معلقة الجلال
شعر اسماعيل القريشي
1-جودٌ من اللهِ إذ تنتابُهُ النِعَمُ
في خلقِ من زَيَّنَ الإسلامُ مجدَهُمُ
2 _مُحَمَّدٌ خيرُ خلقِ اللهِ اجمعِهِم
أضحى وأخلاقُهُ في وصفِها العِظَمُ
3- إذ يَنتَمي نَسَبٌ مَن كانَ والِدُهُ
ماحادَ عَن خِلِّهِ بِاللهِ يَعتَصِمُ
4- يامَن بِدينٍ خَليلُ اللهِ ورَّثَهُ
ماكانَ إسلامُنا يُدعى سِوى لَهُمُ
5- طوبى لآمِنةٍ فالمُرسَلونَ لَها
كَم بَشَّروها وَلَمّا يولَدِ العَلَمُ
6- أنوارُهُ سَطَعَت مِن حَيثُ آمِنةٌ
مِن نورِ مَولدِهِ بانَت لَها الشَّأمُ
7- وَحاطَ أُمَّ القُرى أملاكُها فَرَحاً
إذ كانَ جِبريلُ بِالأفراحِ يَلتَثِمُ
8- قَد كانَ في سَعَةٍ مِن أمرِ مَجمَعِهِم
إذ إنَّ مَحفَلَهُم بِالنّورِ يَنسَجِمُ
9- الفُرسُ مِن قِدَمٍ والنارُ مُضرِمةٌ
إذ كانَ مولدُهُ والنّارُ لا ضَرَمُ
10- والبَدرُ قَد شُقَّ في إتمامِ لَيلَتِهِ
عَينُ المَعاجِزِ في تَلقينِ مَن وَهِموا
11- عَمّا أتاهُ حَبيبُ اللهِ مِن كَلِمٍ
يُعلي شؤونَ العِبادِ وَهوَ يَحتَدِمُ
12- على لِسانٍ يكونُ الدُّرُّ مَنطِقَهُ
ولا يُداني هُداهُ مَنطِقٌ وَفَمُ
13- هو الحَبيبُ الذي كانت شَفاعَتُهُ
لِلمؤمنينَ وَحَقٌّ كانَ يَرتَسِمُ
14- وَانهالَ كالغيثِ مِنهُ الصِّدقُ في حِكَمٍ
والحِملُ مالَم تُطِقهُ بالثَّرى القِمَمُ
15- مالت قُريشٌ على الأوثانِ عابِدَةً
وأنتَ بِاللهِ قَبلَ الوَحيِ تَعتَصِمُ
16- مِن فَضلِهِ قَد حَباكَ اللهُ مُنفَرِداً
كُلُّ الدِّياناتِ بِالاسلامِ تُختَتَمُ
17- في مَعبِدِ الغارِ كانت مِنكَ مَنقَبَةٌ
تَدعو إلى اللهِ في هَديٍ لِمَن ظَلَموا
18- والقلبُ يَصبو الى عِرفانِ خالِقِهِ
حَتّى غَدا فيكَ نورُ وانجَلَت عُتَمُ
19- بِكُلِّ حِلمٍ قَضَيتَ الدَّهرَ في جِدَةٍ
أنتَ الرَّؤوفُ الذي ما كانَ يَنتَقِمُ
20- خِصالُكَ الماءُ في صَفوٍ وَمَطهَرَةٍ
والجودُ والطّيبُ في أحشاكَ تَلتَحِمُ
21- يُدني لَكَ الرُّشدُ أفعالاً مُكَرَّمَةً
والناسُ فيما عَلاهُم يَخفِقُ الحُلُمُ
22- أُتيتَ نُبلاً إلى الرَّحمنِ مَرجِعُهُ
والمَجدُ قَد سادَ والأنوارُ والقِيَمُ
23- سَطَعتَ نوراً على الاكوانِ مُبتَهِجاً
مُذ كُنتَ بِالمَهدِ لا بَل دونَكَ القِدَمُ
24- وما قَرارُ الثَّرى الّا بِمُستَلِمٍ
مِنكَ القرارَ وإلّا ساخَتِ النَّسَمُ
25- يَشتَقُّ مِنكَ الإبا حُسناً لِغُرّتِهِ
