يَجْري الإنسانُ وراءَ الاستعاراتِ التي يَحْيا بها، والتشبيهاتِ التي يُقارِبُ بها، والمَجازاتِ التي يهربُ بِها
، والتّورِيَة التي يَخْتَفي بها ليزدادَ ظهوراً، بحثاً بهذه المُكبِّراتِ، عن الحَقيقَة، فلا يظفَرُ منها إلاّ بأماراتٍ
وعلاماتٍ تَدْعوه إلى سلوكِ سُبُلٍ أخْرى، ويظلّ ينتقلُ ويَجري، لأنّه قُدِّرَ له أن يُفكِّرَ بالاستعارَة، ويَحْيا
بالاستعارَة، ويتصوَّر بالاستعارَة، ويُدْرِك الكونَ بالاستعارَة... إنّها محنةُ البَيان التي ابْتُليَ بها أصحابُ البَيان
هذا وإنّ للاستعارَة قُدرةً على الانتقالِ بالإنسانِ من الفكرِ إلى الفعلِ، ومن الكلمةِ إلى الإنجازِ، وذلِكَ
عندَما تُتَّخذُ وسيلةً للقَتل؛ تُصبحُ أداةَ قتلٍ لأنّهم يتّخذونَها لتَسويغ القَتْل، يُمهّدونَ بها لتهوين خَبَر القتلِ
على نفسيّاتِ الرأي العامّ: تَهويلُ صورَة صدّام بالصّور والتّشبيهات المُثيرَة لاستساغَة شَنقه وتَدمير بلادِه،
تَهويل صورة أي شخص يُريدونَ أن يُسقطوه أو يَقتلوه باستخدام المُبالَغات والتّشبيهات الصّادمَة، انظُرْ مَثلاً :
لَقَد تعجّب الكافرونَ وهوّلوا دعوةَ رَسول الله صلى الله عليه وسلَّم إلى التّوحيد ليُشنّعوا عليه أمام الناس :
«وَقَالَ الْكَافِرُونَ هَذَا سَاحِرٌ كَذَّابٌ أَجَعَلَ الْآَلِهَةَ إِلَهًا وَاحِدًا إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ» سورَة ص، 4-5، فاستخدَموا
بَلاغَةَ الاستفهام الإنكاريّ وبلاغَةَ التّعجّب للانتقال من الكلمةِ إلى الفعلِ