بأحد الأيام كان هناك رجلا ثريا أعطاه الله من فضله العظيم، كان يسكن وزوجه وأبنائه قصرا، وقد كان لديهم الكثير من المال الوفير، ولكنهم كانوا دائما مفتقدين للسعادة، دائما ما كانوا يشعرون بشيء ما ينقصهم على الرغم من كثرة الأموال التي معهم، وعدم حرمانهم من أي شيء يريدونه أو يبتغونه، كان في الجهة المقابلة لقصرهم منزلا متواضعا للغاية، وقد كان يسكنه رجل فقير للغاية بالكاد يقوى على قوت يومه، ولكنهم دائما ما كانوا سعداء وضحكاتهم تدوي كل أرجاء المكان.
كانت زوجة الرجل الثري دائما ما تنظر لمنزل جيرانها ودائما ما ترقبهم، ترقبهم إذا أكلوا وإذا شربوا وإذا ضحكوا، دائما ما وجدت السعادة الغامرة في أعينهم، دائما ما رجت السعادة التي حرمت منها؛ وبيوم من الأيام انتظرت زوجها وسألته: “ترى هل نحن سعداء بكثرة مالك الذي تجنيه، ألا تعلم أننا ندفع ثمن المال الذي تجنيه، نحن بالكاد نراك يا زوجي العزيز، إن الأموال ليست كل ما أبتغيه وأريد، نحن نريدك، نريدك دوما بجوارنا ونستأنس بوجودك حولنا، نحتاج لنشعر بالأمان والدفء”.
أمسكت بيده وجعلته ينظر من نافذة قصرهم الجميل، انظر للسعادة التي في عيون هؤلاء الناس: “إنهم ليسوا بأغنياء وبالكاد يجدون قوت يوم بيوم، ولكنهم في غاية السعادة بوجود رب الأسرة دوما بجوارهم، ونحن نريدك هكذا”.
وعدها الزوج بأن يخصص وقتا كافيا للبقاء معهم، ولكنه لم يستطع الوفاء لها بوعده حيث أن أعماله كثيرة وبالكاد يجد الوقت الكافي لإنهائها؛ ولكنه كان ذكيا وداهية فق أرسل في طلب الرجل الفقير والتي تحسده زوجته على جعل أسرته في غاية السعادة، استقبله خير استقبال بل وأعطاه الكثير من المال ليتاجر به، ويرد له الأموال التي أقرضه إياها فور ربح تجارته، وبالفعل أخذ الرجل الفقير الأموال وبدأ في تجارته وأصبح لا يملك الوقت الكافي من أجل أسرته، تعجبت زوجة الرجل الثري من اختفاء سعادة هذه الأسرة البسيطة، وبيوم من الأيام أخذ زوجها بيدها وذهب بها لنفس الشرفة وسألها عن السبب وراء اختفاء سعادة هذه الأسرة التي كانت لها بمثابة السعادة التي تحلم بها.
لم تستطع الزوجة إخباره عن السبب وصمتت، تبسم الرجل في نفسه ابتسامة خبث لأنه وأخيرا لن تشغله زوجته أن يكون مثل جارهم البسيط.