لمن أرعش الوتر المجهدا
وأشدو وليس لشدوي مدى؟
وأنهي الغناء الجميل البديع
لكي أبدا الأحسن الأجودا
وأستنشد الصمت وحدي هنا
وأخيلتي تعبرُ السرمدا
فأسترجع الأمس من قبره
وأهوى غدا قبل أن يولدا
وأستنبت الرمل بالأمنيات،
زهورا، وأستنطق الجلمدا
وحينا أنادي وما من مجيب
وحينا أجيب وما من نِدا
وأبكي ولكن بكاء الطيور
فيدعوني الشاعر المنشدا
لمن أعزف الدمع لحنا رقيقا
كسحر الصبا كابتسام الهدى؟
لعينيك نغّمت قيثارتي
وأنطقتها النغم الأخلدا
أغنّيك وحدي وظلّ القنوط،
أمامي وخلفي كطيف الردى
وأشدو بذكراك لم تسألي
لمن ذلك الشدو أو من شدا؟
كأن لم نكن نلتقي والهوى
يدلّل تاريخنا الأمردا
وحبّي يغنّيك أصبى اللّحون،
فيحمرّ في وجنتيك الصدى
ونمشي كطفلين لم نكترث
بما أصلح الدهر أو أفسدا
ونزهو كأنا ملكنا الوجود،
وكان لنا قبل أن يوجدا
وملعبنا جدول من عبير
إذا مسّه خطونا غرّدا
وأفراحنا كشفاه الزهور،
تهامِسها قبلات الندى
أكاد أضمّ عهود اللّقاء،
وألثمها مشهدا مشهدا
وأجترّ ميلاد تاريخنا
وأمتشق المهد والمولدا
وأذكر كيف التقينا هناك،
وكيف سبقنا هنا الموعدا؟
وكيف افترقنا على رغمنا؟
وضعنا: وضاع هوانا سدى
حطَمْنا الكؤوس ولم نرتو
وعدت أمدّ إليها اليدا
وأخدع بالوهم جوع الحنين،
كما يخدع الحلم الهجّدا
أحنّ فأقتات ذكرى اللّقا
لعلّي بذكراه أن أسهدا
وأقتطف الصفو من وهمه
كما يقطف الواهم الفرقدا
أتدرين أين غرسنا المنى؟
وكيف ذوت قبل أن نحصدا؟
تذكّرت فاحترت في الذكريات
وحيّرتُ أطيافها الشرّدا
إذا قلت: كيف انتهى حبّنا؟
أجاب السؤال: وكيف ابتدا؟
فأطرقت أحسوبقايا البكاء
وقد أوشك الدمع أن ينفدا
وأبكى مواسمك العاطرات
وأيّامها الغضّة الخرّدا
ومن فاته الرغد في يومه
مضى يندب الماضي الأرغدا
أصيخي إلى قصّتي إنّني
أقصّ هنا الجانب الأنكدا
أمَضُّ الأسى أن تجوز الخطوب
وأشكو فلا أجد المسعدا
وأشقى ويشقى بي الحاسدون
وما نلت ما يخلق الحُسّدا
علام يعادونني! لم أجد
سوى ما يسرّ ألدّ العدا!
حياتي عذاب ولحن حزين
فهل لعذابي ولحني مدى؟
عبدالله البردوني