عمر الشريف بعيدا عن هوليود.. تجارب سينمائية فريدة للمغامر المحظوظ
لم يكن عمر الشريف بطلا سينمائيا لامعا في السينما المصرية فقط، بل حرص على الحضور في الأفلام العربية حتى آخر أيام حياته
عمر الشريف من فيلم "السيد إبراهيم وزهور القرآن" (شترستوك)
لم تكن سينما هوليود والسينما المصرية المحطات الفنية الوحيدة في حياة الممثل العالمي المصري عمر الشريف (1932-2015)، والذي تمر ذكرى ميلاده الـ89 اليوم العاشر من أبريل/نيسان.
فرغم النجاح الكبير الذي حققه الممثل العالمي في مصر وحصوله على البطولة أيضا في هوليود في أفلام مثل "دكتور زيفاجو" Doctor Zhivago و" تشي" Che الذي قدم خلاله شخصية تشي جيفارا، وغيرها من الأفلام التي استطاع من خلالها أن يحصل على الجوائز والتكريمات خلال مشواره، لكنه اهتم أيضا بدعم سينما مختلفة.
"جحا الساذج" بداية المغامرة
قدم عمر الشريف مع المخرج الفرنسي جاك باراتييه في عام 1958 بطولة فيلمه التونسي الفرنسي "جحا الساذج" Goha The Simple الذي كان أيضاً ثاني ظهور سينمائي للنجمة الفرنسية ذات الأصول التونسية كلوديا كردينالي، التي قدمت في الفيلم شخصية الخادمة أمينة.
عمر الشريف في فيلم "جحا الساذج" (مواقع التواصل)
ورغم أن الفيلم قدمه الممثل المصري بعد 4 سنوات فقط من بدايته منذ قدمه يوسف شاهين في "صراع في الوادي"، فإنه أجاد تقديم شخصية الشاب التونسي وطوع ملامحه لخدمة الدور، بالإضافة لإجادته اللهجة التونسية في الفيلم الذي لاقى وقت عرضه إشادات، كما ابتعد من خلاله عن شخصية الشاب الوسيم الرومانسي التي اشتهر بها في السينما المصرية.
جمع الفيلم بين الخيال الجامح وبين الواقعية الشديدة، ورغم أن مخرجه فرنسي لكنه حرص على تقديم حياة المجتمع الشرقي والثقافة والتراث الشرقي قبل التأثر بالحضارة الغربية، وذلك من خلال لوحات فنية شديدة الجمال على المستوى البصري سواء التصوير أو الإخراج أيضا، حتى وإن كانت نهايته قاسية، وبالفعل حصل الفيلم على جائزة أفضل مدير تصوير لجون بورغوان ولجنة التحكيم ضمن فئة "نظرة ما" في مهرجان كان السينمائي.
نجح عمر الشريف في تطويع إمكاناته الفنية في الظهور في أفلام لجنسيات متعددة (مواقع التواصل الاجتماعي)
"أسرار مصر" بصوت عمر الشريف
في عام 1998 شارك في الفيلم الذي أنتجته الولايات المتحدة الأميركية عن تاريخ مصر بعنوان "أسرار مصر" Mysteries of Egyp للمخرج بروس نيبور، فقدم الشريف بصوته شخصية الجد الذي يحكي لحفيدته الأجنبية عن حضارة مصر الفرعونية أثناء إقامتهما في مصر حيث يظهر في بعض لقطات الفيلم وهو يرتدي الجلباب المصري الصعيدي، بين الآثار المصرية في محافظات مختلفة.
السيد إبراهيم وزهور القرآن
لم يكن غريبا أن يوافق عمر الشريف على تقديم الفيلم الفرنسي "السيد إبراهيم وزهور القرآن" Monsieur Ibrahim et les fleurs du Coran في عام 2004 مع المخرج فرانسوا ديبيرون، فميلاده وحياته في سنوات عمره الأولى في مدينة الإسكندرية جعلت شخصيته تتقبل اختلاف الهوية والثقافات والديانات أيضاً.
فالفيلم يتناول التسامح بين البشر ويتجاوز الفروق العمرية والاختلاف في المعتقدات الدينية والثقافية من خلال شخصية "السيد إبراهيم" الصوفي المسلم الذي يلتقي بصبي صغير يهودي يعاني من انشغال أسرته، ويذهبا في رحلة طويلة سويا.
فيلم مغربي فرنسي
استغلت المخرجة والمؤلفة المغربية ليلى المراكشي الحضور الطاغي الذي يتمتع به عمر الشريف وأقنعته بتقديم مشاهد قليلة ومؤثرة في فيلمها المغربي الفرنسي "روك القصبة" Rock the Casbah، فجاء حضوره طاغياً خاصة أنها وظفت تلك المشاهد بأفضل ما يمكن.
ولم يمانع عمر الشريف الذي كان لا يزال في تألقه في ذلك الوقت (2013) حيث قدم قبلها فيلمه "المسافر"، من تقديم تجربة نسائية سواء المخرجة والمؤلفة والبطلات، حيث تدور القصة حول مولانا حسن الذي يتوفى ويترك زوجته وبناته، وتستعرض المراكشي في الفيلم تقاليد أجيال مختلفة من النساء وعلاقتهن بالأب الذي يظهر للحفيد بعد وفاته.
ألف اختراع واختراع
كانت آخر مشاركة سينمائية لعمر الشريف من خلال الأداء الصوتي في فيلم الرسوم المتحركة القصير "ألف اختراع واختراع وعالم ابن الهيثم" 1001 Inventions and the World of Ibn Al-Haytham في عام 2015، حيث رحل عمر الشريف في نفس العام قبل أن يشاهد الفيلم الذي يقدم من خلاله شخصية الراوي الذي يقدم حكاية العالم ابن الهيثم ونظرياته المتعلقة بالضوء.
الفيلم من إنتاج مؤسسة بريطانية تهدف إلى نشر إنجازات العصر الذهبي للإسلام والعلوم في ذلك الوقت لتغيير الصورة الخاطئة عن الدين الإسلامي، وشارك في تنفيذ الفيلم العديد من الجهات منها اليونسكو وناشونال جيوغرافيك ومركز الملك عبد الله للثقافة العالمية.