آية المباهلة ، هي الآية 61 من سورة آل عمران : ﴿فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ وَأَنْفُسَنَا وَأَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَتَ اللَّهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ . والتي تتحدث عن واقعة المباهلة التي دعا فيها الرسول مُحمّد (صلّى الله عليه وآله وسلّم) نصارى نجران للمباهلة ، والمباهلة تعني الملاعنة والدعاء على الطرف الآخر بالدمار والهلاك إذا كان كاذباً مارقاً ، فيستجيب الله لدعوة صاحب الحق وتتحقق معجزة نزول العذاب على الكاذب المارق ، وهي آخر وسيلة تستخدم في دعوة الحق بعد انسداد آفاق الحوار والبرهان .
لقد كتب النبي مُحمّد (صلّى الله عليه وآله وسلّم) كتاباً إلى أسقف نَجران ، دعا فيه أهالي نجران إلى الإسلام ، فتشاور الأسقف مع جماعة من قومه فآل الأمر إلى إرسال وفدٍ مؤلف من ستين رجلاً من كبار نجران وعلمائهم لمقابلة الرسول (صلّى الله عليه وآله وسلّم) والاحتجاج أو التفاوض معه ، وما أن وصل الوفد إلى المدينة حتى جرى بين النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) وبينهم نقاشٌ وحوار طويل ، وقد حاجّوا رسول الله مُحمّد (صلّى الله عليه وآله وسلّم) في عيسى (عليه السلام) بأنّه أحد الأقانيم الثلاثة ، وقالوا له هل رأيت ولداً من غير ذكر ؟ فنزلت آية : ﴿إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ - [سُّورَةُ آلَ عِمْرَانَ : 59.] فقرأها عليهم ، فلمّا أصروا على عنادهم ولم يؤدِ النقاش معهم إلى نتيجة عندها أقترح عليهم النبي المباهلة بأمرٍ من الله عزّ وجَلّ ، فَقَبِلوا ذلك وحددوا لذلك يوماً ، وهو اليوم الرابع والعشرين من شهر ذي الحجة سنة ١٠ هجرية وقيل ٩ للهجرة .
وفي صبيحة ذلك اليوم الموعود ، اصطحب النبي الأكرم (صلّى الله عليه وآله وسلّم) أعزّته وأفلاذ كبده وأحبّ الناس إليه ، ولم يقتصر على تعريض نفسه للمباهلة وحده فقط ، وإنّما دعى نفسه وابنائه ونسائه على ثقته بكذب خصمه حتى يهلك خصمه مع أحبّته وأعزته هلاك الاستئصال إن تمّت المباهلة ، وخصّ الأبناء والنساء ؛ لأنّهم أعزّ الأهل وألصقهم بالقلوب ، وربّما فداهم الرجل بنفسه وحارب دونهم حتى يُقتل .
فخرج رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) وعليه مِرطٌ من شعرٍ أسود (كساءٌ من صوفٍ أو خَزٍّ) ، وكان الحسنُ والحُسين (عليهما السلام) يمشيان بين يديه ، وفاطمة الزهراء (عليها السلام) تمشي خلفهم ، والإمام علي (عليه السلام) يمشي خلف الصدّيقة الطاهرة فاطمة الزهراء (عليها السلام) .
وعندما شاهد وفد نجران صدّق النبي مُحمّد (صلّى الله عليه وآله وسلّم) وأنّه قد اصطحب أعزّ الخلق إليه وكان قد جثا على ركبتيه استعداداً للمباهلة ، انبهر الوفد بمعنويّات الرسول وأهل بيته (صلّى الله عليهم وسلّم) وبما حبّاهم الله تعالى من جلاله وعظمته ، فأحجم النصارى وامتنعوا عن المباهلة ولم يقدم سيّدهم على المباهلة ، قائلاً : «يا معشر النصارى ، إنّي لأرى وجوهًا لو سأَلوا الله أنْ يُزيل جبلًا من مكانه لأزالهُ بها ، فلا تباهلوا فتهلكوا ولا يبقى على وجه الأرض نصرانيٌّ إلى يوم القيامة» . وقال للنبي : «يا أبا القاسم ! إنّا لا نباهلك ولكن نصالحك ، فصالحنا على ما ينهض به» ، فصالحهم رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) .

