بِسمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ وَالحَمْدُ لِلهِ رَبِّ الْعالَمِيْنَ وَالصَّلاةُ وَالسَّلامُ عَلى أشْرَفِ الْأَنْبِياءِ وَالْمُرْسَلِينَ أَبِي الْقاسِمِ مُحَمَّدٍ وَعَلى آلِهِ الْطَّيِّبِينَ الطَّاهِرِين ..
كثير منا أو كلنا نحن المسلمينوكغيرنا من شعوب العالم نفتخر أو ربما نتفاخر بذكر بعض الاسماء اللامعة لرجالاتنا وأبطالنا الذين ملأوا صفحات التأريخ مفاخرَ وأمجاداً وسطروا أروع البطولات في تحدي الباطل والدفاع عن الحق أما الطواغيت والجبابرة .
ولكن ما يحزّ بالنفس أن معظم هؤلاء لم يُنصفوا لا من قبل التأريخ ولا من قبلنا تجاههم ، فها نحن لا نملك الا اليسير من المعلومات عنهم ، رغم توفر المعلومة في الوقت الحاضر وسهولة الحصول عليها واقتنائها ، لذا فباعتقادي ان معظمنا مقصّر تجاه هؤلاء الأبطال .
وعرافنا منا لهم ينبغي أن نذكر ما نستطيع ذكره عنهم
ومن هؤلاء الأبطال والمجاهدين هو
أبو ذرّ الغفاري
جاء في موسوعة أصحاب الفقهاء :
( أبو ذرّ الغفاري : اختلف في اسمه واسم أبيه، والمشهور المحفوظ: جُندب بن جنادة.
كان أحد السابقين الاَوّلين، قدم على النبي - صلّى اللّه عليه وآله وسلّم - وهو بمكة فأسلم، ثم رجع إلى بلاد قومه بأمر النبي - صلّى اللّه عليه وآله وسلّم - ، فكان يسخر بآلهتهم.
وكان يتألّه في الجاهلية ويوحّد، ولا يعبد الاَصنام.
ولما هاجر النبي - صلّى اللّه عليه وآله وسلّم - ، هاجر أبو ذر إلى المدينة، وكان حامل راية غفار يوم حنين...) (1)وقال الشيخ حسن صاحب المعالم في التحرير الطاووسي :
( جندب بن جنادة، أبو ذر الغفاري . روى انه ممن لم يرتد. الاختيار: 38 ضمن رقم 78. ذكرة الشيخ(2) في الفهرست: 45 رقم 149 فقال: " جندب بن جنادة أبو ذر الغفاري رضى الله عنه، أحد الاركان الاربعة، له خطبة يشرح فيها الامور بعد النبي صلى الله عليه وآله.. "
وذكره في رجاله: 13 رقم 12 من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله قائلا: " جندب ابن جنادة الغفاري أبو ذر رحمة الله عليه، وقيل: جندب بن السكن، وقيل: اسمه برير بن جنادة مهاجري، مات في زمن عثمان بالربذة "، وذكره في: 36 رقم 1 في أصحاب أمير المؤمنين عليه السلام قائلا: " جندب بن جنادة، ويقال: جندب بن السكن، يكنى: أبا ذر، أحد الاركان الاربعة ".
وعده البرقى في رجاله: 1 من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله، وفى: 3 من أصفياء أصحاب أمير المؤمنين عليه السلام، وفى: 4 من شرطة خميس أمير المؤمنين عليه السلام، وذكره ابن شهر آشوب في معالمه: 32 رقم 180.
وذكره ابن داود في القسم الاول من رجاله: 67 رقم 349 أيضا،
وكذا العلامة(3) في رجاله: 36 رقم 1، لكن ورد في رجال العلامة ان اسمه " ثوير " على أحد الاقوال، والظاهر انه تصحيف " برير " على ما مر نقله عن رجال الشيخ فلاحظ.
