يروي د. ابراهيم الفقي ( خبير التنمية البشرية )
قصة حدثت معه فيقول :
كنت مسافراً بسيارتي ومعي أسرتي
كانت الساعة قد تجاوزت الثانية بعد منتصف الليل وقبل انطلاقي وضعت في بالي أن انتبه على
(ضوء مؤشر البانزين) كان يؤشر على قرب انتهاء الخزان
توجهت لشراء بعض اللوازم وبعدها انطلقتُ ونسيت أمر البانزين. تذكرت أن الخزان سيفرغ من البانزين وأنا في الطريق وما هي إلا فترة قصيرة حتى أضاء مؤشر البانزين معلناً أن وقودي سينفذ نهائيا بعد فترة ! لم أقلق في البداية ظناً مني أنني سأجد الكثير من محطات الوقود في الطريق، ولكن ومع مرور الوقت والظلام الحالك والطريق الموحش بدأ القلق يتسرب اتصلتُ بصديق مستعلماً منه عن أول محطة وقود فقال لي بأنها بعد مسافة طويلة جدا تحول القلق إلى رعب. وتراجعت كل الاهتمامات والمشاغل والمشاكل. وانحصرت الآمال والأحلام والهموم كلها في أمر واحد فقط وهو
( محطة الوقود ) ولم أعد أتمنى من الدنيا إلا محطة وقود إذ تضاءلت وتصاغرت كل المشاكل التي كانت تشغلني منذ دقائق لاح لي ضوء من بعيد فدب في قلبي أملٌ واهنٌ وفرحٌ مُعلق اقتربتُ من الضوء. لم تكن محطة وقود بل استراحة فقيرة جدا شعرت بالإحباط وسألت الرجل عن أقرب محطة وقود كياني كله تعلّق بـ فم ذلك الرجل في انتظار إجابة
قال الرجل: [ المحطة بعد مسافة 3 كيلومتر ]
كدتُ احتضنه لكني خشيت أن تكون إجابته غير دقيقة أو أن محطة الوقود ليس بها وقود الليلة انطلقت بعدها مكملاً طريقي وعيناي لا تفارق (ضوء مؤشر البانزين) ومرت الثواني كالدهر .. وأخيرا لمحت من بعيد محطة الوقود وحين وصلت لم يكن هناك أحد فقمت بالبحث عن من أكلمه و ظهر رجلٌ أخيراً فسألته متلهّفاً
: [عندك بانزين] ؟
قال لي : [[ نعم ]]
كانت أجمل ( نعم ) سمعتها في حياتي
سجدت لله فورا بعدها انطلقتُ لاستكمال الرحلة وأنا أشعر إني قد كُتب لي عمرٌ جديد يكمل د. ابراهيم الفقي فيقول جاء في بالي معنى يأتيني كل شهر رمضان كونه أصلاً هو محطة وقود... يتزود منها أحدنا لباقي العام كيف نضيعه ؟ !
كيف تجازف بالموت عطشا ؟...
كيف نمر بمحطة الوقود الوحيدة فلا نتزود ؟
وقد يكون شهر رمضان هذا هو الأخير في حياة احدنا ( اطال الله اعماركم )
أي أنه آخر محطة للتزود بالوقود قبل القدوم على الله
آخر محطة للتوبة والاستقامة ورد المظالم وبر الوالدين وصلة الرحم والعودة للقرآن
يقول الله تعالى في سورة الذاريات :
{ فَفِرُّوا إِلَى اللَّهِ }
اللهم اجعلنا من المتزوّدين في محطة رمضان هذا
ولا تجعلنا من المقصرين .
ولا تجعلنا من الغافلين.
اللهم آمين