تلعب المحكمة الاتحادية دورا مهما في ضمان سيادة القانون من خلال ضمان سيادة الدستور وصيانة الشرعية والحفاظ على استقرار النظام السياسي عبر التفسير الدستوري والفصل في الطعون المقدمة اليها في دستورية التشريعات والقوانين والمصادقة على النتائج الانتخابية لتلعب دورا مهما في النأي عن التجاذبات السياسية والمصالح المتناقضة وهو امر يتطلب موازنة حساسة بين عوامل عدة منها الخبرة القانونية والخبرة القضائية والخبرة السياسية غير المنحازة مع ضمان استقلال السلطة القضائية بذاتها عن السلطات الاخرى وخضوعها للمسائلة اذ ان مقياس القضاء الرشيد يعتمد على درجة الثقة بأحكامه والاذعان لها بالخضوع لثلاث معايير تتضمن الكفاءة والنزاهة والحيادية.
ولضمان ذلك نجد ان التشدد في معايير الكفاءة والخبرة حلا ممكنا لضمان عدم الانحياز او الميل عن الحدود المقبولة لسلامة الاداء القانوني للقضاة ، وبما ان دستور جمهورية العراق بنص المادة (98) منه يحظر على القضاة الانتماء لأي حزب او منظمة سياسية او العمل باي نشاط سياسي وهو ما نجده امرا جيدا لضمان الحياد ضمن الحدود الطبيعية وواجب التعميم على اعضاء المحكمة الاتحادية من القضاة وغير القضاة.
اما بما يتعلق بأعضاء المحكمة من غير القضاة وللحفاظ على الية العمل من الممكن الحفاظ على نسبة واقعية بين القضاة والفقهاء القانونيين مثلا اعتماد نسبة الثلثين مقابل الثلث مع منح الفقهاء عضوية كاملة لا استشارية او محددة بقضايا معينة كما تتعالى الاصوات ولا سيما ان فقهاء القانون على وجه التحديد قد يمتلكون خبرة دستورية او سياسية قد لا يتمتع بها القضاة ،اما فقهاء الشريعة فهو من ظاهر النص ضمان لدستورية المادة الثانية من الدستور والمتعلقة بعدم مخالفة القوانين لثوابت احكام الاسلام ودورهم يكاد يكون محصورا بحق نقض القوانين التي من الممكن ان تمس تلك الثوابت فعضويتهم نجد انها محصورة بهذا النطاق ، الا ان الاشكالية تظهر في اختيار عددهم وكونهم ممثلين للمذاهب الاسلامية وبعدد قد يفتح هو الاخر باب المحاصصة على تمثيل تلك المذاهب في عضوية المحكمة الاتحادية العليا لتدخل بذلك بمتاهات جديدة ولا سيما ان التمثيل من الافضل ان يكون بعدد فردي لحسم الخلاف بالتصويت الا اننا نجد ان من الافضل حصر ذلك التمثيل بشخصية فقهية واحدة انطلاقا من محدودية دوره في المحكمة وتضييق الدستور حق النقض بما يتعلق بثوابت احكام الاسلام دون التوسع باتجاه الاتجاهات الفقهية مع نزع صلاحياته لنزع فتيل الصراع السياسي حوله ولمنع التذرع بالأغلبية السكانية ليكون منتدبا عن المؤسسة الدينية دون صلاحية التصويت بغير ما يتعلق بثوابت الاسلام مع ضمان كفاءة ومؤهلات هذا العضو وحياديته لمنع تسيس المنصب .
ومما تقدم نجد ان المؤهلات تلعب دورا محوريا في الاختيار لبسط احترام المحكمة وفرض الاذعان لدورها ولأحكامها الامر الذ يتطلب تحديد معايير للمؤهلات التي يجب ان يتمتع بها المرشحون لعضوية المحكمة الاتحادية ولا سيما ان العراق بلد يتمتع بالعديد من الكفاءات المهنية من القضاة والاكاديميين في مجال تخصصهم القانوني وان كان ذلك لا يعالج نقص الخبرة السياسية من دون التحزب او الانحياز لجهة معينة .
لذا وفي خضم الاحداث المفصلية التي يمر بها العراق تظهر الحاجة الملحة لتشريع قانون المحكمة الاتحادية العليا استجابة لتلك الحاجة لتكون الثمرة قانونا يعيد الرقابة الدستورية لممارسة دورها في عملية الاصلاح الدستوري وضمان الالتزام بنصوص الدستور.