خماسية مدن الملح للروائي السعودي المنفي عن وطنه عبد الرحمن منيف حيث تتألف هذه الرواية من خمسة اجزاء
(التيه ، الاخدود ، تقاسيم الليل والنهار ، المنبت ، بادية الظلمات)
تعتبر من الروايات الممنوعة في بعض دول الخليج العربي وتمثل نقلة نوعية في السرد التاريخي والتأريخ لحقبة لها صورة غير كاملة في نظر الجيل الجديد
خماسية مدن الملح للروائي عبد الرحمن منيف
خماسية عبد الرحمن منيف..
يتناول منيف في الجزء الاول التيه بوادر ظهور النفط في الجزيرة العربية وحالة شعوب الصحراء في التعامل مع هذا الامر
ثم ينتقل منيف في الجزء الثاني الاخدود الي تصوير اهل السلطة وتبعات ظهور النفط ونتائجه.
التيه..
التيه، أول كتب الخماسية التي أتت لتؤرخ، لتروي، التصور وتسطر، في شبه أسطورة، لمدن الملح؛ تلك المدائن التي انزاحت من عالم الصحراء لتضحي عالماً آخر تنبعث فيه رائحة النفط التي تخدر أحلام ساكنيه وتنقلهم نقلات متسارعة يتخبطون عبرها بين الوهم والحقيقة. مساحات طويلة يعبرونها بأزمان قصيرة ينتقلون خلالها من عالم البداوة إلى عالم الحضر. في ذلك العالم يحلق عبد الرحمن منيف يصور كأبرع مصور لوحات إنسانية واجتماعية تحدث بنفسها عن أثر النفط في بلاد النفط العربية ولتروي مأساة الحداثة المفاجأة في هذه المناطق
الاخدود..
أبدع منيف هنا , فالأخدود تتحدث عن العاصمة , وكيف تبنى المدينة , وكم يجب أن يفقد الإنسان من ضميره ومبادئه , وكم يجب أن يداهن ويخدع , وكم يجب أن يخون حتى يؤسس مدينة حديثة
اذا اردت اختصار هذا الجزء بكلمتين فاقول “الطمع والسرعة” ، هذه الرواية سريعة جدا ، حتى الاجزاء فيها قصيرة وقليلة الصفحات ، يحاول فيها عبدالحمن منيف ان يبين فيها الامور من كل النواحي ، وبما انه هناك الكثير ليقال فهو ينتقل بسرعة بين الشخوص والاحداث ، وكل منهما كثيرة ومتداخلة احيانا ، ربما اراد منيف ذلك ليبين ماهية الامر من اكثر من زاوية ومنظور .
الجزء الثالث تقاسيم الليل والنهار
دراسة نفسية لامراء هذة البلاد واظهار الصراع الناعم للانقضاض علي السلطة
وقت الهزائم وفي المنافي , يطيب الحديث عن التاريخ, أو وهم التاريخ
نعم , هذا ما نراه في بداية الكتاب ,,
لينقلنا لـأوديسا مدن الملح , ورحلة السلاطين والأمراء والشيوخ وشيوخ الدين والمستشارين الذين يعيشون فيها ..
البيوت من الداخل , والعلاقات من الخارج , هذا ما نراه في هذا الجزء
عودة لـ"وهم التاريخ" .. وتفسير لبعض الأجزاء
وجرعة مكثفة من الفلسفات والشعر .. ونقلة لداخل القصور التي لا يراها الكثير
وما دام هذا تاريخك يا مدن الملح , فليس كثيرا أن نرى السيل يذيب هذا الملح الآن
الجزء الرابع المنبت
تصوير حالة السلطان المعزول ونفيه خارج البلاد ومرافقيه والصراعات التي يتعرضون لها .
مع أنه أقصر جزء , لكنه أكثر الأجزاء تأثيرا عاطفيا , وأسرعها حركة , وأكبرها نتيجة ..
فمدن الملح كانت تعيش مرحلة انتقالية , بين البداوة والتمدن , ثم انتقلت لمرحلة انتقالية أخرى - خلال المرحلة السابقة - ,, فكان هذا الجزء والمراحل الانتقالية , هي دائما الأسوأ .. !
عشنا هنا مع منيف - الذي عاش حياته في المنفى - مشاعر الإنسان المنفيّ , أو بالأصحّ السلطان المنفي , !
لذا فقد فسر لي كثيرا من العواطف التي تنتابني , وتنتاب أهلي , وجدّي وجدّي بشكل خاص ..
بتّ أفهم الآن لم يشعرون هكذا , لم يتأملون هكذا , ولم يخيبون هكذا ..
وأخشى أن أقول لهم , أن المنفى كالقبر , نعتبره مؤقتا , فيأخذنا لمرحلة طويلة , أطول من مرحلة الوطن والاستقرار
يُنهي منيف روايته بالجزء الخامس بادية الظلمات
ويعرض الأثر الناتج عن كل هذة التغيرات والصراعات في المجتمع البدوي والاحساس بالدونية امام الكيان الخارجي .
منيف عرف تأثير الذهب الأسود وموارده الثمينة ، عرف سحر المال الذي ينشره حول العقول فآثر الا يموت قبل ان يسجل التجربة كاملة لتكون منارة للاجيال من بعده ودرس شديد القسوة لتغير الامم والعقول وتبدل الاصالة بالزيف والحقيقة بالخداع.
مدن الملح رواية مختلفة
مدن الملح هي وثيقة مهمة تتحدث وتؤرخ عما هب علي الحياة البدوية من رياح حضارية آثرت بلا شك بحياة البداوة.
فمدن الملح ليست مجرد رواية عن بشر الصحراء.
بل هي صرخة تصلح لكل زمان ومكان عن الشعوب المتنكرة لحقيقتها الناكرة لحضارتها .
هذة الرواية الانسانية ومع تباين شخوصها وظروفها والاصوات المجلجلة والهامة في ثناياها انما تؤكد علي حقيقة تلك التغيرات المتسارعة التي طرأت علي البلاد في العقود الماضية وما تلاها من احداث متتالية لا يمكن الفكاك منها باي وسيلة كانت بعد أن اصبحت طفرة بترولية في أرض تتضور لكل شيء
مدن الملح جعلت العالم يقرأ بأسلوب شيق واسترسال في ذكر المواقف وردات الفعل ليفهم الاخرين نفسية البدوي وثقافته التي اصطدمت بنقله هائلة مفاجئة .
في المجمل هي رواية من اعظم ما يكون امتزج فيها قوة اللغة مع بساطتها بمعرفة واسعة من قبل الكاتب بالصحراء .
عمل تحدث في المقام الاول عن البشر وحياتهم وعاداتهم وتقاليدهم وذكائهم الفطري وحبهم لبعضهم البعض ، تحدث عن الاصالة وكيف تحول كل ذلك للنقيض فأصبحوا بشراً غير البشر وناس دون الاناس ، اصبحوا عبيد مال وكلاب سلطة ينبحون مكان ما كانت .
ستجد نفسك حتما امام بعض التساؤلات .
هل الكرامة كانت ضريبة الحضارة في الجزيرة العربية ؟
هل يستطيع الانسان أن يتكيف مع الاشياء الجديدة والاماكن الجديدة دون ان يفقد جزء من ذاته ؟
الجزء الأخير يمثل نهاية رائعة، تشابه في روعتها أول جزئين وتتجاوز مرحلة النزول في الثالث والرابع
أحداث الجزء جميلة ومفصلية، وتركز على سياسة الدولة الداخلية والخارجية، في عهد موحد السلطنة وابنيه اللاحقين وهي المرحلة الكاملة للتأسيس الفعلي الذي ينتهي بفنر
الرواية من أولها لآخرها تسعى لفضح المستور وإخراجه من صمته المفتعل وكذبه الظاهر
في مدن الملح تحدث الناس علنا كما لم يتحدثوا من قبل، ظهرت أفكارهم المخبّأة خوفا، حرك منيف ألسنتهم التي عجزت عن الظهور، أو أعجزتها جهات عن الظهور
القراءة لعبدالرحمن منيف عيش في كنف الادب الجاد والأصيل
في النهاية الأدب الحقيقي هو الذي يقدم البشر كما هي والارض كما هي ليترك لك الحكم