هذه الممارسات تقضي على الأنظمة البيئية المحلية، وتسمح بانتشار الفئران والبعوض، مما يسبب انتشار أمراض بالمجتمعات السكانية القريبة
إزالة الغابات تؤذي لتدهور التنوع الحيوي مما قد يرتبط بانتشار الأمراض المعدية ذات المصدر الحيواني (شترستوك)
وجدت دراسة جديدة أن الأوبئة، الناتجة عن الأمراض المعدية أو الصادرة عن الحيوانات، تعرف انتشارا أكثر في المناطق التي تعرضت لإزالة الغابات أو التي تعرف غرس نخيل الزيت بشكل كثيف.
ووفقا للبيان الصحفي المنشور على موقع يوريك ألرت Eurek Alert بتاريخ 24 مارس/ آذار الجاري، فقد جاءت هذه الدراسة لتؤكد من جديد العلاقة القوية بين تدهور التنوع الحيوي من خلال إزالة الغابات، وبين انتشار الأمراض المعدية أو الأوبئة ذات المصدر الحيواني.
الحفاظ على التنوع البيئي المحلي يقلل انتشار الأمراض المنقولة من الحيوانات (شترستوك)
ثمن الاعتداء على الطبيعة
وأوضحت الدراسة -التي نشرت في مجلة Frontiers in Veterinary Science- أن هناك علاقة بين انتشار الأمراض المعدية أو الأوبئة ذات المنشأ الحيواني، وبين النمو الديمغرافي للبشر الذي أدى إلى إحداث توسع عمراني على حساب الغطاء النباتي.
كان الباحثون قد عكفوا في دراستهم على تحليل المعطيات التي تم جمعها في الفترة الممتدة من عام 1900- 2016، حيث اتضح لهم جليا أن زيادة عدد السكان كان سببا في قيام الحكومات باستغلال المناطق الغابية، إما من أجل الإعمار أو استغلالها لأغراض استثمارية.
وتبين أن المناطق التي تعرف انتشارا كبيرا لهذه الأمراض هي الاستوائية بالدرجة الاولى التي طالها اعتداء البشر، وبدرجة أقل تلك التي تعرف زراعة مكثفة بهدف الاستثمار كغرس أشجار نخيل الزيت.
وأوضح الباحثون أن هذه الممارسات تقضي على الأنظمة البيئية المحلية، وتسمح مقابل ذلك بانتشار الفئران أو البعوض، مما يسبب تأخير انتشار أمراض في المجتمعات السكانية القريبة من هذه المناطق.
الأمراض تنتشر في المناطق التي تم فيها تدمير البيئة المحلية من أجل الاستثمار في زراعة نخيل الزيت (شترستوك)
أوبئة كثيرة والآلية غير محددة
يقول الباحث الرئيسي سيرج موراند، الذي يعمل حاليا باحثا بكلية علوم البيطرة في بانكوك بجامعة كاسيتسارت Kasetsart University في تايلند في تصريح عبر البريد الإلكتروني للجزيرة نت "نحن لا نعرف بالضبط الآلية التي تحدث انتشار الأوبئة والأمراض المعدية من الحيوان للإنسان، لكننا متأكدون من أن زراعة الأشجار بهدف الاستثمار في المناطق الغابية له تأثير سلبي على الصحة العامة".
وبخصوص علاقة إزالة الغابات مع انتشار فيروس كورونا، قال محدثنا "ليست هناك أدلة علمية تؤكد ذلك، نحن على ما يبدو بعيدون على وضع سيناريو يوضح أسباب ظهور هذا الفيروس. ولكن مقابل ذلك هناك العديد من الأمراض التي انتشرت بسبب إزالة الغابات، والتوسع الفلاحي والعمراني أو حتى بسبب التغيرات المناخية".
وأعطى الباحثون في الدراسة أمثلة عن الأمراض كالملاريا وإيبولا التي انتشرت بسبب إزالة الغابات في دول استوائية كالبرازيل، بيرو، جمهورية الكونغو الديمقراطية، الكاميرون، إندونيسيا، ماليزيا، ميانمار.
أما الأمراض التي انتشرت بسبب زراعة أنواع تجارية فقد قدم الباحثون مثالا عن داء اللايم Lyme disease الذي انتشر في كل من أميركا، الصين، أوروبا، أو مرض الحمى الصفراء أو "زيكا" التي تعرف انتشارا في كل من الصين وتايلند.
اللايم من الأمراض التي انتشرت بسبب زراعة أنواع تجارية (شترستوك)
حماية الغابات لصحتنا
وقد خلص الباحثون في دراستهم إلى أن حماية الغابات والغطاء النباتي لكوكبنا، وفق رؤية عامة تحرص على جعل التسيير العقلاني لقطاع الغابات، مطلب رئيسي للوقاية من الأوبئة والأمراض المعدية مستقبلا.
وأكد الباحثون أن غرس الأشجار التجارية، أو تحويل الأراضي العشبية إلى غابات، يؤدي إلى استفحال مثل هذه الأمراض، ومن ثم فهي ممارسات يجب تجريمها من الناحية القانونية لحماية صحة البشر.
ووفق الباحث موراند، فإن هناك وعيا بمخاطر استفحال هذه الأمراض لدى المنظمات التابعة للأمم المتحدة وحتى المنظمات المحلية "أما على مستوى الحكومات فليس هناك من إجراءات واقعية، باستثناء التصريحات الجميلة التي تعتبر رغم ذلك خطوة إيجابية".