النمل يشم الرائحة لكن بطريقة مختلفة / istock
كشفت أبحاث جديدة على أصناف الحيوانات أن أنواعاً محددة من النمل لديها قدرة نادرة على تقليص دماغها، وتكبيره بعد ذلك، وذلك لأداء أدوار وظيفية مختلفة داخل المملكة، التي تميزت بأنها من بين كل ممالك النمل لا تنتهي وتندثر بموت الملكة.
صحيفة The Guardian البريطانية نشرت الأربعاء 14 أبريل/نيسان 2021، تقريراً عن هذا الفصيل النادر المسمى بالنمل النطاط الهندي.
بحسب الصحيفة، فقد أثارت هذه الفصيلة فضول الباحثين، فعلى عكس النمل العادي، لا يهلك النمل النطاط الهندي بموت الملكة، وبدلاً من ذلك تحل محلها عاملات "مختارات"، برحم متمدد ودماغ منكمش، من أجل إنتاج النسل. ويشير البحث إلى أنه إذا توقفت إحدى العاملات عن وظيفة "الملكة المستعارة" لسبب ما، يمكن للجسم أن يستعيد شكله مرة أخرى.
قدرة مثيرة للفضول
وقال المؤلف الرئيسي للدراسة الدكتور كلنت بينيك من جامعة ولاية كينيساو بالولايات المتحدة: "إن النمل النطاط يتمتع بكامل القدرة على تحويل نفسه كليةً، مما يجعل هذه الفصيلة مثيرةً للفضول".
وتعيش الحشرات الاجتماعية مثل النمل عادةً في مجتمع قائم على الطبقية، حيث تتولى الملكة الحكم باعتبارها المسؤولة الوحيدة عن التكاثر بإفرازها للفيرمونات التي تمنع النملات العاملات من وضع البيض. ويعمل النمل الآخر بجد في البحث عن الطعام وصيده، والتنظيف، والاهتمام بالصغار، وحماية العش.
لكن على العكس من المستعمرات النمطية التي تفنى بموت الملكة، فمستعمرات النمل النطاط الهندي خالدة من الناحية الوظيفية.
طقوس التحول
ففي غضون ساعات من موت الملكة، يبدأ "قتال طقسي" محموم، تشارك العاملات فيه بمبارزات شرسة تتضمن إشهار قرون الاستشعار في وجه بعضهن البعض. في حين تمتد هذه المبارزات لشهر، فإن العاملات المختارات هن أصحاب المهام المتعددة اللاتي يمكنهن المبارزة وتنشيط المبايض.
وبعد ذلك تفرز الملكات المستعارات، حوالي خمس إلى عشر ملكات في المستعمرة التي تتكون من 100 نملة، هذا الفيرمون الذي يلزم البقية على معاملتهن كملكات. وفي النهاية، تمضي هذه العاملات المسؤولة عن التكاثر في عملية التزاوج مع الذكور وتمديد حياة المستعمرة.
وتشهد الملكات المستعارات زيادة في متوسط العمر من ستة أشهر إلى خمس سنوات. حيث ينتفخ مبيضها لخمسة أضعاف حجمه حتى يملأ البطن بأكمله، ويتقلص الدماغ بنسبة تتراوح بين 20% إلى 50% في عملية يعتقد الباحثون أنّها مصممة من أجل تخصيص الموارد المحدودة لإنتاج البيض.
وفي هذه الدراسة، حفز بينيك وفريقه بالتجربة تلك العاملات الملكات للعودة إلى حالة العاملات العادية الأصلية، لتقييم ما إذا كانت هذه التغييرات قابلة للانعكاس أم لا، ونشروا ما توصلوا إليه في دورية الجمعية الملكية Proceedings B.
وباستخدام عينات من 30 مستعمرة، اختار الباحثون عاملتين ناضجتين بإمكانهما التكاثر من كل مستعمرة. وعُزلت واحدة من كل اثنتين لثلاثة أو أربعة أسابيع داخل صندوق بلاستيكي وحصلت على الطعام بشكل دوري، في حين بقيت الأخرى في عشها.
وافترض الباحثون أن قلة التفاعل الاجتماعي والرعاية ستعيد العاملة الملكة المعزولة إلى حالة العاملة عند إعادتها إلى عشها السابق. وبكل تأكيد، في خلال يوم أو يومين، لم تعد تلك العاملات الملكات قادرةً على إنتاج البيض. وبعد مرور عدة أسابيع، بدأت في إظهار سلوك عادي يشبه سلوك العاملات، وفقاً لما قاله بينيك.
وبعد فترة تتراوح بين ستة إلى ثمانية أسابيع، صارت أمام بينيك مهمة لا يحسد عليها تنطوي على تشريح الحشرات الصغيرة للتحقق مما إذا عادت أدمغتها إلى أحجام العاملات العادية أم لا. وهو الأمر الذي حدث فعلاً، إذ قال: "يفتح هذا الباب أمام البحث في الآليات التي تتحكم فيما إذا كانت منطقة الدماغ يمكنها أن تنمو أو تتقلص في الحجم