بيان صحّة وتواتر الأدلّة والشواهد :-
1- قال فخر الدين الرازي في تفسيره الكبير (مفاتيح الغيب) - الجزء (8) - الصفحة (247) :- رُوِيَ أَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ لَمَّا أَوْرَدَ الدَّلَائِلَ عَلَى نَصَارَى نَجْرَانَ ، ثُمَّ إِنَّهُمْ أَصَرُّوا عَلَى جَهْلِهِمْ ، فَقَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ : إِنَّ اللَّهَ أَمَرَنِي إِنْ لَمْ تَقْبَلُوا الْحُجَّةَ أَنْ أُبَاهِلَكُمْ . فَقَالُوا : يَا أَبَا الْقَاسِمِ ، بَلْ نَرْجِعُ فَنَنْظُرُ فِي أَمْرِنَا ثُمَّ نَأْتِيكَ فَلَمَّا رَجَعُوا قَالُوا لِلْعَاقِبِ : وَكَانَ ذَا رَأْيَهُمْ ، يَا عَبْدَ الْمَسِيحِ مَا تَرَى ؟ فَقَالَ : وَاللَّهِ لَقَدْ عَرَفْتُمْ يَا مَعْشَرَ النَّصَارَى أَنَّ مُحَمَّدًا نَبِيٌّ مُرْسَلٌ ، وَلَقَدْ جَاءَكُمْ بِالْكَلَامِ الْحَقِّ فِي أَمْرِ صَاحِبِكُمْ ، وَاللَّهِ مَا بَاهَلَ قَوْمٌ نَبِيًّا قَطُّ فَعَاشَ كَبِيرُهُمْ وَلَا نَبَتَ صَغِيرُهُمْ وَلَئِنْ فَعَلْتُمْ لَكَانَ الِاسْتِئْصَالُ ، فَإِنْ أَبَيْتُمْ إِلَّا الْإِصْرَارَ عَلَى دِينِكُمْ وَالْإِقَامَةَ عَلَى مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ ، فَوَادِعُوا الرَّجُلَ وَانْصَرِفُوا إِلَى بِلَادِكُمْ !
وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَرَجَ وَعَلَيْهِ مِرْطٌ مِنْ شَعْرٍ أَسْوَدَ ، وَكَانَ قَدِ احْتَضَنَ الْحُسَيْنَ وَأَخَذَ بِيَدِ الْحَسَنِ ، وَفَاطِمَةُ تَمْشِي خَلْفَهُ ، وَعَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ خَلْفَهَا ، وَهُوَ يَقُولُ : إِذَا دَعَوْتُ فَأَمِّنُوا .
فَقَالَ أُسْقُفُّ نَجْرَانَ : يَا مَعْشَرَ النَّصَارَى ، إِنِّي لَأَرَى وُجُوهًا لَوْ سَأَلُوا اللَّهَ أَنْ يُزِيلَ جَبَلًا مِنْ مَكَانِهِ لَأَزَالَهُ بِهَا ، فَلَا تَبَاهَلُوا فَتَهْلِكُوا وَلَا يَبْقَى عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ نَصْرَانِيٌّ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ .
ثُمَّ قَالُوا : يَا أَبَا الْقَاسِمِ، رَأَيْنَا أَنْ لَا نُبَاهِلَكَ وَأَنْ نُقِرَّكَ عَلَى دِينِكَ .
فَقَالَ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ : فَإِذَا أَبَيْتُمُ الْمُبَاهَلَةَ فَأَسْلِمُوا ، يَكُنْ لَكُمْ مَا لِلْمُسْلِمِينَ ، وَعَلَيْكُمْ مَا عَلَى الْمُسْلِمِينَ . فَأَبَوْا ، فَقَالَ: فَإِنِّي أُنَاجِزُكُمُ الْقِتَالَ .
فَقَالُوا : مَا لَنَا بِحَرْبِ الْعَرَبِ طَاقَةٌ ، وَلَكِنْ نُصَالِحُكَ عَلَى أَنْ لَا تَغْزُوَنَا وَلَا تَرُدَّنَا عَنْ دِينِنَا ، عَلَى أَنْ نُؤَدِّيَ إِلَيْكَ فِي كُلِّ عَامٍ أَلْفَيْ حُلَّةٍ : أَلْفًا فِي صَفَرٍ ، وَأَلْفًا فِي رَجَبٍ ، وَثَلَاثِينَ دِرْعًا عَادِيَّةً مِنْ حَدِيدٍ .
فَصَالَحَهُمْ عَلَى ذَلِكَ ، وَقَالَ : وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ ، إِنَّ الْهَلَاكَ قَدْ تَدَلَّى عَلَى أَهْلِ نَجْرَانَ ، وَلَوْ لَاعَنُوا لَمُسِخُوا قِرَدَةً وَخَنَازِيرَ ، وَلَاضْطَرَمَ عَلَيْهِمُ الْوَادِي نَارًا ، وَلَاسْتَأْصَلَ اللَّهُ نَجْرَانَ وَأَهْلَهُ ، حَتَّى الطَّيْرَ عَلَى رؤوس الشَّجَرِ ، وَلَمَا حَالَ الْحَوْلُ عَلَى النَّصَارَى كُلِّهِمْ حَتَّى يَهْلِكُوا .
وَرُوِيَ أَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ لَمَّا خَرَجَ فِي الْمِرْطِ الْأَسْوَدِ ، فَجَاءَ الْحَسَنُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَأَدْخَلَهُ ، ثُمَّ جَاءَ الْحُسَيْنُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَأَدْخَلَهُ ثُمَّ فَاطِمَةُ ثُمَّ عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا ثُمَّ قَالَ : إِنَّما يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً [الْأَحْزَابِ: 33]
وَاعْلَمْ أَنَّ هَذِهِ الرِّوَايَةَ كَالْمُتَّفَقِ عَلَى صِحَّتِهَا بَيْنَ أَهْلِ التَّفْسِيرِ وَالْحَدِيثِ .
