كصخرة من صخور القاع
**قال : أجلس في الفراغ الهائل ..أينما أذهبُ أنا في المنتصف ..لا أصل لشيء ….كمن يمشي في الصحراء ...تقول له : أين تذهب ..يقول : لا أعرف ….فسيّان أن تمشي هنا أو هكذا كالدائرة ……!!.أمّا أصحاب الأمل فيمشون الى أحلامهم بخط مستقيم وهو أسرع طريق …………..!!..والأمل ما يجعل لك طريقا لك وحدك ..لا يمشي فيها غيرك ...لأنّ أحلام الناس لا تتشابه ...ستختلف ولو بأنملة واحدة …….!!..الأمل يجلك عالَما وحدك .. ..ليس فيه غيرك ...هو ما تشاء أنت وما تريد فتشعر بكلّ ذاتك ..وقيمتها ...ومن يعرف قيمة نفسه .. يعرف أيضا قيمة كلّ معنى وكلّ شيء حوله ..لا نخاف إلّا من اؤلئك الفارغين من المعنى ..فيدمرّون المعنى
**حياتنا كمركب يمشي في البحر ...ينظر الى الحياة وأفقها الجميل ..وينسى ما تحت البحر ...وريح البحر الذي يهبّ فجأة بدقيقة واحدة ..يقلبك ولا تصدّق أنّك وأنت تغرق ستصير كصخرة من صخور القاع …..بلا عينين ولا مركب ولا تريد شيئا
!!
كلّ أفكارك وأحلامك لا تنقذك من ذاك المصير ..لا ينقذك إلّا نفس تفهم أنّها عائدة إلى خالقها ,,,فتتصالح معه وتتخلّى له عن ارادتها وتعيش بإرادته ,,,نفسٌ تتعلّم الطاعة ...فإذا انقلب قاربها ,,,,يتلقّاها الله ولا تنام بين صخور القاع
..نحن مثل زهرة وضعها الله في اناء يتشقق من الطين ...فحين ينهار الإناء ...تقول الزهرة : يا الله ضعني في إناء لا ينهدم ...فيضعها ….إلى الأبد
**قال وهو ينظر الى الشمس الغاربة : حالي يشبه حال هذه الشمس التي ستتوارى في الظلام ..بعد أن منحتْ الضوء لكلّ شيء وأعطت عطاءها ...فما كانت حياة الصالحين إلّا مزيد قيود ..فهم يقيّدون أنفسهم للحق وللخير ...لكي لا يؤذون الغير ولا أنفسهم ..
واليوم أريد تلك الحريّة بلا قيود ...حين يطلقنا الله في الجنة ...فأهل الجنة كلّهم صالحون ..لا يحتاجون للقيود
**قالوا : كان نجما لامعا عالما ...قلت: واليوم ..كيف هو …!!..قالوا : هو كطائر طار لحظة وسقط ...فهو يرقد مع التراب ..قلت: ألم أقل لكم : تضيئون كما تضيء لحظة برق ...وتنتهون ...وأنتم أجمل من البرق الذي يضيء الليل كلّه بلحظة واحدة ...زاحمتم الى الخير كما تزاحمت فراشات على الماء النمير.. وأريتمونا ضوء نفوسكم وأنتم تزدحمون في الأفق والناس غيركم غارقون في أكاذيب حياتهم وقيودها ….أضأتم كما يضيء الحق وأعطيتم كما يعطي الخير
عبدالحليم الطيطي