يحتل موضوع الاختصاصات والصلاحيات التي تُناط برئيس الجمهورية اهمية بالغة بحسب النظام السياسي الذي يستند عليه الحكم في البلاد, وتتسع وتضيق هذه الاختصاصات والصلاحيات لرئيس الدولة وفقا لطبيعة ذلك النظام من اختصاصات واسعة في النظام الرئاسي الى اختصاصات شرفية في النظام البرلماني التقليدي.
العراق بعد نفاذ دستوره الجديد عام 2005 اعتمد النظام الاتحادي البرلماني ( النيابي ) وحدد اختصاصات ومهام لرئيس الجمهورية ولأهمية هذا الموضوع وقلّة الدراسات العلمية التي بحثت في طبيعة الاختصاصات الرقابية لرئيس جمهورية العراق وفقاً لدستور عام 2005 كان الانطلاق في هذه الدراسة التي تناولت في الاطار المفاهيمي طبيعة الصلاحيات لرئيس الجمهورية في كل من النظامين البرلماني والرئاسي وطبيعة الاختصاصات العامة وفرقها عن الرقابية التي يمارس كل منهما رئيس الجمهورية, وعند تحليل النصوص الدستورية اتضح ان هناك انماط مختلفة من الصلاحيات لرئيس الدولة بعضها له علاقة بمجلس النواب وبعضها له علاقة بمجلس الوزراء ورئيسه وبعضها له علاقة بمكونات السلطة القضائية.
تبين من طبيعة هذه الصلاحيات انحرافاً كبيراً في النظام النيابي العراقي المعتمد استناداً لدستور عام 2005 عن الصيغ النيابية المعتمدة في الدول البرلمانية فكانت بعض الصلاحيات تجعل النظام قريباً من الرئاسي كما في الموافقة على طلب حل مجلس النواب, وبعضها تجعل النظام قريباً من المختلط كما في طلب سحب الثقة من رئيس الحكومة, وهكذا انحرافات وغيرها اتضحت في مباحث الدراسة المختلفة جعلت النظام النيابي العراقي مشوهاً بشكل غير قابل للمعالجة إلا بتعديل الدستور كما يرى الباحث.
بعض الاختصاصات الرقابية لرئيس جمهورية العراق استناداً للنصوص الدستورية جعلت منه ضامناً للالتزام بالدستور وعدم التجاوز عليه من اي سلطة من السلطات او اي من الدولة ومن هنا كان البحث موسعا في الاليات التي يمكن من خلالها لرئيس الجمهورية ان يمارس هذا الاختصاص الرقابي الدستوري الذي يرى الباحث انه من اختصاصات السيادة سواء فسرنا اختصاصات السيادة سيادة الدولة التي يمثلها ويجسدها رئيس الجمهورية او سيادة الدستور وعلويته على الجميع ( سلطات ومؤسسات وافراد ) ورئيس الجمهورية المختص بالسهر على ضمان الالتزام به.
إن المراسيم الجمهورية مع انها ذكرت ضمن صلاحيات رئيس الجمهورية في دستور العراق لعام 2005 الا أنها تعد من أهم الاليات والوسائل التي يعتمدها رئيس الجمهورية لممارسة اختصاصاته عامة كانت او رقابية, لهذا تعددت أنواع المراسيم من المراسيم التشريعية الى التنظيمية الى الادارية الى الاجرائية ويرى الباحث ان المراسيم الجمهورية التي يستخدمها رئيس الجمهورية لاداء اختصاصات السيادة والرقابة الدستورية يمكن ان نصطلح عليها ( مراسيم السيادة ).
إنّ اختصاصات رئيس الجمهورية في الرقابة الدستورية لضمان الالتزام بالدستور لا يتعارض مع مهام المحكمة الاتحادية العليا بل يكمل عملها وتكون مراسيم السيادة الجمهورية اداة انفاذ في بعض الاحيان لقرارات المحكمة الاتحادية التي تفتقر الى اداة انفاذ لقراراتها مع الاخذ بالحسبان ان الرقابة الدستورية ( اختصاص السيادة ) يشمل حتى المحكمة الاتحادية نفسها في حال تجاوزت المبادئ والثوابت الدستورية كما ثبت ذلك في هذه الدراسة.
هذه خلاصة بسيطة للدراسة ويعتقد الباحث ان الملاحظات والمناقشات التي يطرحها السيد رئيس واعضاء لجنة المناقشة المحترمون تزيد من رصانة هذه الدراسة العلمية وتصوبها بالشكل الذي يجعل منها ذات نفع وفائدة علمية وعملية
والله ولي التوفيق .