مسلسل "قارئة الفنجان" بين التكنولوجيا والخرافة والكثير من الرعب
لا يمكننا إنكار جرأة الطرح، فالجمهور العربي نادرا ما يشهد أعمالا درامية تنتمي لفئة الرعب، وهو ما حاول صناع العمل هنا تقديمه بحرفية وحداثة.
تم تنفيذ مسلسل قارئة الفنجان بأدوات وأجواء أقرب للسينمائية منها إلى الدرامية (مواقع التواصل)
أخيرا، وبعد وجوده منذ عرض حلقته الأولى ضمن قائمة أكثر 10 أعمال مشاهدة عبر منصة "شاهد Vip"، عُرضت الحلقتان الأخيرتان من مسلسل "قارئة الفنجان" الذي نجح في خلق حالة من التفاعل على منصات التواصل الاجتماعي، خاصة أن العمل ينتمي لفئة الرعب والإثارة ذات الطابع التشويقي غير المعتاد في الدراما العربية.
تجربة من طراز خاص
وبالرغم من تصنيف المسلسل على أنه عمل لبناني، فإنه يُعد تجربة عربية مشتركة، إذ ضم جنسيات متعددة: مصرية ولبنانية وسعودية وسورية وعراقية. فهو قصة هاني سرحان في ثاني إنتاج لورشته "مصنع الحكايات" التي أسسها في سبيل تقديم أعمال درامية وسينمائية تضم ممثلين من مصر وجميع أنحاء الوطن العربي.
كما جاء العمل من تأليف إياد سرحان وإخراج محمد جمعة وإنتاج شركة "إيغل فيلمز" (Eagle Films)، أما البطولة فأسندت إلى كل من أحمد فهمي، وورد الخال، وباسم مغنية، وروان مهدي، وأحمد شعيب، ويارا قاسم، ومحمود الليثي، وتاتانيا مرعب، وفادي إبراهيم.
مزحة تتحول إلى لعنة
أحداث المسلسل تبدأ خلال ليلة "عيد الهلع" (الهالوين)، حين يجتمع الأبطال في حفل بأحد المنتجعات في بيروت، وهناك يسمعون لأول مرة عن تطبيق اسمه "قارئة الفنجان"، من شأنه أن يقرأ الطالع ويخبر المشتركين عن مستقبلهم وما يجري بالخفاء في حياتهم.
يُقابل الجميع الأمر بسخرية شديدة خاصة بعد تجربتهم التطبيق، لكن يوم بعد آخر يكتشفون أن التطبيق يجبرهم على مواجهة مخاوفهم وأسوأ كوابيسهم، بل الأسوأ أنه يهدد حياتهم بالخطر ويحيطهم دوما بشبح الموت، وهو ما يتأكد حين يتعرض بعضهم للقتل بطرق مختلفة، ويتحقق ما ذكره التطبيق.
يبدأ الأبطال في البحث عن سبيل للنجاة، وهو ما يضطرهم إلى الإيمان بقناعات وأفكار لا تتوافق مع مبادئهم، بين أساطير وتنجيم وتعاويذ من أزمنة قديمة، والأكثر بشاعة أنه يجعلهم يفعلون أشياء ويرتكبون جرائم لم يتوقعوا يوما الإقدام عليها.
التكنولوجيا وجرأة الطرح
لا يمكننا إنكار جرأة في الطرح، فالجمهور العربي نادرا ما يشهد أعمالا درامية تنتمي لفئة الرعب، وهو ما حاول صناع العمل هنا تقديمه بحرفية وحداثة، فمزجوا بين التكنولوجيا والحبكة التي جاءت مختلفة الشكل والمضمون، وركزت على خطيئة الفضول ورغبة الإنسان في سبر أغوار المجهول واستباق الأحداث.
وهو ما نُفّذ بأدوات وأجواء أقرب للسينمائية منها إلى الدرامية، في ظل موسيقى تصويرية ومشاهد مخيفة ودموية زادت من تدفق الأدرينالين لدى المشاهدين، وإشعارهم بالخوف، وهو ما أكدته تغريدات المتابعين على تويتر، وإن كانت في الوقت نفسه جعلت العمل غير صالحا لمشاهدة الصغار، حتى إن لم ينبّه صناعه إلى ذلك.
شرف المحاولة
لكن شرف المحاولة وتصدر "الترند" وقوائم المشاهدة لا يعني أن المسلسل لم يحظ ببعض العيوب، أولها الأداء التمثيلي الذي كان باهتا جدا من غالبية الممثلين، حتى الأسماء المشهورة منهم، وثانيها أن العديد من الأحداث جاءت غير مبررة أو منطقية.
كما لو أن صناع العمل اكتفوا بكون القصة تدور في أجواء من الغموض والخيال والماورائيات، مما يعني عدم الحاجة للتبرير أو إقناع المشاهد بما يراه، وهو أمر غير صحيح بالطبع!اعلان
أما الملحوظة الأخيرة فتتعلق بإقحام العمل بالتوازي مع الخط الرئيسي به، للعديد من الخطوط الدرامية الأخرى، مثل فساد رجال الأعمال والاتجار بالمخدرات والخيانة الزوجية وعلاقات الأهل بالأبناء وفقد الأحبة، والتي لكثرتها بدت هشة وغير متماسكة أو ذات مرجعية.
نهاية مفتوحة وبشارة بموسم جديد
لكن تلك السلبيات لم تجعل من أحبوا المسلسل ينفرون منه أو يتوقفون عن متابعته، خاصة مع التكثيف وعدد حلقاته القليل، قبل أن تأتي النهاية مفتوحة بشكل يؤكد وجود موسم جديد، وهو ما أسعد المتفرجين، مع الرغبة في أن ينجح صناع المسلسل في تجاوز أخطاء هذا الموسم، كونهم يملكون بالفعل نواة جيدة لبناء عمل درامي عربي مرعب ومثير يصلح لأن يمتد مواسم عدة.