2- وقال مسلم في صحيحه - الجزء (4) - الصفحة (1871) - الحلقة (2404) :- حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبَّادٍ - وَتَقَارَبَا فِي اللَّفْظِ - قَالَا: حَدَّثَنَا حَاتِمٌ وَهُوَ ابْنُ إِسْمَاعِيلَ - عَنْ بُكَيْرِ بْنِ مِسْمَارٍ، عَنْ عَامِرِ بْنِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: أَمَرَ مُعَاوِيَةُ بْنُ أَبِي سُفْيَانَ سَعْدًا فَقَالَ: مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسُبَّ أَبَا التُّرَابِ؟ فَقَالَ: أَمَّا مَا ذَكَرْتُ ثَلَاثًا قَالَهُنَّ لَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَنْ أَسُبَّهُ، لَأَنْ تَكُونَ لِي وَاحِدَةٌ مِنْهُنَّ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ حُمْرِ النَّعَمِ، سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ لَهُ، خَلَّفَهُ فِي بَعْضِ مَغَازِيهِ، فَقَالَ لَهُ عَلِيٌّ: يَا رَسُولَ اللهِ خَلَّفْتَنِي مَعَ النِّسَاءِ وَالصِّبْيَانِ؟ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَمَا تَرْضَى أَنْ تَكُونَ مِنِّي بِمَنْزِلَةِ هَارُونَ مِنْ مُوسَى؟ إِلَّا أَنَّهُ لَا نُبُوَّةَ بَعْدِي» وَسَمِعْتُهُ يَقُولُ يَوْمَ خَيْبَرَ «لَأُعْطِيَنَّ الرَّايَةَ رَجُلًا يُحِبُّ اللهَ وَرَسُولَهُ، وَيُحِبُّهُ اللهُ وَرَسُولُهُ» قَالَ فَتَطَاوَلْنَا لَهَا فَقَالَ: «ادْعُوا لِي عَلِيًّا» فَأُتِيَ بِهِ أَرْمَدَ، فَبَصَقَ فِي عَيْنِهِ وَدَفَعَ الرَّايَةَ إِلَيْهِ، فَفَتَحَ اللهُ عَلَيْهِ، وَلَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ: ﴿فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ [آل عمران: 61] دَعَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلِيًّا وَفَاطِمَةَ وَحَسَنًا وَحُسَيْنًا فَقَالَ: «اللهُمَّ هَؤُلَاءِ أَهْلِي» .
3- وقال الترمذي في صحيحه - الجزء (5) - الصفحة (225) - الحلقة (2999) :- حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ قَالَ: حَدَّثَنَا حَاتِمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، عَنْ بُكَيْرِ بْنِ مِسْمَارٍ، عَنْ عَامِرِ بْنِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: لَمَّا أَنْزَلَ اللَّهُ هَذِهِ الآيَةَ: ﴿تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ [آل عمران: 61]، دَعَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلِيًّا وَفَاطِمَةَ وَحَسَنًا وَحُسَيْنًا، فَقَالَ: «اللَّهُمَّ هَؤُلَاءِ أَهْلِي»: «هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ غَرِيبٌ» .
4- وقال أحمد بن حنبل في فضائل الصحابة - الجزء (2) - الصفحة (776) - الحلقة (1374) :- حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، نا حَسَنٌ هُوَ ابْنُ مُوسَى، نا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ يُونُسَ، عَنِ الْحَسَنِ، قَالَ: جَاءَ رَاهِبَا نَجْرَانَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ لَهُمَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَسْلَمَا تَسْلَمَا» ، فَقَالَا: قَدْ أَسْلَمْنَا قَبْلَكَ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: « كَذَبْتُمَا مَنَعَكُمَا مِنَ الْإِسْلَامِ ثَلَاثٌ، سُجُودُكُمَا لِلصَّلِيبِ، وَقَوْلُكُمَا: ﴿اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا [البقرة: 116] ، وَشُرْبُكُمَا الْخَمْرَ » ، فَقَالَا: فَمَا تَقُولُ فِي عِيسَى؟ قَالَ: " فَسَكَتَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَنَزَلَ الْقُرْآنُ ﴿ذَلِكَ نَتْلُوهُ عَلَيْكَ مِنَ الْآيَاتِ وَالذَّكَرِ الْحَكِيمِ [آل عمران: 58] إِلَى قَوْلِهِ: ﴿أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ [آل عمران: 61] قَالَ: فَدَعَاهُمَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى الْمُلَاعَنَةِ قَالَ: وَجَاءَ بِالْحَسَنِ، وَالْحُسَيْنِ، وَفَاطِمَةَ أَهْلِهِ وَوَلَدِهِ " قَالَ: فَلَمَّا خَرَجَا مِنْ عِنْدَهُ قَالَ أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ: أَقْرِرْ بِالْجِزْيَةِ وَلَا تُلَاعِنْهُ قَالَ: فَرَجَعَا، فَقَالَا: نُقِرُّ بِالْجِزْيَةِ وَلَا نُلَاعِنُكَ قَالَ: فَأَقَرَّا بِالْجِزْيَةِ .
