نبذه عن الامام جعفر ابن محمد الصادق عليه السلام
1 ـ من المناظرات: يقول ابن شبرمة: دخلت أنا و أبو حنيفه على جعفر بن محمد الصادق(عليه السلام) فقلت: هذا رجل فقيه من العراق، فقال لعله الذي يقيس الدين برأيه أهو النعمان بن ثابت؟ فقال له ابو حنيفه: نعم انا ذلك أصلحك الله، فقال له جعفر الصادق(عليه السلام): اتق الله و لا تقس الدين برأيك فان أول من قاس برأيه ابليس اذا قال انا خير منه فأخطأ بقياسه فَضَل، ثم قال له: أخبرني يا ابو حنيفه لم جعل الله الملوحة في العينين و المرارة في الاذنين و الماء في المنخرين و العذوبة في الشفتين؟ قال: لا أدري، قال الامام: ان الله خلق العينين فجعلها شحمتين و خلق الملوحه فيهما مناً منه عليه و لو لا ذلك لهجمت الدواب ـ يعني الحشرات و الديدان ـ فأكلت دماغه، و جعل الماء في المنخرين ليصعد منه النفس و ينزل و يجد منه الريح الطيبة من الريح الرديئة، و جعل العذوبة في الشفتين ليجد ابن آدم لذة المطعم و المشرب، ثم قال لابي حنيفة أخبرني عن كلمة أولها شرك و آخرها ايمان؟ قال: لا أدري ،قال: جعفر الصادق(عليه السلام) هي كلمة «لا إله إلا الله» فلو قال لا اله، ثم سكت كان مشركاً ثم قال: أخبرني أيما أعظم عند الله اثماً قتل النفس التي حرم الله بغير الحق اوالزّنا؟ قال ابو حنيفه: بل قتل النفس، فقال الامام: ان الله تعالى قد قبل في القتل شهادة شاهدين و لم يقبل في الزنا الاّ شهادة أربعة فأنى يقوم لك القياس؟ ثم قال: أيما أعظم عند الله الصوم او الصلاة؟ قال ابو حنيفة: الصلاة، فقال الامام: فما بال الحائض تقضي الصوم و لا تقضيى الصلاة؟ اتق الله يا عبدالله و لا تقس الدين برأيك(32).
و بهذا الشكل كان يدحض الامام الصادق(عليه السلام) أقوال أهل القياس و الرأي بالنقاش العلمي الواضح و يلقمهم احجاراً فلايستطيعون جواباً، مع العلم ان مثل هذه المحاورات كانت تحدث وسط الجماهير و على مرأى و مسمع من بعض رجال الدولة العباسية و بقية وعاظ السلاطين و علماء السوء، فكانوا لهذا السبب لا يورطون أنفسهم في مناظرة الامام إلا ما تفرضه طبيعة الاحداث.