يعتبر الأكاديون، جماعة عربية هاجرت، في الأصل، من شبه الجزيرة العربية، لتستقر في بلاد الرافدين، منذ نحو ستة آلاف عام، وذلك في الألف الرابعة قبل الميلاد، إلى جانب السومريين الذين كانوا موجودين، قبل الهجرة العربية المغرقة في القدم، بحسب مصنفات معاصرة، منها "الأكّدية العربية" لعلي فهمي خشيم، و"اللغة الأكدية، البابلية الآشورية" للمرجع عامر سليمان، و"ملامح في فقه اللهجات العربيات" لمحمد بهجت قبيسي، و"قاموس اللغة الأكدية-العربية" لعلي ياسين الجبوري.
وسيطر الأكاديون، أو الأكّديون، على مجمل منطقة الرافدين، ويرجع أول معجم لغوي في التاريخ، إلى تلك المرحلة، بحسب المصادر السابقة، عرف فيها، معجم اللغة الأكدية-السومرية، والعكس، فيما صارت الأكدية، ومنذ ذلك الوقت، لغة التخاطب العالمي، واستمرت بذلك، نحو ألفي عام، لتزاحمها الآرامية، في ما بعد، وتأخذ مكانها، إلى أن حلّت العربية، بشكلها الحالي، العربية الفصحى، مكانها، بعد سلسلة تطورات وحضور لغات وسيطة، كالسريانية.

الجذر الثلاثي وتاء التأنيث والعدد

وفيما يؤكد باحثو الشرق القديم، أن الأكدية في الأصل، هجرة عربية موغلة في القدم، فإنهم يؤكدون في الوقت نفسه، على مشترك واضح، ما بين الأكدية، والتي يصفها البعض، بالعاربة، والعربيةِ الحالية، أو الفصحى، أو العالية، وهي اللغة التي جاء بها، القرآن الكريم، ومن هذه المشتركات ما بين عاربة الأكدية والعربية الحالية، المفردات ثلاثية الجذور، وتاء التأنيث، وتمييم في الأكادية، يقابله تنوين العربية، فضلاً من مشتركات عديدة أخرى، كجمع المذكر السالم، الأمر الذي حدا بالبعض لاعتبار الوحدة، كاملة، ما بين الأكدية والعربية، خاصة بعد الكشف عن التشابه ما بين مخارج حروفهما، فصار هناك ما يعرف بالعربية الأم أو العربية الأولى، حاضنة للأكادية القديمة، والعربية الحالية.


لهجات عاربة

ويستعمل تعبير "العربية الأُم" للإطار الواسع الذي يجمع الأكادية بالعربية، لغوياً، على الرغم من أن الأكدية تكتب من اليسار إلى اليمين، على العكس من العربية، فيما يشار إلى لغات أقدم من السومرية نفسها، وكانت تصنف كلهجة عاربة، ما قبل أكدية، تسمى أحياناً، لهجة عاربة مبكرة، وهي لغة الفراتيين الأوائل، في حين تصنف السومرية، كأقدم لغات العراق، تدويناً.
كما يقر الباحثون العرب المعاصرون، بأن البابلية والآشورية، تفرعان من الأكدية، بصفتهما لهجتين تشيران إلى أقدم النصوص العاربة، في زمن يعود إلى الألف الثالثة قبل الميلاد. وكذلك أقر وجود لهجات متفرعة أخرى. وتجمل المشتركات بين اللغات العاربة، بمزايا مختلفة، كالجذر الثلاثي والأساليب الصرفية والنحوية، والأصوات الحلقية، والمذكر والمؤنث، وتذكير العدد وتأنيثه مع المعدود المؤنث ثم المذكر، في ظاهرة اعتبرت الأغرب بحسب باحثين، نظراً لتطابقها التام مع العربية، في هذا السياق.
وكان يقال "لسان أكّدي" إشارة إلى لسان قوم يعتقد أنهم حلّوا مدينة "أكد" قرب بابل العراقية التاريخية العريقة، ويشار بالأكدية، إلى أقدم اللغات العاربة، تدويناً، إلى الدرجة التي كشف فيها، دارسون، بأن عدداً من الكلمات التي كانت تعتبر دخيلة على العربية، كانت عربية الأصل، بسبب قدومها من العربية الأكدية القديمة التي سبق ودونت بالمسمارية، والتي لهجرها وضياعها، فقِد أصلها وغاب، وهو ما كان يستعمله العرب في الإشارة إلى لغتهم التي ضاع بعض كلامها، فيقولون: "كلامٌ ذَهَبَ أهلُه".






