بيوم من الأيام وفي قديم الزمان كان هناك صبي يتربص للص قام بتخريب حقل القمح الخاص به في الليلة الماضية، ومازال الصبي يتربص حتى أتاه حصان أبيض شديد الجمال، لوح بالحبل الذي يمسكه بيديه عدة مرات بالهواء وألقى به، وإذا بالحصان يقع أسيرا بيد الصبي.
الصبي وقد أرهقه التعب حتى تمكن من السيطرة على الحصان وأمسك بزمام الأمور، لقد أرهقه بجدية…
الصبي: “سأبيعك بالسوق وبذلك سيكون عقابك على تدمير حقل القمح الذي تعبت كثيرا حتى نما واستوى على عوده”.
نزلت الدموع من عيني الحصان وتوسل الصبي أن يطلق سراحه، أشفق الصبي على حال الحصان وأطلقه، وكانا كلاهما فرحا سعيدا؛ ودع الصبي الحصان وبنفس اليوم عاد إليه ومعه حصانين جميلين الهيئة وحصان ثالث شكله غريب وعجيب، أحضرهم إليه كمكافأة على جميل صنعه معه.
قرر الصبي أن يأخذهم ويبيعهم بالسوق وبذلك يتمكن من تعويض خسارة حقل القمح؛ وهناك بالسوق انبهر كل الموجودين من شدة جمال الحصانين، أما عن الحصان الثالث فضحكوا منه بشدة حيث أنه كان له أذنان طويلتان، وه سنامين كالجمل.
اقترب من أذنه الصبي وهمس بهما قائلا: “حتى وإن كانت أّناك طويلتان ولك سنامين، فإن دل ذلك فإنما دل على تميزك الشديد دونا عن غيرك”.
كان الحصان الغريب العجيب متأثرا بضحكات الناس عليه، وأيضا كان حزينا في نفسه، ولكنه عندما سمع حديث الصبي معه ومواساته اقتنع بكلامه، فأخذهم الصبي ورحل بهم للملك، وهناك الملك أراد الحصانين الجميلين، وعندما سأل الصبي عن ثمنهما استغلاه فأخذهما عنوة وطرد الصبي والحصان الغريب.
أما عن الحصانين فثار غضبهما داخل القصر الملكي وقاما بتكسير كل شيء من حولهما، لدرجة أنهم جميعا استعانوا بالصبي حتى يتمكن من إسكاتهما من جديد؛ كان الملك يحب زوجته كثيرا ويرغب في تقديم نجوم السماء إليها من أجل إرضائها، ولكنها كانت تزدريه ولا تحبه على الإطلاق، كانت تتمنى موتها بكل ثانية.
أراد الملك إهدائها الحصانين لشدة جمالهما علها ترضى عنه، فاشتراهما من الصبي وجعله عاملا بالإسطبل من أجل الاهتمام بهما؛ ولكن زوجة الملك أرادت الطيور النارية عوضا عن الحصانين، ولم يخرج من الملك شيئا إلا أنه أرسل في طلب الصبي وأمره بإحضار أحد الطيور النارية.
قلق الصبي كثيرا وظن أن نهايته أوشكت على يد الملك، تحدث إليه الحصان العجيب وطمأنه وطلب منه أخذ الذرة الطازجة وعصير العنب المخمر.
سار به الحصان لمنطقة بعيدة قضيا ثلاثة أيام حتى تمكنا من الوصول إليها، وبمنطقة تقع بمنتصف سبعة جبال كان هناك سرداب مليء بالطيور النارية.
نقع الصبي الذرة بعصير العنب، ومن بعدها ألقى به للطيور الناري، فاقترب أحدهما وأكل منه الذرة، اقترب الصبي وبيده قفصا ليضع بداخله الطائر، وكل الطيور النارية طارت بالسماء إلا واحد أمسكه الصبي بكل سهولة، وعاد للمكلة فرحا.
كان الملك فرحا كثيرا بذلك، ولكن زوجته لم ترضى عنه أيضا، وطلبت منه طلبا آخر، وكان خاتما صغيرا في قاع بحر كبير عند حوت ملك البحار!
والملك من جديد لم يجد أحدا سوى الصبي الصغير فطلب منه أن ينفذ ما أمرته به زوجته؛ وبالفعل قلق واحتار ولكن حصانه العجيب طمأنه، وذهب به للبحر الكبير وهناك ترقبوا الحوت ملك البحار والذي كان يعاني من ألم ببطنه، ساعده الصبي والحصان وجعلاه يشعر بتحسن، وردا لمعروفهما وحسن صنعهما معه أمر كل المخلوقات البحرية بالبحث عن الخاتم الصغير والذي كان مرصعا بالألماس.
عاد الصبي للمملكة بالخاتم، ولكن الزوجة لم ترضى عن زوجها الملك أيضا…
الملكة: “أيها الملك إنك بمثل عمر جدي، وأنا لازلت في السابعة عشر من عمر؛ لا تؤاخذني ولكني أريدك أن تعود شابا، فعليك أن تغمر جسدك بالكامل بثلاثة قدور”.
وبالفعل أمر جنوده بفعل ما أمرت به زوجته، فكان قدرا يغلي وأسفله النيران من الحليب، وآخر من العسل الأبيض، وآخر من ماء الورد.
لم يستطع الملك الدخول بالقدور التي تغلي، فصرخ على الصبي وأمره بالنزول مسبقا فإن تأذى فلا يدخل مثله، وإن صار سالما فعل الملك مثلما فعل؛ كاد أن يموت الصبي من كثرة خوفه ولكن الحصان طمأنه ونثر عليه بعض المواد السحرية، فغمر الصبي نفسه بالحليب المغلي، في هذه اللحظة خافت عليه الملكة كثيرا، ولكنه خرج شابا قوي البنية حسن الهيئة والشكل.
أما عن الملك فدخل القدر ولكنه طمع فلم يخرج منه، وعندما فتحوه عليه وجدوه عاد رضيعا!
تزوج الصبي الذي أصبح شابا وسيما وقويا من الملكة التي وجدت به فتى أحلامها، أما عن الملك الذي صار طفلا رضيعا فقاما كلاهما على رعايته والاهتمام به، وعاشا في سعادة بالغة.