دراسة دولية تتوصل إلى كيفية تشكل الألماس في أعماق الأرض من معادن سطحية
تؤكد نتائج الدراسة فرضية العلماء وتسمح بتتبع آلية سحب المعادن من السطح إلى الوشاح وإيجاد فرص هائلة للتنوع في تركيبتها
ليس كل الألماس نقيا تماما إذ تحتوي بعض قطع الألماس على شوائب (غيتي إيميجز)
من أشهر قطع الألماس في العالم "ألماسة كولينان" درة التاج الملكي البريطاني التي تشكلت على عمق 360 و750 كيلومترا، فكيف يتشكل الألماس على هذا العمق؟ كان هذا السؤال موضع دراسة حديثة.
حيث كشفت دراسة حديثة نشرت في دورية ساينس أدفانسزScience Advances بتاريخ 31 مارس/آذار الماضي عن مراحل إعادة تدوير المعادن السطحية لتتحول نهاية المطاف إلى ألماس.
شارك في هذه الدراسة باحثون من معهد الأحجار الكريمة الأميركية Germological Institute of America في نيويورك، ومعهد كارنيغي للعلوم Carnegie Institute of Science في واشنطن العاصمة، ومن قسم العلوم الجيولوجية في جامعة كيب تاون University of Cape Town في جنوب أفريقيا.
وجد الباحثون أن عنصر "بيروفسكايت سيليكات الكالسيوم" يصل لحالة الاستقرار عندما ينحبس ضمن بنية الألماس (غيتي إيميجز)
الألماس المشوب
ليس كل الألماس نقيا تماما، إذ تحتوي بعض قطع الألماس على ما نسميه "الشوائب" وهي شظايا من معادن أخرى انحبست ضمن حجر الألماس أثناء تكوينه.
هذه الشوائب ما هي إلا عناصر كيميائية توجد في تلك الأعماق السحيقة حيث تشكل الألماس كعنصر الـ "بيروفسكايت سيليكات الكالسيوم" الذي توجد على عمق كيلومتر تحت سطح الأرض. ويعتبر عنصرا كيميائيا غير مستقر أي أنه لا يتخذ شكلا ثابتا بل يتحول من شكل إلى آخر. ووجد الباحثون أن هذا العنصر يصل حالة الاستقرار عندما ينحبس ضمن بنية الألماس.
وهكذا للتعرف على العناصر الكيميائية الموجودة في باطن الأرض والتي يرجح أن تكون قد شاركت بصورة أو بأخرى في تكوين الألماس، قام الباحثون بدراسة قطعتين من الألماس التجاري المشوب. ووجدوا نظائر ثقيلة من الحديد بقيم تختلف عنها في أعماق الوشاح، وهو الأمر الذي أكد لهم أن هذه العناصر انتقلت ضمن مسار معين خلال عمق الوشاح.
تتسرب المعادن التي تكونت في منطقة الاندساس حديثا لتنزلق إلى الأسفل من خلال الصدع بين الصفائح التكتونية للأرض (غيتي إيميجز)
من السطح إلى الأعماق
وحتى تنتقل هذه العناصر من مكان إلى آخر فإنها تحتاج إلى عنصر ناقل وسيط، ونتيجة عملية اندساس صفيحة تكتونية تحت أخرى ينتقل الماء والمعادن من سطح الأرض إلى جوفها.
وهكذا يتعرض عنصر البريدوتيت الذي يوجد في طبقة الوشاح العلوي لمياه البحر في منطقة الاندساس، مما يؤدي إلى تكوين مادة السربنتينيت وموادها الثانوية الأخرى ذات التركيب النظائري الثقيل من الحديد.
وهنا يعتبر معدن السربنتينيت أو المعدن الأفعواني المتموج (نسبة إلى نسيج الزواحف) الناقل الرئيسي في هذه العملية التي تسمى "السربنتين". وقد وجد الباحثون أن هذا التركيب النظيري مشابه جدا للتركيب النظيري لشوائب الحديد التي وجدوها في قطعتي الألماس اللتين تمت دراستهما.
للوصول لنتائجهم قام الباحثون بدراسة قطعتين من الألماس التجاري المشوب (غيتي إيميجز)
ومن ثم تتسرب بعض هذه المعادن التي تكونت في منطقة الاندساس حديثا لتنزلق إلى الأسفل من خلال الصدع بين الصفائح التكتونية لتنتقل مئات الكيلومترات إلى باطن الأرض هناك، حيث يمكن لها أن تدخل في تشكيل الألماس وتصعد معه مرة أخرى إلى سطح الأرض وتروي قصة رحلتها إلى الأعماق ذهابا وإيابا.
وقد عبر عالم الكيمياء الجيولوجية أنات شاهار من معهد كارنيغي ساينس في البيان الصحفي للدراسة عن أهمية النتائج قائلا "تؤكد النتائج التي توصلنا إليها مسارا مشتبها به منذ فترة طويلة لإعادة التدوير في أعماق الأرض، مما يسمح لنا بتتبع آلية سحب المعادن من السطح إلى الوشاح وإيجاد فرص هائلة للتنوع في تركيبته".