِبْتَ فيَّ،
    وَتَذكَّرْ أَنَّ الجمالَ لا يَدُوم!


    أما في القطعة الثانية، فيبدو أفلاطون مُحَرْوِقاً:
    (3)
    Μηλον εγω βαλλει με φιλων σε τις αλλ’επινευσον,
    Ξανθιππη καγω και συ μαραινομεθα.

    أنا تُفاحةٌ،
    رَماها مُحِبٌّ إِليكَ ...
    فَحُنَّ عَليَّ يا كْسانْتِيب،
    فَكِلانا مُعَذَّب!


    وغني عن القول أن للتفاح ـ خصوصاً التفاح الشامي ـ رموزاً كثيرة ترمز إلى الحب الحسِّي، غالباً ما تستعمل في شعرنا الشعبي (النبطي، الدارمي ...).

    ــــــــــــــــــــــــ

    الحواشي:

    [1] "المختارات اليونانية"، Anthologia Graeca، وأحياناً Anthologia Platina نسبة إلى مكتبة هايدلبرغ المسماة بالـ Bibliotheca Platina، حيث عثر على مخطوطة "المختارات" التي تحتوي على أكثر الشعر اليوناني (حوالي 4000 مقطوعة شعرية تكون معا أربعة وعشرين ألف بيت شعر لحوالي ثلاثمائة شاعر من القرن السادس قبل الميلاد وحتى القرن السادس بعده).
    [2] كان قدامى اليونانيين (ومحدثوهم أيضاًَ) يشتهرون بالحب المِثلي ... من ثمة اعتبارهم الرجل أجمل المرأة، وهو ما يبدو جليا من فنونهم التصويرية التي ما كانوا يصورون المرأة فيها عارية إلا نادراً، بعكس الرجل الذي تجد صورته العارية في كل نوع من أنواع فنونهم التصويرية القديمة!
    [3] أفلاطون. الجمهورية (الأصل اليوناني): Plato, Politeia, II, 377-378.
    [4] أفلاطون. الجمهورية (الأصل اليوناني): Plato, Politeia, II, 379-380.
    [5] أفلاطون. الجمهورية (الأصل اليوناني): Plato, Politeia, X, 399.
    [6] أفلاطون. الجمهورية (الأصل اليوناني): Plato, Politeia, X, 595.
    [7] أبو العلاء المعري. اللزوميات، ج. 1 ص. 38-39. وانظر أيضاً مقدمة ديوانه "سقط الزند".
    [8] تعني "إيبيغراماتو" في الأصل "نصا صغيرا"، غالباً ما كان ينقش في الحجر خصوصاً على شواهد القبور، ثم توسعوا في معناه فأصيح يعني كل نص فني صغيرعموماً و"القطعة" الشعرية خصوصاً.

  2. #2
    من المشرفين القدامى
    عاشق الملكي
    تاريخ التسجيل: July-2013
    الدولة: العراق _ذي قار _ ناحية الفهود
    الجنس: ذكر
    المشاركات: 143,764 المواضيع: 21,882
    صوتيات: 2305 سوالف عراقية: 12
    التقييم: 65928
    مزاجي: الحمد لله
    أكلتي المفضلة: الدولمة
    موبايلي: Note 3
    آخر نشاط: منذ 2 يوم
    شكرا لك

  3. #3
    احساس شاعر
    غالي

  4. #4
    من أهل الدار
    تاريخ التسجيل: July-2021
    الدولة: الانبار
    الجنس: ذكر
    المشاركات: 5,496 المواضيع: 263
    صوتيات: 5 سوالف عراقية: 0
    التقييم: 8797
    الشعور بالعرفان وعدم التعبير عنه كتغليف هدية وعدم تقديمها.
    شكرا لمجهودكم

تم تطوير موقع درر العراق بواسطة Samer

قوانين المنتديات العامة

Google+

متصفح Chrome هو الأفضل لتصفح الانترنت في الجوال