هو نجم الدين أبو عبد الله محمد بن محمد المصرى، لا يعرف بالتحديد تاريخ ميلاده، و إنما عاش فى القاهرة، و تعلم فى الأزهر. وهو يعد من البارعين فى علم الفلك خلال النصف الأخير من القرن السابع الهجرى، أو الثالث عشر الميلادى، ويعد من أكبر علماء التوقيت للمصرين.
وكانت جامعة الأزهر تشع ضياء و معرفة، ليس فقط فى مجال الدراسات الدينية و الادبية و سائر العلوم الإنسانية، بل كانت تهتم أيضاً بميادين الفلك و الرياضيات و الفيزياء و علوم الحياة و نحوها ... و بقى الأمر عل هذا الحال، حت حرم المستعمر على الأزهر دراسة العلوم الكونية.
وتدل أعمال نجم الدين المصرى على أن العلماء فى مصر، أخذوا يهتمون بدراسة الفلك منذ ظهور ابن يونس، مما أدى إلى تقدم هذا العلم. كما أهتم المصريون بعلم الحساب الكرو خلال ثلاثة قرون بعد موت ابن يونس.
ومن أعمال نجم الدين المصرى أنه وضع حساباً لجداول فلكية من العصور الوسطى. والمعروف أن العلماء المسلمين لم يكونوا مجرد قنطرة عبرت عليها الحضارات القديمة و علوم الإغريق إلى عصر النهضة، بل أنهم أضافوا إليها الشئ الوفير، و صححوا أخطاءها و أبتكروا بعض العلوم. وفى مكتبة أكسفورد بإنجلترا مخطوطة عربية تضم معلومات فريدة و جداول فلكية حسبها نجم الدين. وقوام هذه الجداول أكثر من ربع مليون قيمة محسوبة بالدرجات و الدقائق، أستخدم نجم الدين فى حسابها قوانين رياضية سليمة، وحساب المثلثات الكروى، و الغرض الأساسى من هذه الجدول ( وهى الزيج ) هو تعيين الوقت بدقة تامة من رصد أرتفاع الشمس نهاراً و النجوم ليلاً فى أى بقعة. وتعتبر تلك الجداول بمثابة نماذج ذات قيمة عالمية يمكن أن يستفيد منها كل باحث، وذلك على غرار الجداول العالمية التى تصنفها أكثر الهيئات العلمية فى هذا العصر.
و المعروف أن بعض العلماء المسلمين الذين سبقوا نجم الدين أو لحقوا به فى هذا الميدان، من أمثال ابن يونس المصرى الفلكى المشهور من القرن الرابع الهجرى و شمس الدين الخليلى الفلكى الذى عمل بدمشق و صنف جداول التوقيت فى القرن الثامن الهجرى.
ولنجم الدين جداول أخرى بدار الكتب المصرية، وهى تعطى ارتفاع الشمس فى أى ساعة من ساعات النهار، على مدار العالم، من قياس الزمن لخط عرض القاهرة.
وهناك رسالة بأسم نجم الدين المصرى، محفوظة فى مكتبة امبروزيانا فى ميلانو، يتحدث فيها العالم المصرى عن الفلك الكروى ( الحديث )، و يبين القواعد و القوانين التى بنى عليها علمه، و أستخدامها فى الحسابات الفلكية.
و الغريب أن نجم الدين هذا غير معروف فى تاريخ الفلك، حتى إنه يكاد أن يكون مجهولاً ف مصر وطنه الذى عاش و عمل فيه، كما لم يرد أسمه ضمن أعمال المستشرقين. وربما نقل عنه بعض علماء الفلك فى أوروبا فى أوائل عصر النهضة، خصوصاً فى مجال الفلك الكروى.