وقال ابن حجر العسقلاني في الاصابة: 4 / 62 رقم 384: " أبو ذر الغفاري، الزاهد المشهور الصادق اللهجة.. مختلف في اسمه واسم أبيه، والمشهور: انه جندب بن جنادة ابن سكن، وقيل: بن عبد الله، وقيل: اسمه برير، وقيل: بالتصغير، والاختلاف في أبيه كذلك الا في السكن، قيل: يزيد عرفة، وقيل: اسمه هو السكن بن جنادة بن قيس بن بياض ابن عمرو بن مليل بلامين - مصغرا - ابن صعير - بمهملتين مصغرا - ابن حرام - بمهملتين
بن غفار، وقيل: اسم جده سفيان بن عبيد بن حرام بن غفار، واسم امه: رملة بنت الوقيعة، غفارية أيضا..)(4)
___________________________
(1) موسوعة أصحاب الفقهاء - (ج 1 / ص 65)
(2) يقصد به الشيخ الطوسي - ره -
(3) يقصد به العلامة الحلي - ره -
(4) التحرير الطاووسي- (ص 118)
يتبع ...
إن المتتبع لحياة وسيرة أبي ذر الغفاري ، يجده شخصية قليلة النظير ، فقد كان راسخ العقيدة ، صلب الايمان ،غيوراً على الدين ، لا تأخذه في الله لومةُ لائم ، فلم يكن يداهن أو يجامل على حساب الحق ، بل كان يجاهر بالحق ، حتى ضج منه الطواغيت وضاق به حكام الجور أمثال معاوية
وكان متفانياً في حب رسول الله (صلى الله عليه وآله) وأهل بيته الطاهرين(صلوات الله عليهم أجمعين) ، حتى انه كان يجهر بفضائل أمير المؤمنين(عليه السلام) في وقت منع فيه أيًّ ذكر لأهل البيت (عليه السلام)
وكان رسول الله(صلى الله عليه وآله) مطلعاً على هذه الشخصية لذا منح صاحبها أكثر من وسام
فقال ( صلى الله عليه وآله ) في حقه :
" ما اظلت الخضراء ولا اقلت الغبراء على ذي لهجة اصدق من أبي ذر يعيش وحده ويموت وحده ، ويبعث وحده ويدخل الجنة "(1)
وجاء في كتاب الأمالي للشيخ المفيد :
عن ابن بريدة عن أبيه قال قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) :
" إن الله أمرني بحب أربعة من أصحابي و أخبرني أنه يحبهم "
قلنا من هم يا رسول الله و ليس منا أحد إلا يحب أن يكون منهم فقال ( صلى الله عليه وآله ) :
"ألا إن عليا منهم " يقولها ثلاثا " والمقداد بن الأسود و أبو ذر الغفاري و سلمان الفارسي "(2)
وقال ( صلى الله عليه وآله ) عنه أنه من أهل الجنة ، أي أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) ضمن أنه من أهل الجنة ، فقد روى الشيخ الصدوق - رحمه الله تعالى - في علله هذا الحديث :
إبراهيم بن احمدبن هشام المؤدب وعلي بن عبدالله الوراق وعلي بن احمد بن محمد الدقاق رضى الله عنهم قالوا: حدثنا ابوالعباس احمدبن يحيى بن زكريا القطان قال حدثنا بكربن عبدالله بن حبيب، عن تميم بن بهلول، عن ابيه، عن ابى الحسن العبدي، عن سليمان بن مهران، عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: كان النبي، صلى الله عليه وآله ذات يوم في مسجد (قبا) وعنده نفر من أصحابه فقال ( صلى الله عليه وآله ) :
" اول من يدخل عليكم الساعة رجل من أهل الجنة "
فلما سمعوا ذلك قام نفرمنهم فخرجوا وكل واحد منهم يحب ان يعود ليكون هو أول داخل فيستوجب الجنة فعلم النبي (صلى الله عليه وآله) ذلك منهم فقال ( صلى الله عليه وآله )لمن بقى عنده من أصحابه :
" سيدخل عليكم جماعة يستبقون فمن بشرني بخروج آذار فله الجنة "
فعاد القوم ودخلوا ومعهم ابوذر رحمه الله فقال ( صلى الله عليه وآله ) لهم :
" في أي شهر نحن من الشهور الرومية "
فقال ابوذر : قد خرج آذار يارسول الله، فقال (صلى الله عليه وآله) :
"قد علمت ذلك يااباذر ولكن احببت ان يعلم قومى إنك رجل من اهل الجنة وكيف لاتكون كذلك وأنت المطرود من حرمى بعدي لمحبتك لاهل بيتي فتعيش وحدك وتموت وحدك ويسعد بك قوم يتولون تجهيزك ودفنك أولئك رفقائى في الجنة الخلد التي وعد المتقون "(3)
_______________________
(1) روضة الواعظين - (ص 284)
(2) الامالي - ( ص 125)
(3) علل الشرايع - (ج 1 / ص 176)