مستوى الأخلاق ينحدر بلا شك، وسقف ما كان مسموحًا به يرتفع.
في طفولتي كان من الصعب أن تذكر كلمة (زواج) في بيتنا، وكان أبي يوشك على فقدان وعيه إذا سمع لفظة (نيلة) كما أنه اتهمني بأنني ولد رقيع قليل الأدب عندما ذكرت لفظة (سَكّة) بفتح السين، وهذا بالطبع نوع من التزيد الهستيري غير المطلوب، لكنه يعطيك فكرة عن صدمتي وأنا أرى ما يحدث.
"الفيس بوك" لعنة في حد ذاتها، ويطلق عنان البذاءة بلا رقيب، ويكفي أن تقرأ ردود رواد المواقع على بعضهم، بالذات لدى وجود خلاف سياسي. مؤخرًا وجدت حوارًا (سياسيًا) بين شاب مثقف أحترمه وأثق برجاحة عقله، مع مجموعة من خصومه. وجدت كمية شتائم وابتذال لا يمكن وصفهما، لدرجة أن الشاب المثقف سقط من نظري تمامًا وكففت عن مراسلته أو الرد على مكالماته. لقد مشيت في جنازته بشكل مجازي. قال لي العارفون إن هذه موضة شبابية من سمات الروشنة: أن تُظهر أنك ولد بذيء جدًا وصايع لا يتورع عن شيء.
تدخل على النت لصفحات فتيات محترمات، فتذهل إذ تكتشف أنهن يستعملن شتائم أقلها (ابن الوسخة) و a7a .. وسوف تكتشف أنهن يتكلمن عن أعضاء الأمهات الجنسية ببساطة تامة. والغريب أنهن بنات ناس محترمات ولسن عاهرات.
تهرب إلى "يوتيوب"، فتجد هناك أغنية شبابية تقول كلماتها العبقرية: " كل ما جي أشبّط.. الباب يخبط.. كل ماجي أزقّ.. الباب يدق!".
هذا لم يعد زمني كما هو واضح، وقواعد اللعبة تغيرت.. وككل من سبقوني أردد نفس العبارة: "ربنا يطلّعنا منها على خير" .
― من مقال " أبــاحة " لــ د . أحمد خالد توفيق