تقول إحداهن:
عندما كنت صغيرة مددت يدي يومًا فى جيب أبي وسرقت منه نقودًا و في أول مرة لم يشعر بما حدث، ولما تكررت مني السرقة شعر أبي بما يحدث، فحاول جاهدًا أن يعرف من السارق بين أبنائه، فَجَمَعنا بين يديه وأخبرنا أنَّ هناك سارقًا بيننا يمد يده في جيبه، وطبعا أنكر الجميع وأنا معهم، وكانت المفاجأة أنَّ أبي قابل إنكار الجميع بأن قال: أنا أصدقكم، لكن هناك من يمد يده في جيبي وقد تأكدت من ذلك أكثر من مرة، لكنني لا أريد أن أعرف من هو حتى لا أحرجه، فأنا أحبكم جميعاً وأخاف أن يكون واحدًا منكم محرجًا بين اخواته ووالديه، إنَّ أبي لم يشغل نفسه بمعرفة السارق، لكنه أوصل رساله تقول "أنا أحبك، فكيف يسرق المحب من حبيبه، أنا أخاف على صورتك وأحترم مشاعرك، فكيف لا تحترم مشاعري ولا تخاف على نقودي ونقودك؟" وبعد أيام جمعنا أبي مرة أخرى، فشككت أنه عرف من السارق، لكني فوجئت بأبي يقول لقد فكرت كثيرا في حال من يمد يده في جيبي، وقررت أن أزيد له المصروف حتى لا يرتكب ذنب السرقة مرة أخرى، ولأنني لا أحب أعرف من هو حتى لا تهتز صورته أمامي، فقد قررت أن أزيد المصروف لكم جميعًا، لقد قرر أبي أن يزيد مصروف أبنائه جميعًا وأنا طبعا من بينهم، وكان لهذا التصرف النبيل أثر كبير في قلبي، فكم اختليت بنفسي وبكيت على ما فعلته بهذا الأب الكريم، كيف أمد يدي في جيبه فيرد هو على هذا الفعل الآثم بمكافأتي مع إخوتي؟ كيف أسرق ممن يحرص على ستري ولم يحرص على فضيحتي؟ لذلك قررت من يومها ألا أخون أبي ثانية، وعزمت على ألا أعود للسرقة مرة ثانية،بل إنني فكرت كثيرا في كيفية رد ما أخذته منه، كان هذا بسبب عطفه وحكمته ورفقه بنا، وأظن أنه لو فعل العكس وصمم على معرفة السارق وضربنا وأهاننا فربما كان قد صنع مني لصًّا دون أن يشعر.