تدوينها بلغات أخرى أفقدها هويتها العربية

إلى ذلك فقدت الأكدية، بعد تدوينها باللاتينية، يقول باحثون، كثيراً من خصائصها اللسانية، خاصة منها الحلقية والمفخّمة، ففقدت كثيراً من الأصوات التي اقترح لها من قبل الدارسين مختلفي المشارب، مقابلات من لغة لا تنتمي إلى عائلتها، فتم ابتداع رموز زادت بضياع الأثر الحلقي، الأمر الذي زاد في غموض الأكدية-العربية، لاحقاً، فحرف العين، أشير له، بالفاصلة، وحرف الخاء بحرف b اللاتيني وحرف الشين، بحرف s، وهكذا.
ومن الآثار الأكادية أو الأكدية، والتي تظهر صلتها المباشرة بالعربية الأم، ثم العربية الفصحى، كلمات عديدة، وضعت في معجمات اطلعت عليها "العربية.نت" وأشير إليها في المصادر المذكورة، أولاً، كلمة صلم الأكدية، وهي صنم بالعربية، ويظهر فيها التثنية العربية، صلمان، بزيادة الألف والنون.


أكاديات عربيّات

عين العربية، هي ذاتها الأكدية، وأكول العربية، هي آكِل الأكادية. ومن الكلمات العربية، في الأكادية بفرعيها الآشوري والبابلي: حقلات، جمع حقل العربية وتجمع حقول بالفصحى، وأبوم، أب، وبيتوم، بيت، وأموم، أم، وابيم، من الربوة والارتفاع: رابٍ، واللب العربية، لبوم الأكادية، وواو العطف العربية، ذاتها الأكادية، والأذن العربية، أذوم الأكادية، وتحدث بالعربية، ذكروم بالأكادية، وشمش، هي شمس، ولباس، لباشوم، ومرصوم، مرضَ، وطاب، طابوم.
والسميد، بالعربية، سميدوم بالأكادية، وإذا ماتَ الرجل، فهو ماتوم، بالأكادية، ولو أخذ، فآخاذوم، والضوء والنور، فهو نواروم، وأداللو الأكادية التي تعني القوة، يرادفها أدلّ بالعربية، وهي تعني الأخذ من فوق، أدلّ على أقرانه، أخذهم من فوق.


دامو الأكادية دم العربية

دامو الأكادية، دم العربية، وأدو وأدي الأكاديتان، وتعنيان السيادة والقوة والقائد وما في جملة ذلك، فهي الإدّ والإدّة والأَدّ في العربية، وتعني فيها، الغلبة والقهر والقوة. وجوزيو الأكادية، كوز العربية. وحبابو الأكادية، حبيب العربية، ومنها بالأكادية حبابو.
وكرنو، البستان، هي الكرم العربية، وكاسامو، قطعَ وقلع بالأكادية، هي قسمَ الشيء في العربية، وجوبّورو الأكادية التي تشدّد الباء، وتعني القوة والجبروت والتفوق، هي جبار والجبروت العربيتان.





حبل الود متصل بين الأخ والأخت

إميق، قوي بالأكادية، يوازيها عميق عملاق بالعربية. وقنُّ بنى العش بالأكادية، وبالعربية المأوى والعش. ولِبُّ الأكادية، القلب، وفي العربية الشيء نفسه.
ونَرُ، مجرى النهر، وفي العربية النهر، والنزاق إزعاج، وفي العربية النزق الطيش والخفة والسفه. وصدُ، صاد، وفي العربية الصيد وصاد. وتثميرُ، ستر وغطى، وفي العربية طمرَ. ودكُ، قتل وضرب، ودكّ بالعربية المعنى ذاته، وقد تكون دقَّ ودكَّ. وكَرش، بطن، وبالعربية كذلك. ورِبوم، العدد أربعة، وسبعة العربية، سيبيت أو سيبينوم، وسبعة عشر هي سيبيسير. وكَتام، غطى وأخفى، وهي الكتم والكتمان العربيتان. وكِرّ، جيش، والكر في العربية معروف، ويقال جيش كرّار. وأبنُ، الحجر، والبناء في العربية. وأب الوالد، أب في العربية. وأخازُ، اسم مرض واسم كائن شيطاني، وفي العربية المأخوذ والأخيذ. والأخ والأخت، كما هما في العربية.
ولا يزال الاضطراب قائماً!
دوقاقو، الدقيق بالأكدية، هو دقيق العربية، ودولو، هي دلو العربية كما معنى الأولى. ودالاهو، وتعني الاضطراب والقلق، هي المدلَّه العربية التي تتضمن ذات المعنى، والرجل المدلّه، ذهب عقله من شدة الحب. وسامو، السماء الأكادية، وكذلك في العربية.
وصوقولو، يصقل وينعّم بالأكادية، وهي الصقل العربية. وسيكيرتو، وسيكرو، وتعني سدّ الشيء بالأكادية، هي كذلك في الفصحى، سكَّر، سدَّ. وكلمات أخرى كثيرة.