نقرأ أحيانا كلاما يعتبره أصحابه أدبا ولكنه يحفل بتعابير ومصطلحات لغوية ما أنزل الله بها من سلطان، وفي الوقت ذاته فإن تلك التعابير والمصطلحات اللغوية لا ترقى لتصل إلى مرتبة الإضافات البيانية والإبداعية في اللغة. وسبق لي أن راسلت أحد الناس بخصوص تعابير ومصطلحات لغوية وردت في نص له استعجم علي فهمها، فأجابني بأنها من "قاموسه الخاص به".
إن انتشار المواقع التي تشتغل باللغة والأدب والشعر والترجمة ظاهرة صحية بحد ذاتها، إلا أنها قد تصبح ظاهرة تمييعية إذا لم تُحتَرم اللغة وأصول الكتابة فيها، لأن للغة قوانين لا يخرج عنها إلا بإجماع أهل اللغة أو بإبداع فني خارق للعادة.
والسؤال المطروح هنا: هل يحق لكل من هبَّ ودبَّ أن يكون له قاموس خاص به؟ وهل القاموس الخاص مخصوص بالمبدعين أم هو ادعاء يتمترس خلفه المزعبرون للتغطية على جهلهم بالقاموس العام للغة؟ وهل كان لأحمد شوقي قاموس خاص به لا يفهمه الآخرون؟ وهل كان لمحمود درويش قاموس خاص به لا يعرفه الناس؟
أم أننا نشهد ظاهرة تمييع للأدب على غرار ظاهرة تمييع الموسيقى وسائر الفنون الأصيلة، من شأنها أن تؤدي إلى تمييع للغة لأن الذين باتوا يعتبرون أنفسهم كتابا وشعراء "مبدعين" أصبحوا أكثر من الهم على القلب في هذا الزمان العربي؟