البنية العميقة للقارة القطبية الجنوبية (يوريك ألرت)
توصل علماء من جامعة كيل بألمانيا إلى بناء نموذج جديد للقارة القطبية الجنوبية يوضح البنية العميقة للقارة وكيفية تطورها، والتي كان يصعب الوصول إليها نظرا للدرع الجليدي الضخم للقارة، حيث إن جمع المعلومات الجيوفيزيائية عن المكان أمر صعب ومكلف للغاية.
لبناء هذا النموذج ثلاثي الأبعاد، تم استخدم بيانات الأقمار الاصطناعية الصادرة عن وكالة الفضاء الأوروبية. ونشر العلماء اكتشافاتهم في 9 ديسمبر/كانون الأول 2019بمجلة الأبحاث الجيوفيزيائية Journal of Geophysical Research.
النظر بعمق من الفضاء
يظهر النموذج ثلاثي الأبعاد الجديد نتائج جيوفيزيائية هامة مثل سماكة القشرة والغلاف الصخري للقارة القطبية الجنوبية، وهي معلومات حاسمة لفهم التركيب الأساسي والهندسة التكتونية للقارة.
إحدى النتائج الهامة التي تمكن العلماء من استخلاصها كذلك الروابط السابقة بين القارة القطبية الجنوبية والقارات الأخرى مثل أستراليا وأفريقيا وشبه القارة الهندية. يقول جورج إبينج المشارك بالدراسة "لقد بدأنا نتعرف أخيرا على أنتاركتيكا بشكل صحيح".
تتيح البيانات -التي تم تقييمها مؤخرا من مهمة القمر الصناعي GOCE التابع لوكالة الفضاء الأوروبية والمخصص لحقل الجاذبية الأرضية ورصد الزلازل- رؤى غير مسبوقة للغلاف الصخري الذي يتكون من القشرة والوشاح العلوي للأرض أسفل القارة القطبية المتجمدة. بالإضافة إلى توزيع درجة الحرارة، وقد حدد الباحثون أيضا خصائص أخرى للأرض الصلبة بالقارة، مثل التركيب وكثافة الصخور.
للقيام بذلك، استخدم فولكر بابا باحث الدكتوراه بجامعة كيل والمؤلف الرئيسي للدراسة -إلى جانب يورج إبينج أستاذ الجيوفيزياء بالجامعة- بيانات التدرج الخاصة بالقمر الصناعي، من بين معلومات أخرى.
يقول بابا "يسمح هذا بمستوى أكبر بكثير من التفاصيل عند تحليل هياكل الأرض العميقة" حيث يمكن الباحثين من استخلاص استنتاجات حول أشياء مثل عمق الانتقال من القشرة إلى الوشاح، وهذه القياسات مختلفة جذريا على مساحة 14 مليون كيلومتر مربع.ويضيف "تحت غرب القارة القطبية الجنوبية -التي هي حديثة من الناحية الجيولوجية- قشرة الأرض رقيقة نسبيا عند حوالي 25 كيلومترا، ووشاح الأرض لزج، وعلى عمق أقل من مئة كيلومتر. أما شرق القارة القطبية الجنوبية، فيعد درعا راسخا قديما منذ أكثر من مليار عام، حيث لا تزال صخور الوشاح لها خصائص صلبة على عمق أكثر من مئتي كيلومتر".
تختلف البنية الجيولوجية بين شرق وغرب القارة القطبية الجنوبية (ناسا)
الهيكل ثلاثي الأبعاد
يتيح تمثيل الهيكل ثلاثي الأبعاد العميق في القطب الجنوبي كذلك نتائج جديدة حول ما يسمى التكيف الجليدي المتساوي.
ويشرح المؤلف المشارك البروفيسور فوتر فان دير وال من جامعة دلفت للتكنولوجيا "وجدنا اختلافات كبيرة في درجة حرارة الوشاح تحت القارة القطبية الجنوبية، مما يؤدي إلى رفع وهبوط الأرض بسرعات مختلفة للغاية في جميع أنحاء القارة، وهذا يساعد في تقدير تدفق الحرارة الجوفية بالقطب الجنوبي وكيف يؤثر على الذوبان تحت الجليدي وتدفق الصفائح الجليدية".
كما يقول روجر هاغمانز من وكالة الفضاء الأوروبية "هذه نتائج مهمة أيضا في سياق فهم التغير في مستوى سطح البحر نتيجة لفقدان الجليد من أنتاركتيكا. عندما تفقد الكتلة الجليدية، يجب إعادة حساب الأرض الصلبة، وهذا التأثير يجب حسابه بحجم الجليد، ويمكن تحديد ذلك بشكل أفضل بمجرد فهم بنية وتكوين الجزء الداخلي من الأرض بشكل أفضل".
ووفقا لبابا فإن أبرز ما يميز هذا النموذج هو البيانات المتعلقة بجبال جمبورتسيف Gamburtsev تحت الجليدية التي بالكاد تم استكشافها، والتي يبلغ ارتفاعها أكثر من ثلاثة آلاف متر. يقول بابا "الأرض الصلبة هي الأسمك هنا، على بعد حوالي 260 كيلومترا. هذا هيكل مثير، ونحن لا نعرف بالضبط كيف يبدو لأن سلسلة الجبال مغطاة بالكامل بالدروع الجليدية".