5 - وقال البيهقي في السنن الكبرى - الجزء (7) - الصفحة (101) - الحلقة (13392) :- وَرَوَى حَاتِمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، عَنْ بُكَيْرِ بْنِ مِسْمَارٍ، عَنْ عَامِرِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ ﴿نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ [آل عمران: 61]، دَعَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلِيًّا وَفَاطِمَةَ وَحَسَنًا وَحُسَيْنًا فَقَالَ: «اللهُمَّ هَؤُلَاءِ أَهْلِي» حَدَّثَنَاهُ أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ، ثنا جَعْفَرٌ الْخَلَدِيُّ، وَأَبُو بَكْرِ بْنُ بَالَوَيْهِ قَالَا: ثنا مُوسَى بْنُ هَارُونَ، نا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، ثنا حَاتِمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ فَذَكَرَهُ، رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ عَنْ قُتَيْبَةَ .
6- وقال الحاكم في معرفة علوم الحديث - الصفحة (50) :- حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عِيسَى الدِّهْقَانُ بِالْكُوفَةِ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ الْحَكَمِ الْحِبَرِيُّ، قَالَ: ثنا الْحَسَنُ بْنُ الْحُسَيْنِ الْعُرَنِيُّ قَالَ: ثنا حِبَّانُ بْنُ عَلِيٍّ الْعَنَزِيُّ , عَنِ الْكَلْبِيِّ عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: ﴿فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ [آل عمران: 61] إِلَى قَوْلِهِ ﴿الْكَاذِبِينَ [آل عمران: 61] , " نَزَلَتْ عَلى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَلِيٍّ نَفْسِهِ، ﴿وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ [آل عمران: 61] فِي فَاطِمَةَ، وَ﴿أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ [آل عمران: 61] فِي حَسَنٍ وَحُسَيْنٍ، وَالدُّعَاءُ عَلَى الْكَاذِبِينَ، نَزَلَتْ فِي الْعَاقِبِ وَالسَّيِّدِ وَعَبْدِ الْمَسِيحِ وَأَصْحَابِهِمْ " قَالَ الْحَاكِمُ: وَقَدْ تَوَاتَرَتِ الْأَخْبَارُ فِي التَّفَاسِيرِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ، وَغَيْرِهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخَذَ يَوْمَ الْمُبَاهَلَةِ بِيَدِ عَلِيٍّ , وَحَسَنٍ , وَحُسَيْنٍ وَجَعَلُوا فَاطِمَةَ وَرَاءَهُمْ، ثُمَّ قَالَ: " هَؤُلَاءِ أَبْنَاؤُنَا وَأَنْفُسُنَا وَنِسَاؤُنَا، فَهَلُمُّوا أَنْفُسَكُمْ وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَكُمْ ﴿ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَةَ اللَّهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ [آل عمران: 61] "
7- وقال أبو نعيم الأصبهاني في دلائل النبوة - الصفحة (353) - الحلقة (244) :- حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ قَالَ: ثنا أَحْمَدُ بْنُ دَاوُدَ الْمَكِّيُّ وَمُحَمَّدُ بْنُ زَكَرِيَّا الْغَلَابِيُّ قَالَا: ثنا بِشْرُ بْنُ مِهْرَانَ الْخَصَّافُ قَالَ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ دِينَارٍ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ أَبِي هِنْدَ عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ جَابِرٍ قَالَ: " قَدِمَ عَلَى النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْعَاقِبُ وَالطَّيِّبُ، فَدَعَاهُمَا إِلَى الْإِسْلَامِ فَقَالَا: أَسْلَمْنَا يَا مُحَمَّدُ قَبْلَكَ، قَالَ: «كَذَبْتُمَا، إِنْ شِئْتُمَا أَخْبَرْتُكُمَا مَا يَمْنَعُكُمَا مِنَ الْإِسْلَامِ» قَالُوا: فَهَاتِ أنْبِئْنَا. قَالَ: «حُبُّ الصَّلِيبِ، وَشُرْبُ الْخَمْرِ، وَأَكْلُ لَحْمِ الْخِنْزِيرِ» قَالَ جَابِرٌ: فَدَعَاهُمَا إِلَى الْمُلَاعَنَةِ فَوَاعَدَاهُ عَلَى أَنْ يُغَادِيَاهُ بِالْغَدَاةِ فَغَدَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَخَذَ بِيَدِ عَلِيٍّ وَفَاطِمَةَ وَالْحَسَنِ وَالْحُسَيْنِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ ثُمَّ أَرْسَلَ إِلَيْهِمَا فَأَبَيَا أَنْ يُجِيبَاهُ وَأَقَرَّا لَهُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: وَالَّذِي بَعَثَنِي بِالْحَقِّ لَوْ فَعَلَا لَأَمْطَرَ الْوَادِي عَلَيْهِمَا نَارًا قَالَ جَابِرٌ: فِيهِمْ نَزَلَتْ: ﴿فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ وَأَنْفُسَنَا وَأَنْفُسَكُمْ [آل عمران: 61] قَالَ الشَّعْبِيُّ: قَالَ جَابِرٌ: ﴿وَأَنْفُسَنَا وَأَنْفُسَكُمْ [آل عمران: 61] رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَلِيٌّ، وَ﴿أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ [آل عمران: 61] الْحَسَنُ وَالْحُسَيْنُ، ﴿وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ [آل عمران: 61] فَاطِمَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ أَجْمَعِينَ .