ومَلبَسُ العِزِّ فيهِ الفَخرَ يَتَّسِمُ
26- وَرَحمَةٌ مِنكَ سادَت لِلورى أمَلاً
والهَديُ بُشرى لَنا والجودُ والشِّيَمُ
27- قَد كُنتَ حِملاً كَفُلكٍ زادَ متَّسَعاً
لِما اعترى النّاسَ أثقالٌ بها ألَمُ
28- بَل كُنتَ تُبصِرُ ما قَد كانَ مُحتَجِباً
ما كانَ فيما بُعِثتَ العُسرُ بَل أمَمُ
29- مَن كانَ يَعلمُ ما للهِ مِن عِظَمٍ
حتّى غَدا فيكَ ذا لُبٍّ هوَ الفَهِمُ
30- سَلِمتَ مِن مُنقِذٍ بِالسّلمِ مبعثُهُ
ودينُ حقٍّ إذِ الاديانُ تَنجَزِمُ
31- كُلُّ الطّهاراتِ في آلٍ وفي خَلَفٍ
حَباكَ رَبٌّ جَليلٌ خالِقٌ حَكَمُ
32- أمرٌ مِنَ اللهِ في عُظمٍ لِمنزِلَةٍ
أوحى وأنتَ الأمينُ الطّائعُ الشّهِمُ
33- إذ قالَ جبريلُ إقرأ يامُحَمَّدُ مِن
تَنزيلِ وَحيِ السّما قَد زانَهُ الكَلمُ
34- هذا كتابٌ بهِ تنزيلُ مَبعثهِ
وكلُّ آيٍ لها تفسيرُها النَّهِمُ
35- يعلو بهِ الحقُّ بالإدلالِ معرفةً
ذكرٌ كريمٌ بهِ الإفصاحُ يَتَّسمُ
36- ذكرٌ بليغٌ وَقَد كانت بلاغتُهُ
ما زالَ فيها فحولُ الشِّعرِ تَحتكمُ
37- فيها علومُ الدّياناتِ التي سَلَفَت
في أروعِ النُّظمِ والتّفصيلُ يلتَئِمُ
38- يوحِّدُ اللهَ بالإدلالِ فَلسَفَةً
فلاسِفُ العِلمِ كانت مِنهُ تَلتَهِمُ
39- وَفيهِ ماكان بالأبحاثِ مُكتَشَفاً
أدلى أولو العِلمِ : مِن تِبيانِهِ الدِّيَمُ
40- فيهِ شفاءٌ مِنَ الأمراضِ قاطِبَةً
وَفيهِ ما كانَ قَلبٌ سادَهُ الغُمَمُ
41- يَنجابُ مِنهُ اسودادَ الجَهلِ مَكرَمَةً
وَالظُلمُ لا يَعتَلي والفَقرُ يَنْخَرِمُ
42- وَكانَ يَعلو وُجوهَ المُسلمينَ نَدَىً
كَحَقلِ وَردٍ زَهَت بالنّورِ تَبتَسِمُ
43- عَمَّ الضّلالَةَ إضرابٌ بِسيرَتِهِ
وارتَدَّ مُحدِثُها بالذُّلِّ يَرتَطِمُ
44- أبادَ في كُلِّ ما كانَت رَذيلَتُهُ
تُضفي على النّاسِ إفساداً وتَضطَرِمُ
45- وَغَيَّرَ الدّينُ لِلاحقادِ في دَعَةٍ
وَكانَ عَيشٌ بِهِ الإحسانُ والذِّمَمُ
46- وَقَد تَساووا كما بالقَبرِ مَرجِعُهُم
٠لا فَرقَ للهِ بينَ النّاسِ كُلِّهِمُ
47- إلّابِتقوىً مِنَ الرَّحمنِ تَزكيَةً
مَن كانَ تقواهُ في قَلبٍ بِهِ سَلَمُ
48- وَقَد تَداعَت ذُنوبُ المُسلِمينَ لِما
قَد كَانَ مِنهُم يَسودُ الجّهلُ والظُّلَمُ
49- إذ كانَ صَدرٌ لَهُم كَم واسِعٌ رَحِبٌ
بالصّبرِ والجودِ والإحسانِ يَعتَزِمُ
50- ما مِن أريبٍ بِهذا الكَونِ مِن بَشَرٍ
