عدم البحث عن ذوي المهارات التدريسية
ورحم الله الدكتور مصطفى ناصف الناقد الفيلسوف، بقوله: "النحو إبداع"، وأراد علم النحو وتدريسه، لا نحو اللغة الكامن فيها -فلا خفاء بإبداعية هذا- إذ المبدعون وحدهم هم الذين يعرفون أقدار المركبات النحوية، ويهتدون إلى محاسن شرحها؛ فتنفتح لهم ولها مغاليق القلوب والعقول، حتى إذا ادعوا فيها ما ينبغي لها مما لم يعرف عنها صدقوا فيه وتوبعوا عليه.
أفبعد ذلك يجوز لمديري المؤسسات التدريسية أن يمكنوا أي أحد من تدريس علم النحو! فكيف إذا كان من كارهيه أو مستثقليه، الذين لم يجدوا غير تدريسه عملا فعملوه مضطرين غير مختارين!
قبول انتقال الطلاب غير المؤهلين
فإذا مضى المدرس المبدع في درسه يميز المركبات النحوية في أمثلتها الكثيرة المختلفة ويتذوقها لطلابه، تعثر بمن لا يعرف منهم سوابق الأفكار النحوية القبلية التي يبني عليها وينطلق منها، يقتضيه أن يرتد على عقبه!
وإذا اشتغل مدرس بما سبق لم يتفرغ لما يلحق؛ فأهمله مضطرا موهوما بحرصه على الطلاب جميعا ألا يجهل أي منهم أيا مما يقول، ليخلفه عليهم مدرس آخر مبدع لا يكاد يمضي في درسه الجديد حتى يتعثر بالطلاب جميعا!
حصر المدرس والطلاب في التجهيز للاختبار
وليس أوضح في هذا المقام من أن يفرض الاختبار من خارج مجتمع المدرس والطلاب؛ فعندئذ تتقدس نماذج الاختبارات السابقة، وتقاس عليها الدروس، وتجف المحاضرات، وتذوي حتى تموت، ويذهب العرف بين المدرس والطلاب!
ولقد سمعت الدكتور شكري عياد الفنان العلامة -رحمه الله!- يعجبنا من أن حفيدته شكت إليه إشكال بعض مسائل النحو عليها، فدعاها على كثرة أشغاله إلى أن يشرحها لها، فأبت عليه بأنه لن يعرف ما تريد إلا أحد المدرسين المشغولين بوضع الاختبارات وتصحيحها!
عدم تجهيز مكتبات الفصول وشبكاتها
وإذا تيسرت للطلاب في فصولهم الدراسية المعلومات، استطاع المدرس أن يدربهم على تحصيلها أمامه، ليعتمد فيما بعد عليهم اعتمادا متزايدا، ويصرف أكبر همه إلى تطوير أسلوب تفكيرهم وتعبيرهم وتحليلهم وتركيبهم، حتى يتكون لهم موقف يقبلون به ما يدعون إليه أو يرفضونه، ورأي يصوبون به ما يعرض عليهم أو يخطئونه.