وقال التبريزي في مشكاة المصابيح - الجزء (3) - الصفحة (1731) : صَحِيح .
وقال ابن كثير في البداية والنهاية - الجزء (11) - الصفحة (48) : حسن صحيح .
وقال ابن كثير في تفسير القرآن العظيم - الجزء (2) - الصفحة (47) : صحيح .
وقال الألباني في صحيح وضعيف سنن الترمذي - الجزء (6) - الصفحة (499) : صحيح الإسناد .

بيان المعاني والأسباب :-
لم يكن تعيين شخصيات المباهلة حالة عفويّة من اختيار النبي محمد (صلّى الله عليه وآله وسلّم) ! بل كان اختيار إلهي أوحى للنبي بذلك ؛ لأنّ النبي لا ينطق عن الهوى إن هو إلّا وحيٌ يوحى . وقد أجاب الرسول (صلَّى الله عليه وآله وسلّم) عندما سُئِلَ عن هذا الإختيار بقوله : «لَوْ عَلِمَ اللَّهُ تَعَالَى أَنَّ فِي الْأَرْضِ عِبَاداً أَكْرَمَ مِنْ عَلِيٍّ وَفَاطِمَةَ وَالْحَسَنِ وَالْحُسَيْنِ لَأَمَرَنِي [فِي] أَنْ أُبَاهِلَ بِهِمْ ، وَلَكِنْ أَمَرَنِيَ بِالْمُبَاهَلَةِ مَعَ هَؤُلَاءِ وَهُمْ أَفْضَلُ الْخَلْقِ ، فَغَلَبْتُ بِهِمْ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى» . المصدر : (ينابيع المودة لذوي القربى للقندوزي الحنفي : ج٢، ص266، ح755.)
فبالنسبة إلى ﴿أَنْفُسَنَا وَأَنْفُسَكُمْ :- فلقد كان الإمام علي (عليه السلام) نفس مُحمّد (صلّى الله عليه وآله وسلّم) الذي باهل الله به كما في صريح الآية الكريمة ، فهذه المفردة القرآنيّة : ﴿أَنْفُسَنَا تعتبر عليّاً (عليه الصلاة والسلام) الشخصيّة الكاملة الموافقة في الكفاءات والصفات لشخصيّة الرسول مُحمّد (صلَّى الله عليه وآله وسلّم) باستثناء النبوّة التي تمنح النبي خصوصية لا يشاركه فيها أحد ، وقد قال النبي لعلي : «أنت منّي بمنزلة هارون من موسى إلّا أنّه لا نبي بعدي» . (راجع صحيح البخاري : ج5، ص19، ح3706. وصحيح مسلم : ج4، ص1871، ح32. وصحيح الترمذي : ج5، ص641، ح3731. وصحيح ابن حبان : ج15، ص370، ح6927. والمستدرك على الصحيحين للحاكم : ج2، ص367، ح3294.)
فالإمام علي (عليه السلام) هو المؤهل الوحيد لتمثيل الرسول (صلَّى الله عليه وآله وسلّم) في حياته وبعد مماته لما يملكه من هذه المصداقية الكاملة ، وقد أكَّد رسول الله (صلَّى الله عليه وآله وسلّم) هذه الحقيقة في أحاديث واضحة الشكل والمضمون في مواطن كثيرة منها : «أنت مني وأنا منك» ، «أنت صفيي وأميني» ، «لا يؤدّي عنّي إلّا أنا أو علي» :-
1- السنن الكبرى للنسائي - الجزء (7) - الصفحة (433) :- 8400 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَ: حَدَّثَنَا زَيْدُ بْنُ حُبَابٍ قَالَ: حَدَّثَنَا شَرِيكٌ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ قَالَ: حَدَّثَنِي حَبَشِيُّ بْنُ جُنَادَةَ السَّلُولِيُّ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «عَلِيٌّ مِنِّي، وَأَنَا مِنْهُ» فَقُلْتُ لِأَبِي إِسْحَاقَ: «أَيْنَ سَمِعْتَهُ؟» قَالَ: وَقَفَ عَلِيٌّ هَاهُنَا فَحَدَّثَنِي رَوَاهُ إِسْرَائِيلُ فَقَالَ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنِ الْبَرَاءِ. قال عنه النسائي في خصائص علي (ص87) : حسن صحيح غريب .
2- السنن الكبرى للنسائي - الجزء (7) - الصفحة (433) :- 8401 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَ: حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللهِ قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ الْبَرَاءِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِعَلِيٍّ: «أَنْتَ مِنِّي، وَأَنَا مِنْكَ» وَرَوَاهُ الْقَاسِمُ بْنُ يَزِيدَ الْجَرْمِيُّ عَنْ إِسْرَائِيلَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ هُبَيْرَةَ وَهَانِئٍ عَنْ عَلِيٍّ. قال عنه النسائي في خصائص علي (ص87) : صحيح على شرط البخاري . وقال عنه الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة (ج10، ص626) : أخرجه الحاكم (3/ 120) . وقال: "صحيح الإسناد" ووافقه الذهبي .