الّا وعقلٌ بِنورِ الذّكرِ مُحتَزِمُ
51- هذا كتابٌ بِهِ الأكوانُ قَد جُمِعَت
وَفيهِ شَتَّى عُلومِ اللهِ تَزدَحَمُ
52- لا تَستَهِن فِيهِ سِرّاً لا ولا عَلَناً
فما عَظيمٌ لَدَى المَعتوهِ يُحتَرمُ
53- مافاقِدُ العِلمِ بِالتّنزيلِ ناقِدُهُ
حَقّاً وَلا مِنهُ كانَ القَذفُ والتُّهَمُ
54- لا يَستَوي الحُكمُ مِمَّن كانَ يُبرِمُهُ
لَو كانَ عِرفانُهُ بالحُكمِ يَنعَدِمُ
55- واعلَم فَلا رَيبَ بِالقرآنِ قاطِبَةً
إذ كانَ للّهِ في تَعظيمِهِ قَسَمُ
56- اللهُ يَهدي لِمَن قَد شاءَ نُصرَتَهُ
بِخالِصِ الذّكرِ والآياتُ تَزدَحِمُ
57- واللهُ يَعلَمُ ما تُخفي الصّدورُ وَمَا
خانَت بِهِ العَينُ والآجالُ تُلتَزَمُ
58- فهوَ الذي خالقٌ للكونِ اجمَعِهِ
وَهوَ الذي قادِرٌ لَو شاءَ يَنحَطِمُ
59- ماكانَ مِن مُعسِرٍ تُسديهِ فانِيَتي
إلّا بِدَعواتِنا كالبرقِ يَنصَرِمُ
60- فَليَشهدِ اللهُ إنّي في مَحَبَّتِكُم
كالطَّودِ قَلبي غَدا والعَزمُ والهِمَمُ
61- أحبَبتُ فيكَ الذي ما كانَ يَعرِفُهُ
فَطاحِلُ العِلمِ والأجنابُ كُلَّهُمُ
62- هُمُ الغَياثُ الذي لِلعِلمِ سادَتُهُ
واستَسلَمَ البعضُ للرَّحمنِ يَلْتَزِمُ
63- قَد كانَ مُلهِمَهُم بِالعِلمِ مِصحَفُنا
وَكُلُّ عِلمٍ لَهُم بِالبَحثِ مُنسَجِمُ
64- وَزَادَهُم في رَسُولِ اللهِ مَكرَمَةً
مِنَ الأعاجيبِ في ذِكرٍ لَهُ قِيَمُ
65- وزادَني بِالحِجا مِنهُم بِمَعرِفَةٍ
فيها اليَقينُ مَعَ الأبحاثِ يَرتَطِمُ
66- كُنتُ الذي إن ذَكَرتُ اللهَ مُنشَرِحاً
والآنَ في ذِكرِهِ سَعدٌ بِهِ نِعمُ
67- الآنَ في ذِكرِ مَن يَسري بِأورِدَتي
أخالُني بِجمالِ العرشِ ألتَحِمُ
68- والآنَ أنوارُ مَن قَلبي بِراحَتِهِ
تَغشي فُؤادي وَما قَد باتَ يَنهَضِمُ
69- والآنَ في قُربِهِ أشكو لِمُعضِلَةٍ
ياليتَ كفّي بِكَفِّ اللهِ تَنبَرِمُ
70- أهديهِ ما كانَ مِنِّي في تَحِيَّتِهِ
بِكُلِّ ما جادَ بِالإفصاحِ عَنهُ فَمُ
71- إنّي إلى اللهِ بالإذلالِ عابِدُهُ
وما بذلٍّ لِغيرِ اللهِ يُحتَرَمُ
72- وَقَد أرى مِن عُيونِ اللهِ راعِيَةً
بِحُفظِ ما بي وَماتَدري بِها الأُمَمُ
73- لكِنَّ آلاءَهُ بِالقَلبِ مَفخَرَةٌ
وَمَن يَعيها كَقَلبي زانَهُ الشَّمَمُ
74- الله نورٌ ونورُ الكونِ أجمَعَهُ
ما غيرُهُ كاشفٌ لو سادتِ الظُّلَمُ
75- نِعمَ الإلهُ الذي بالذِّكرِ طَمأنَنا
