بِسْمِ اللَّـهِ الرَّحْمَـٰنِ الرَّحِيمِ
معاً نستذكر بعض ما أفاض الله على نبينا محمد صل الله عليه واله وسلم
من رحمات و أنوار قدرته.
دائما يقسم الله بعظيم كنفسه تعالى أو كالسموات
و ما احتوت او مطلق النفس الانسانية و ما سواها..
فعندما يقسم الله بُعمُر رسوله محمد صل الله عليه واله وسلم فيقول
(لَعَمۡرُكَ إِنَّهُمۡ لَفِی سَكۡرَتِهِمۡ یَعۡمَهُونَ) فهذا دليل
على أن عُمر الرسول عظيم عند الله رغم محدوديته
من وقت ميلاده حتى وقت لقاء ربه...
عمره جزء يسير جدا من حياة الزمن لكنه عظيم عند الله .
كل مؤمن سوي في قلبه محبة لله لكن ما هو الضمان
أن ذلك المؤمن يحبه الله ؟
في هكذا قضية ضَمنَ الله محبته لنا بشرط أن نتبع نبيه حين قال
(قُلۡ إِن كُنتُمۡ تُحِبُّونَ ٱللَّهَ فَٱتَّبِعُونِی یُحۡبِبۡكُمُ ٱللَّهُ وَیَغۡفِرۡ لَكُمۡ ذُنُوبَكُمۡۚ وَٱللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيم)
أي أن إتباع الرسول يعلو بالمؤمن من درجة المحب لله
الى درجة المحبوب عند الله.
إبراهيم عليه السلام و هو ابو الانبياء طلب من الله فقال
( رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِي الْمَوْتَىٰ ..) و هذا شيء بسيط من علم الغيب
و رسول الرحمة لم يطلب ذلك
بل طُلب لذلك ليرى الغيب بكل مضامينه عندما
إسرى الله به ليزيد المسجد الاقصى بركة بحضور نبي الرحمة
فوق البركة التي افاضها الله على المسجد الاقصى
(سُبۡحَـٰنَ ٱلَّذِیۤ أَسۡرَىٰ بِعَبۡدِهِۦ مِّنَ ٱلۡمَسۡجِدِ ٱلۡحَرَامِ إِلَى ٱلۡمَسۡجِدِ ٱلۡأَقۡصَى ٱلَّذِی
بَـٰرَكۡنَا حَوۡلَهُۥ لِنُرِیَهُۥ مِنۡ ءَایَـٰتِنَاۤۚ إِنَّهُۥ هُوَ ٱلسَّمِیعُ ٱلۡبَصِیرُ)
قولنا كل يوم ( اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ ) إنما هو دعاء لله
أن يهدينا و يثبتنا على منهج نبينا لأن بعد الاية جاء تمييز ذلك الصراط
بقوله تعالى ( صِرَاطَ ٱلَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ )
و نبينا هو محط نعم الله ودوام بركاتها و نور الله الاتم المُهدى للعالمين.
موسى النبي طلب ان يرى ربه و نبينا الاكرم طُلب للحضور بين يدي الله
عندما صار قاب قوسين أو أدنى فصُعق موسى و هو ناظر الى الجبل
و ثبت نبي الرحمة و هو ناظر الى الذي دك الجبل بنوره.
قال موسى رَبِّاشْرَحْ لِي صَدْرِي طالباً.
و قال الله لنبي الرحمة ( أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ ) واهباً..
و قال موسى ( قَالَ هُمۡ أُو۟لَاۤءِ عَلَىٰۤ أَثَرِی وَعَجِلۡتُ إِلَیۡكَ رَبِّ لِتَرۡضَىٰ)
حيث كان على عجالة لينال رضا ربه..
و لكن الله وعد نبيه بقوله ( وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى )
الخليل ابراهيم .. كانت له اقرب درجة قرب من ربه
هي أن يرى ملكوت السموات و الارض ..