3- السنن الكبرى للنسائي - الجزء (7) - الصفحة (434) :- 8404 - أَخْبَرَنِي زَكَرِيَّا بْنُ يَحْيَى قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عُمَرَ، وَأَبُو مَرْوَانَ، قَالَا حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ الْهَادِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ نَافِعِ بْنِ عُجَيْرٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَلِيٍّ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَمَّا أَنْتَ يَا عَلِيُّ فَصَفِيِّي وَأَمِينِي» . قال عنه النسائي في خصائص علي (ص90) : إسناده حسن .
4- السنن الكبرى للنسائي - الجزء (7) - الصفحة (434) :- 8405 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ آدَمَ قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ حَبَشِيِّ بْنِ جُنَادَةَ السَّلُولِيِّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «عَلِيٌّ مِنِّي، وَأَنَا مِنْهُ، وَلَا يُؤَدِّي عَنِّي إِلَّا أَنَا أَوْ عَلِيٌّ» . قال عنه النسائي في خصائص علي (ص91) : رجاله ثقات .
5- صحيح الترمذي - الجزء (5) - الصفحة (638) :- 3724 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ قَالَ: حَدَّثَنَا حَاتِمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، عَنْ بُكَيْرِ بْنِ مِسْمَارٍ، عَنْ عَامِرِ بْنِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: أَمَّرَ مُعَاوِيَةُ بْنُ أَبِي سُفْيَانَ سَعْدًا، فَقَالَ: مَا يَمْنَعُكَ أَنْ تَسُبَّ أَبَا تُرَابٍ، قَالَ: أَمَّا مَا ذَكَرْتَ ثَلَاثًا قَالَهُنَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَنْ أَسُبَّهُ، لَأَنْ تَكُونَ لِي وَاحِدَةٌ مِنْهُنَّ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ حُمْرِ النَّعَمِ. سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ لِعَلِيٍّ وَخَلَفَهُ فِي بَعْضِ مَغَازِيهِ، فَقَالَ لَهُ عَلِيٌّ: يَا رَسُولَ اللَّهِ تَخْلُفُنِي مَعَ النِّسَاءِ وَالصِّبْيَانِ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَمَا تَرْضَى أَنْ تَكُونَ مِنِّي بِمَنْزِلَةِ هَارُونَ مِنْ مُوسَى إِلَّا أَنَّهُ لَا نُبُوَّةَ بَعْدِي»، وَسَمِعْتُهُ يَقُولُ يَوْمَ خَيْبَرَ: «لَأُعْطِيَنَّ الرَّايَةَ رَجُلًا يُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيُحِبُّهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ». قَالَ: فَتَطَاوَلْنَا لَهَا، فَقَالَ: «ادْعُوا لِي عَلِيًّا، فَأَتَاهُ وَبِهِ رَمَدٌ، فَبَصَقَ فِي عَيْنِهِ»، فَدَفَعَ الرَّايَةَ إِلَيْهِ، فَفَتَحَ اللَّهُ عَلَيْهِ، وَأُنْزِلَتْ هَذِهِ الآيَةَ ﴿فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ [آل عمران: 61] الآيَةَ، دَعَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلِيًّا وَفَاطِمَةَ وَحَسَنًا وَحُسَيْنًا فَقَالَ: «اللَّهُمَّ هَؤُلَاءِ أَهْلِي» . «هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ غَرِيبٌ مِنْ هَذَا الوَجْهِ» . صححه الألباني في كتابه صحيح وضعيف سنن الترمذي : ج8، ص224. (راجع أيضاً صحيح البخاري : ج5، ص134، ح4210. وراجع أيضاً صحيح مسلم : ج4، ص1871، ح2404) .
ويقول أبو سعد الآبي الرازي في كتابه نثر الدر في المحاضرات - الجزء (1) - الصفحة (182) :- سُئِلَ (ص) عَن أَصْحَابه فَذكرهمْ ، ثمَّ سُئِلَ عَن عَليّ (ع) ، فَقَالَ (ص) : وَهَلْ يَسْأَل الرَّجل عَنْ نَفْسه ؟

وبالنسبة إلى ﴿نِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ :- فلقد كانت الصدّيقة الطاهرة فاطمة الزهراء (عليها الصلاة والسلام) سيّدة نساء العالمين التي باهل الله بها ، وعندما تكون بتلك المنزلة العظيمة وهي السيّادة في الدُنيا والآخرة تكون هي الممثلة عن جميع نساء النبي مُحمّد (صلّى الله عليه وآله وسلّم) وسائر النساء العفيفات التقيّات :-
1- صحيح الترمذي - الجزء (5) - الصفحة (703) - الحلقة (3878) :- حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ زَنْجُوَيْهِ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «حَسْبُكَ مِنْ نِسَاءِ العَالَمِينَ: مَرْيَمُ ابْنَةُ عِمْرَانَ، وَخَدِيجَةُ بِنْتُ خُوَيْلِدٍ، وَفَاطِمَةُ بِنْتُ مُحَمَّدٍ وَآسِيَةُ امْرَأَةُ فِرْعَوْنَ» : «هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ» .