إذ كانَ مَن هاجِرٌ لِلذِّكرِ يَغتَرِمُ
76- فيهِ شفاءٌ مِنَ الأسقامِ قاطبةً
بِحُسنِ ظَنٍّ مَعَ الإيمانِ يَنهَضِمُ
77- ماكان عبدٌ يرومُ القربَ مرتجياً
الا يرى اللهَ بالإسراعِ يَقتَدمُ
78- وَطالَما باتَ رَبُّ العَرشِ مُنتظراً
مِنَ الذي غارَ بالإجرامِ يَحتَشِمُ
79- ماكانَ فِرعَونُ بِالإغراقِ مُنتَصفاً
لو كانَ ما فيهِ للرَّحمنِ يُغتَنَمُ
80- رَغمَ الذي كانَ مِن جَورٍ وَمَظلَمَةٍ
قَد هزُّ للهِ عَرشاً كانَ يَنتظِمُ
81- أو كالسَّماءِ التي نَاحَت عَلَيهِ دَماً
لِقتلهِ الناسَ إذ تَبقى لَهُ الحَرِمُ
82- فَكُلَّما كُنتَ بِالأوزارِ مُعتَرِفاً
تَمحو الذُّنوبَ وفي اِسدائِها نَدَمُ
83- فَتُب الى اللهِ يامَن رِزقُهُ قَدَرٌ
بِرَدَّةِ الطَّرفِ سَوفَ الرِّزقَ تَستَلِمُ
84- علماً فصبرٌ على الشدّاتِ منفعةٌ
فهيَ اختبارٌ وصفحٌ ليتهم فَهِموا
85- ما مِن نَعيمٍ وَعِزٍّ دائِمٍ أبَداً
إذ كُلُّ مُلكٍ عَظيمٍ سَوفَ يَنكَتِمُ
86- فَما لِدنياكَ قَدرٌ عِندَ بارِئُها
وأصغرُ الخَلقِ في ذرّاتِهِ قِيَمُ
87- فامسِك بِحَبلٍ مِنَ الرَّحمنِ مُحتَسِباً
وارضى بِحُكمٍ وَغَيظٌ منكَ يُكتَتَمُ
88- لا ضَيرَ لِلمرءِ بالإيمانِ يُمسِكُهُ
وطاعةُ اللهِ لا ضَيرٌ بِهِ نَدَمُ
89- والموتُ آتٍ وحقٌّ لا مَناصَ لَهُ
أمامَهُ الخلقُ كُلَّ الخَلقِ قَد هُزِمُوا
90- ياربِّ أنتَ الإبا بَل رَحمةٌ وَسَعَت
ما بِالخليقةِ حِفظاً نالَتِ الأُمَمُ
91- ياربِّ نَرجوكَ يا رَحمنُ في قَسَمٍ
مِن كُلِّ حَرفٍ بِذكرٍ كانَ يُقتحَمُ
92- وَكُلِّ قدسٍ بِهِ الأسماءِ مِنكَ سَما
أو كُلِّ قُدسٍ لهُ اذ كان يَنقَسِمُ
93- ياواهباً لِلوجودِ مِنهُ رَحمَتَهُ
لِكُلِّ شيء بِهذا الكونِ يَزدَحِمُ
94- إكشِف وَباءً عَنِ الإنسانِ أرهَقَهُ
أنتَ العظيمُ فَلا تُبقيهِ يَعتَرِمُ
95- أنتَ الطَّبيبُ وَما بِالكونِ مِن عِلَلٍ
إلّا وَأنتَ لَها : بِالحالِ تَنحَطِمُ
96- ياربِّ أمهِل جَميعاً مِن عِبادِكَ في
ماكانَ مِنّا وَمِنهُم اِن هَوَت قَدَمُ
97- ياقابِلَ التَّوبِ لُطفاً هذي تَوبَتُنا
فاغفر لَنا يا عَظيماً فيكَ نَعتَصِمُ
98- ياربِّ صلِّ على المُختارِ مُنقِذِنا
يومَ الورودِ وآلٍ كُلُّهُم عِصَمُ
99- وَالحَمدُ لِله والتسليمُ أطلُبُهُ
لِما صَفا مِن عِبادٍ كُلُّهُم كَرَمُ
اسماعيل القريشي
الخميس 24/9/2020
يوتيوب اضغط هنا