بينما نبي الرحمة كانت درجة قربه من ربه أن يكون قاب قوسين أو أدنى .
الخليل ابراهيم كانت مغفرة ذنوبه في حد الطمع
(وَٱلَّذِیۤ أَطۡمَعُ أَن یَغۡفِرَ لِي خَطِیۤـَٔتِی یَوۡمَ الدين )
بينما نبي الرحمة كانت مغفرة ذنبه في حد اليقين
( لِّيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِن ذَنبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ )
قال الخليل ابراهيم ( وَلَا تُخْزِنِي يَوْمَ يُبْعَثُونَ )
بينما قال الله في حق نبي الرحمة
( يَوْمَ لَا يُخْزِي اللَّهُ النَّبِيَّ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ )
قال الخليل إبراهيم داعياً ربه ( وَاجْعَلْ لِي لِسَانَ صِدْقٍ فِي الآخِرِينَ )
بينما نبي الرحمة أخبره الله ( وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ )
و اخبر جبرائيل نبينا أن الله رفع ذكره بأن جعل ذكر إسمه تعالى
مقرونا بذكر نبيه ( لَا إِلَٰهَ إِلَّا ٱللَّٰهُ مُحَمَّدًا رَسُولُ ٱللَّٰهِ )
فلم يقل لا اله الا الله عيسى رسول الله و لا موسى كليم الله أو ابراهيم خليل الله.
لقد أفضى الله على نبيه كل زكاة ..فزكى عقله فقال
( مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى )
و زكى بصره فقال ( مَا زَاغَ الْبَصَرُ وَمَا طَغَى )..
وزكى لسانه فقال ( وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى )..
و زكى جليسه فقال ( عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى )..
و زكى أخلاقه فقال ( وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ )..
و زكى أهل بيته فقال
( إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا )..
و زكى رسالته فقال ( وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ )
قوله تعالى ( فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّىٰ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ
ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا )
انما هو إشارة الى عِظم تحكيم رسول الله و سنته في مجريات حياتنا
لدرجة أن القبول بحكم الرسول يجب أن لا يرافقه حرج من حكمه.
و عندما يقسم الله بذاته فذلك دليل
عظمة حكم الرسول (الذي هو حكم الله) فيهم.
قوله تعالى
( لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ
حَرِيصٌ عَلَيْكُم بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَّحِيمٌ )
تفرد برعاية مثالية للمؤمنيبن شملتْ أن يعز عليه آلام المؤمنين
حريص على مصالحهم
و رؤوف و رحيم بهم. نادى اللهُ كل الانبياء بإسمائهم فقال
( يَا إِبْرَاهِيمُ قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا ) و ( وَقُلْنَا يَا آدَمُ اسْكُنْ أَنتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ )
و ( يَا زَكَرِيَّا إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلَامٍ ) و ( يَا يَحْيَىٰ خُذِ الْكِتَابَ بِقُوَّةٍ )
و ( إِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَىٰ إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ ) و ( أَنْ يَا مُوسَى إِنِّي أَنَا اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ )
و ( يَا نُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ ۖ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ )...
لم نجد بين دفتي القرآن عبارة (يا محمد) بل بديلها ( يا أيها النبي)
فقال تبارك و تعالى
(یَـٰۤأَیُّهَا ٱلنَّبِیُّ حَسۡبُكَ ٱللَّهُ وَمَنِ ٱتَّبَعَكَ مِنَ ٱلۡمُؤۡمِنِینَ)
و قال ايضاً ( يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا )
رسول الرحمة لم يكن يزجر و لا يذكر عيوب الناس
بل كان يجد الحلول عند تعرضه لأي قضية لشخص أو مجتمع
اللهم صل و بارك على رحمتك لسائر خلقك ومعراج الوجود اليك
و رحمة الله لكل موجود محمد صل الله عليه و على آله و سلم .