2- صحيح ابن حبان - الجزء (15) - الصفحة (464) - الحلقة (7003) :- أَخْبَرَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ سُفْيَانَ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ سُفْيَانَ أَبُو سُفْيَانَ، وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ فَضَالَةَ أَبُو قُدَيْدٍ، قَالَا: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «حَسْبُكَ مِنْ نِسَاءِ الْعَالَمِينَ مَرْيَمُ بِنْتُ عِمْرَانَ، وَخَدِيجَةُ بِنْتُ خُوَيْلِدٍ، وَفَاطِمَةُ بِنْتُ مُحَمَّدٍ، وَآسِيَةُ امْرَأَةُ فِرْعَوْنَ» .
3- المستدرك على الصحيحين للحاكم - الجزء (2) - الصفحة (650) - الحلقة (4160) :- حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ إِسْحَاقَ، أَنْبَأَ هِشَامُ بْنُ عَلِيٍّ، ثنا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، ثنا دَاودُ بْنُ أَبِي الْفُرَاتِ، ثنا عِلْبَاءُ بْنُ أَحْمَرَ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَفْضَلُ نِسَاءِ الْعَالَمِينَ خَدِيجَةُ بِنْتُ خُوَيْلِدٍ، وَفَاطِمَةُ بِنْتُ مُحَمَّدٍ وَمَرْيَمُ بِنْتُ عِمْرَانَ وَآسِيَةُ بِنْتُ مُزَاحِمٍ امْرَأَةُ فِرْعَوْنَ» هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحُ الْإِسْنَادِ وَلَمْ يُخَرِّجَاهُ بِهَذَا اللَّفْظِ .
4- المستدرك على الصحيحين للحاكم - الجزء (3) - الصفحة (170) - الحلقة (4740) :- زَكَرِيَّا بْنُ أَبِي زَائِدٍ، عَنْ فِرَاسٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ مَسْرُوقٍ، عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: وَهُوَ فِي مَرَضِهِ الَّذِي تُوُفِّيَ فِيهِ: «يَا فَاطِمَةُ، أَلَا تَرْضَيْنَ أَنْ تَكُونِي سَيِّدَةَ نِسَاءِ الْعَالَمِينَ وَسَيِّدَةَ نِسَاءِ هَذِهِ الْأُمَّةِ وَسَيِّدَةَ نِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ؟» هَذَا إِسْنَادٌ صَحِيحٌ، وَلَمْ يُخَرِّجَاهُ هَكَذَا .
5- تاريخ الإسلام للذهبي - الجزء (3) - الصفحة (46) :- وَقَالَ مَيْسَرَةُ بْنُ حَبِيبٍ، عَنِ الْمِنْهَالِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ عَائِشَةَ بِنْتِ طَلْحَةَ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: مَا رَأَيْتُ أَحَدًا كَانَ أَشْبَهَ كَلَامًا وَحَدِيثًا بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ فَاطِمَةَ، وَكَانَتْ إِذَا دَخَلَتْ عَلَيْهِ قَامَ إِلَيْهَا فَقَبَّلَهَا وَرَحَّبَ بِهَا كَمَا كَانَتْ هِيَ تَصْنَعُ بِهِ، وَقَدْ شَبَّهَتْ عَائِشَةُ مِشْيَتَهَا بِمِشْيَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . رواه أبو داود في الأدب 4/ 355 رقم (5217) باب ما جاء في القيام، والترمذي في المناقب 5/ 361، 362 رقم (3964) باب ما جاء في فضل فاطمة رضي الله عنها، والحاكم في المستدرك 3/ 154 وقال: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه. ورواه أيضا في ج 3/ 160، وابن سعد في الطبقات 8/ 26، 27.

وبالنسبة إلى ﴿أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ :- فهذه دالّة على أنّ الحسن والحُسين (عليهما السلام) كانا ابني رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) ، فلقد وجب أن يكونا أبنيه لأنّه باهل بهما وكما صرّحت الآية الكريمة بذلك ، ومما يؤكد هذا قوله تعالى : ﴿وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ كُلًّا هَدَيْنَا وَنُوحًا هَدَيْنَا مِنْ قَبْلُ وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِ دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ وَأَيُّوبَ وَيُوسُفَ وَمُوسَى وَهَارُونَ وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ * وَزَكَرِيَّا وَيَحْيَى وَعِيسَى وَإِلْيَاسَ كُلٌّ مِنَ الصَّالِحِينَ * وَإِسْمَاعِيلَ وَالْيَسَعَ وَيُونُسَ وَلُوطًا وَكُلًّا فَضَّلْنَا عَلَى الْعَالَمِينَ * وَمِنْ آبَائِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ وَإِخْوَانِهِمْ وَاجْتَبَيْنَاهُمْ وَهَدَيْنَاهُمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ - [سُّورَةُ الْأَنْعَامِ : 84 - 87.]
