ولقد ترابطت جمل أبي تمام النحوية بالعطف (41.86%)، ثم الاستئناف (39.53%)، ثم الاعتراض (13.95%)، ثم الترتُّب القسمي (4،65%)- على حين ترابطت جمل المتنبي بالاستئناف (58.46%)، ثم العطف (26.15%)، ثم الترتُّب الشرطي (9.23%)، ثم الاعتراض (4.61%)، ثم الترتُّب الطلبي (1.53%).
إن الترابط بالعطف وجه من ائتلاف الجمل النحوية المتعارفة، وإن الترابط بالاستئناف وجه من اختلاف الجمل النحوية المتناكرة. وإن من أدلة اختلاف الجمل النحوية كثرة أنماطها -وبهذا حظيت قصيدة المتنبي كما سبق- وإن من أدلة ائتلاف الجمل النحوية قلة أنماطها، وبهذا حظيت قصيدة أبي تمام.
وغير منقطع من ذلك زيادة ترابط الجمل النحوية بالاعتراض في قصيدة أبي تمام كثيرا عليه في قصيدة المتنبي؛ إذ حرص أبو تمام على عطف الأنماط المتشابهة؛ فخرج كل ما وقع بينها مخرج الاعتراض، على حين انحصر استعمال المتنبي للاعتراض في الاحتراس وما أشبهه من الزيادات الفجائية الذكية.
ومن ألطف ما وقع للشاعرين مما يمثل اسلوبيهما انفراد أبي تمام برباط الترتب القسمي، وانفراد المتنبي برباط الترتب الشرطي، وهما متواردا الطبيعتين التركيبتين -ولالتباس الترتب الطلبي بالترتب الشرطي ادخله هنا فيه، لأتكلم عنهما كلاما واحدا- إذ في ربط الجمل بالترتب القسمي اطمئنان أبي تمام لحقائق الماضي، وفي ربطها بالترتب الشرطي ريبة المتنبي في مآلات الحاضر.