الجزء السفلي من ساق بعوضة ميتة بعد ملامسته لمسحوق الصخور البركانية (يوريك ألرت)
الملاريا مرض معد أدى إلى إصابة 228 مليون شخص، ووفاة حوالي 405 آلاف حالة خلال عام 2018 فقط، 94% منهم في أفريقيا وحدها، وذلك وفقا لتقرير الملاريا العالمي عام 2019.
والملاريا عبارة عن عدوى ناجمة عن طفيلي أُحادي الخلية، يتغلغل في مجرى الدم عن طريق لسعة البعوض.
ويعد استخدام الناموسيات المُعَالجة بالمبيدات الحشرية الأكثر شيوعا وفعالية لتقليل البعوض، لكن مقاومة البعوض للمبيدات الحشرية شائعة الاستخدام مثل البيرثرويدات تزداد سنة بعد أخرى، لذا فإن هناك حاجة مُلحة لكيمياء آمنة بديلة لاستخدامها في السيطرة على البعوض.
مؤخرا، نجح الباحثون في ابتكار بديل فعال ضد بعوضة "الأنوفيلس الغامبية" المقاومة للبيرثرويدات في جنوب أفريقيا.
وأظهرت دراستهم المنشورة في دورية "إنسكتس" يوم 23 مايو/أيار الماضي أن رذاذا تم تحضيره عن طريق خلط مسحوق الزجاج البركاني بالماء أظهر سيطرة فعالة على البعوض الحامل للملاريا.
الزجاج البركاني
الزجاج البركاني هو نوع من أنواع الصخور غير البلورية الناتجة عند حدوث عملية تبريد سريعة للصهارة الأرضية "الماغما" وهي عبارة عن مزيج من مواد السيليكا المنصهرة مع المواد الصلبة المتطايرة من البراكين.
مادة الزجاج البركاني المستخدمة في هذا المبيد الحشري الجديد هي البيرلايت، وهو معدن صناعي يستخدم بشكل متكرر في مواد البناء وفي الحدائق كمادة إضافية للتربة.
ويمكن استخدام هذا المبيد الحشري الجديد والذي يسمى "إميرجارد دبليو بي" على الجدران والأسقف الداخلية كرذاذ لا يحتوي على مواد كيميائية إضافية.
وقد أظهرت نتائج الدراسة أن هذه الطريقة مفيدة في الحد من البعوض الحامل للعديد من الأمراض في أفريقيا، وأن المبيد الجديد ليس ساما للثدييات، وسيكون فعالا للغاية من حيث التكلفة.
تفاصيل الدراسة
في الدراسة، عمل علماء الحشرات في جامعة ولاية نورث كارولينا الأميركية مع فريق كبير من الباحثين في اتحاد مكافحة ناقلات الأمراض المُبتَكِر، ومقره مدرسة ليفربول للطب الاستوائي، وشركة "إميريس" لتنقية المعادن لاختبار المبيد الجديد.استخدم الباحثون الرذاذ في الأكواخ التجريبية في جمهورية بنين (غرب أفريقيا) لاختبار آثاره على كل من السلالات البرية وبعوض " الأنوفيلس الغامبية" والذي تبرز أهميته كونه الناقل الرئيس للملاريا في جنوب الصحراء الكبرى الأفريقية.
استخدم الباحثون أربعة اختبارات مختلفة للتحقق من فعالية المبيد الجديد، المجموعة الأولي كانت أكواخ الدراسة الضابطة، ولم يكن بها رذاذ للوقاية من البعوض.
أظهر رذاذ الزجاج البركاني سيطرة فعالة على البعوض الحامل للملاريا (بيكسابي)
في المجموعة الثانية تمت تغطية جدران الكوخ بمبيدات البيرثرويدات، وفي المجموعة الثالثة، تم رش جدران الكوخ برذاذ المبيد الجديد، في حين تم رش جدران الكوخ بمزيج من البيرثرويدات والمبيد الجديد في المجموعة الرابعة.
أظهرت الأكواخ ذات الجدران المعالجة برذاذ المبيد الجديد، مع البيرثرويد أو بدونه، أكبر معدلات وفيات للبعوض.
وأظهرت النتائج أن معدلات وفيات البعوض البالغ على جدران معالجة برذاذ المبيد الجديد كانت أكبر من 80% حتى خمسة أشهر بعد المعالجة، و78% بعد ستة أشهر.
كانت معدلات وفيات البعوض في الأكواخ التي تم رشها بالمبيدات الحشرية الشائعة فقط حوالي 40 – 45% على مدى خمسة أشهر، مع انخفاض هذه المعدلات إلى 25% في الشهر السادس من الدراسة.
أول مبيد ميكانيكي
المبيد الجديد هو أول مبيد حشري ميكانيكي سريع المفعول، يوفر طريقة عمل فيزيائية، ويلتصق بالجدران لتوفير حماية على المدى الطويل من البعوض الذي لا يستطيع تطوير أي مناعة ضده.
وقال مايك رو، أستاذ علم الحشرات في جامعة ولاية نورث كارولاينا والمؤلف المشارك في الدراسة، لصفحة أخبار الجامعة "إن جزيئات البيرلايت تنزع الماء من البعوض بشكل أساسي".
المبيد الجديد فعال ضد بعوضة "الأنوفيلس الغامبية" التي تعد من أشرس نواقل الملاريا المعروفة (ويكيبيديا)
وأضاف "يموت الكثير في غضون ساعات قليلة من التلامس مع السطح المُعَالج. ولا ينفر البعوض من السطح المعالج لأنه لا توجد لديه آلية شم لرائحة الصخور".
وهناك حاجة إلى مزيد من الدراسات لفهم إمكانات هذه التكنولوجيا الجديدة بشكل كامل، وقال ديفيد ستيوارت مدير التطوير التجاري لشركة "إميريس" والمؤلف المشارك في الدراسة "إن تجهيز البيرلايت كمبيد حشري أمر جديد".
وأضاف "هذه المادة ليست رصاصة فضية ولكنها أداة جديدة يمكن اعتبارها جزءا من برنامج إدارة ناقلات الحشرات".