وخصوصاً أنّهما سيدا شباب أهل الجنّة وعندما يكونان بتلك المنزلة العظيمة وهي السيّادة في الدُنيا والآخرة يكونان هما الممثلان عن جميع أولاد النبي مُحمّد (صلّى الله عليه وآله وسلّم) ، ومعلومٌ أنّ عيسى (عليه السلام) إنّما انتسب إلى إبراهيم (عليه السلام) بالأُم لا بالأب ، فثبت أنّ ابن البنت يسمى ابناً :-
1- صحيح الترمذي - الجزء (5) - الصفحة (657) - الحلقة (3772) :- حَدَّثَنَا أَبُو سَعِيدٍ الأَشَجُّ قَالَ: حَدَّثَنَا عُقْبَةُ بْنُ خَالِدٍ قَالَ: حَدَّثَنِي يُوسُفُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، أَنَّهُ سَمِعَ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ، يَقُولُ: سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَيُّ أَهْلِ بَيْتِكَ أَحَبُّ إِلَيْكَ؟ قَالَ: «الحَسَنُ وَالحُسَيْنُ». وَكَانَ يَقُولُ لِفَاطِمَةَ «ادْعِي لِيَ ابْنَيَّ»، فَيَشُمُّهُمَا وَيَضُمُّهُمَا إِلَيْهِ «هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ مِنْ هَذَا الوَجْهِ مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ» .
2- صحيح الترمذي - الجزء (5) - الصفحة (656) - الحلقة (3769) :- حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ وَكِيعٍ، وَعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، قَالَا: حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ يَعْقُوبَ الزَّمْعِيُّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرِ بْنِ زَيْدِ بْنِ المُهَاجِرِ قَالَ: أَخْبَرَنِي مُسْلِمُ بْنُ أَبِي سَهْلٍ النَّبَّالُ قَالَ: أَخْبَرَنِي الحَسَنُ بْنُ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبِي أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ، قَالَ: طَرَقْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَاتَ لَيْلَةٍ فِي بَعْضِ الحَاجَةِ فَخَرَجَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ مُشْتَمِلٌ عَلَى شَيْءٍ لَا أَدْرِي مَا هُوَ، فَلَمَّا فَرَغْتُ مِنْ حَاجَتِي. قُلْتُ: مَا هَذَا الَّذِي أَنْتَ مُشْتَمِلٌ عَلَيْهِ؟ فَكَشَفَهُ فَإِذَا حَسَنٌ وَحُسَيْنٌ عَلَى وَرِكَيْهِ، فَقَالَ: «هَذَانِ ابْنَايَ وَابْنَا ابْنَتِيَ، اللَّهُمَّ إِنِّي أُحِبُّهُمَا فَأَحِبَّهُمَا وَأَحِبَّ مَنْ يُحِبُّهُمَا». «هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ» .
3- صحيح الترمذي - الجزء (5) - الصفحة (657) - الحلقة (3770) :- حَدَّثَنَا عُقْبَةُ بْنُ مُكْرَمٍ الْبَصْرِيُّ الْعَمِّيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرِ بْنِ حَازِمٍ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي يَعْقُوبَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي نُعْمٍ، أَنَّ رَجُلًا مِنْ أَهْلِ العِرَاقِ سَأَلَ ابْنَ عُمَرَ عَنْ دَمِ البَعُوضِ يُصِيبُ الثَّوْبَ، فَقَالَ ابْنُ عُمَرَ: انْظُرُوا إِلَى هَذَا يَسْأَلُ عَنْ دَمِ البَعُوضِ وَقَدْ قَتَلُوا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَسَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «إِنَّ الحَسَنَ وَالحُسَيْنَ هُمَا رَيْحَانَتَايَ مِنَ الدُّنْيَا» : «هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ» وَقَدْ رَوَاهُ شُعْبَةُ، وَمَهْدِيُّ بْنُ مَيْمُونٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي يَعْقُوبَ، وَقَدْ رُوِيَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَحْوَهُ .
4- صحيح الترمذي - الجزء (5) - الصفحة (656) - الحلقة (3768) :- حَدَّثَنَا مَحْمُودُ بْنُ غَيْلَانَ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ الحَفَرِيُّ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي زِيَادٍ، عَنْ ابْنِ أَبِي نُعْمٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «الحَسَنُ وَالحُسَيْنُ سَيِّدَا شَبَابِ أَهْلِ الجَنَّةِ» حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ وَكِيعٍ قَالَ: حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، وَمُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ، عَنْ يَزِيدَ، نَحْوَهُ. هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ. وَابْنُ أَبِي نُعْمٍ هُوَ: عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي نُعْمٍ الْبَجَلِيُّ الْكُوفِيُّ .
5- صحيح الترمذي - الجزء (5) - الصفحة (660) - الحلقة (3779) :- حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ: أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى، عَنْ إِسْرَائِيلَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ هَانِئِ بْنِ هَانِئٍ، عَنْ عَلِيٍّ، قَالَ: «الحَسَنُ أَشْبَهُ بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا بَيْنَ الصَّدْرِ إِلَى الرَّأْسِ، وَالْحُسَيْنُ أَشْبَهُ بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا كَانَ أَسْفَلَ مِنْ ذَلِكَ» هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ .