العلاقة بين سطوع المجرات وبعدها تعطينا قياسات جديدة لسرعة تمدد الكون
تتباين تقديرات سرعة تمدد الكون باختلاف طرق القياس (ناسا)
يعدّ تحديد مدى سرعة تمدد الكون أمرا أساسيا لفهم مصيرنا الكوني، لكنه مع ظهور بيانات جديدة أكثر دقة، أصبح هناك تعارض، فالتقديرات المستندة إلى القياسات من داخل محيط كوننا لا تتفق مع تقديرات سابقة اعتمدت على الحقبة التي تلت الانفجار الكبير (13.8 مليار سنة) بمدة قصيرة.
وقد زادت دراسة حديثة موّلتها المؤسسة الوطنية الأميركية للعلوم (National Science Foundation) (NSF) من حدّة هذا التباين، معتمدة على تقديرات معدل التمدد المحلي، وهو ما يعرف بـ"ثابت هابل".
اختلاف التقديرات
من الطبيعي أن يهتم علماء الفلك بهذا التعارض، حيث إن معدل التمدد هو عامل حاسم في فهم فيزياء الكون وتطوره، وهو مفتاح لفهم الطاقة المظلمة التي تشكل نحو ثلثي الكتلة والطاقة في الكون، وهي التي تعزز سرعة معدل تمدد الكون، ومن ثم تتسبب في تغيير ثابت هابل (وحدة تصف مدى سرعة تمدد الكون على مسافات مختلفة من نقطة محددة في الفضاء) أسرع من المتوقع، وزيادة المسافة من الأرض.
وفي التقدير الجديد، قاس علماء الفلك في جامعة كاليفورنيا (University of California) في مدينة بيركلي الأميركية وزملاؤهم التقلبات في درجة سطوع سطح 63 مجرة إهليلجية عملاقة لتحديد المسافة بينها، ورسموا المسافة مقابل السرعة للحصول على ثابت هابل.
وجُمعت البيانات الخاصة بهذه المجرات وحلّلها جون بلاكسلي عالم الفلك في "نويرلاب" (NOIRLab) التابع لمؤسسة العلوم الوطنية. وهو صاحب الورقة البحثية التي قُبلت للنشر في دورية "أستروفيزيكال جورنال" (Astrophysical Journal).
استخدم العلماء تقنية تقلب درجة سطوع أسطح المجرات لتقدير سرعة تمدد الكون (جامعة كاليفورنيا – بيركلي)
طريقة رائعة لقياس المسافات
وتقنية تقلب درجة سطوع السطح (surface brightness fluctuation) (SBF) مستقلة عن التقنيات الأخرى، ونستطيع بها تقدير المسافة بدقة أكثر من الطرق الأخرى حتى 100 مليون فرسخ فلكي من الأرض (330 مليون سنة ضوئية) حيث تقع المجرات الـ63 على مسافات تراوح من 15 إلى 99 مليون فرسخ فلكي (تمثل جزءا ضئيلا من عمر الكون).
وقال عالم الكونيات تشونج باي ما، أستاذ علم الفلك والفيزياء المشارك في تحليل البيانات لهذا البحث، إن "هذه طريقة رائعة لقياس المسافات إلى المجرات التي تبعد حتى 100 مليون فرسخ فلكي".
وأضاف أن "هذه هي الورقة الأولى التي تجمع مجموعة كبيرة ومتجانسة من البيانات عن 63 مجرة بهدف دراسة الثابت الكوني (ثابت فيزيائي وضعه العالم ألبرت أينشتاين) باستخدام طريقة تقلب درجة سطوع السطح".
القصة الكاملة لعلم الفلك هي في محاولة فهم المقياس الصحيح للكون (جامعة كاليفورنيا – بيركلي)
وصف التقنية
ويقول بلاكسلي إن "القصة الكاملة لعلم الفلك هي في محاولة فهم المقياس الصحيح للكون، وبعد ذلك عن الفيزياء"، مشيرا إلى رحلة جيمس كوك إلى تاهيتي عام 1769 لقياس عبور كوكب الزهرة حتى يتمكن العلماء من حساب الحجم الحقيقي للنظام الشمسي.
ويضيف قائلا إن "طريقة تقلب درجة سطوع السطح قابلة للتطبيق على نطاق أوسع على عموم المجرّات في الكون المحيط بنا، وبالتأكيد إذا حصلنا على عدد كاف من المجرات باستخدام تلسكوب جيمس ويب الفضائي، فإن هذه الطريقة لديها القدرة على إعطاء أفضل قياس لثابت هابل".
في حين تصف سارة هجدون، مديرة البرامج في قسم العلوم الفلكية التابع لمؤسسة العلوم الوطنية الأميركية، التقنية الجديدة قائلة إن "تقلبات السطوع هي طريقة لقياس المسافة إلى هذه المجرات الإهليلجية العملاقة تشبه الأحرف البارزة في طريقة برايل للقراءة والتي تمثل هنا سطوع السطح، حيث تستخدم أصابعك (لتحسس النتوءات)، فالمجرات الإهليلجية ذات (الملمس الخشن) هي الأقرب إلى الأرض، والمجرات (المُلْس) هي الأبعد".