أحد علماء ماكس بلانك يقترح آلية لملاحة سفن الفضاء خارج المجموعة الشمسية
مع المسافات الشاسعة التي تقف عندها مركبات مثل فويجر وغيرها، فإن خرائط النجوم نفسها يجب أن تُعدّل مع الوقت، لأن مواضع النجوم بالنسبة للمركبة تتغير كلما تحركت
يمكن لسفن الفضاء أن تحدد موضعها وسرعتها بناء على قراءة لتحرك النجوم القريبة في خلفية من النجوم البعيدة (ناسا)
حينما تخرج مركبة إلى الفضاء، ربما في رحلة للمريخ أو زحل أو لتتبع أحد الكويكبات، فإنها توجه من الأرض عبر برامج إحداثيات تعتمد على النجوم في السماء والمسافات الظاهرية بينها، لكن عصر الفضاء القادم سيتضمن سفرا خارج المجموعة الشمسية، ولن تتمكن هذه البرامج من مجاراته.
المسافرون إلى النجوم
لنتأمل مثلا المركبة فويجر 1، والتي انطلقت من كوكب الأرض منذ 43 سنة وتبتعد عنه الآن مسافة حوالي 20 مليار كيلومتر، لكي يتواصل الباحثون على الأرض معها ويقومون بتوجيهها فإن هناك فارقا في الإشارة قدره حوالي 18 ساعة ذهابا، ومثلها إيابا.
يحدث ذلك لأن الإشارات اللاسلكية تسافر بحد أقصى هو سرعة الضوء، هذا الفارق لا يترك أثرا إذا كانت المركبة الفضائية في محيط الأرض، لكن على هذه المسافة يأخذ الضوء، أو أية إشارة لاسلكية، حوالي 18 ساعة للسفر من الأرض لفويجر-1.
بناء على ذلك، فإنه على المركبات الفضائية المسافرة في الفضاء، لمسافات شاسعة، أن تقوم بضبط إحداثياتها بنفسها، لكن هنا تظهر مشكلة أخرى يعرضها الفلكي كورين بايلور جونز من معهد ماكس بلانك لعلوم الفلك في هايدلبيرغ، ألمانيا (Max Planck Institute for Astronomy)، في ورقة بحثية صدرت مؤخرا وتتجهز للنشر.
حيث إنه مع تلك المسافات الشاسعة التي تقف عندها مركبات مثل فويجر-1 وفويجر-2 ونيوهورايزون، فإن خرائط النجوم نفسها يجب أن تُعدّل مع الوقت، لأن مواضع النجوم بالنسبة للمركبة تتغير كلما تحركت، يشبه الأمر أن تكون مسافرا على الطريق فتجد أن مواضع البيوت والأشجار تتغير بالنسبة لبعضها.
مركبة فويجر 1 انطلقت من الأرض منذ 43 سنة وتبتعد عنها الآن مسافة حوالي 20 مليار كيلومتر (مختبر الدفع النفاث – ناسا)
ملاحة من نوع خاص
في تلك النقطة يقترح جونز طريقة جديدة يتم خلالها استخدام بعض آليات القياس الفلكي مثل تغير المنظور النجمي (Stellar parallax)، وهو التحول الظاهري في موقع جرم سماوي قريب في خلفية من الأجرام البعيدة.
لفهم الفكرة قم بمد يديك أمامك على استقامتها ثم أغلق عينك اليمنى وانظر لإبهامك، بعد ذلك افتح عينك اليمنى وأغلق اليسرى، استمر في فتح وغلق العينين بالتبادل ولاحظ ما يحدث، سيبدو الأمر وكأن إبهامك يتحرك بالنسبة للجدار الواقع في الخلفية، بينما هو في الحقيقة ثابت لا يتحرك، لكن حركة عينيك فقط هي ما يفعل ذلك.
الأمر كذلك بالنسبة للسفينة الفضائية، حيث يرى بايلور جونز أنه يمكن أن تحدد موضعها وسرعتها بناء على قراءة لتحرك النجوم القريبة (إصبع الإبهام) في خلفية من النجوم البعيدة (الجدار)، بعد ذلك تقارن هذه القراءات مع أطلسها الخاص لتوجه دفتها ناحية هدفها المنشود.
إلى جانب اختلاف المنظور النجمي، يقترح بايلور جونز أيضا آليات أخرى مثل تأثير دوبلر – وهو التغير في تردد الضوء إذا كانت المركبة تقترب أو تبتعد عن نجم ما – وذلك للحصول على موضع وسرعة المركبة الفضائية بدقة شديدة
وبحسب الدراسة، فقد تبين عبر محاكاة حاسوبية أن خريطة تضم 20 نجما فقط يمكن أن تحدد موقع المركبة بدقة ضمن نطاق 3 وحدات فلكية (450 مليون كيلومتر تقريبا) وسرعة كيلومترين في الثانية، ويمكن للدقة أن ترتفع بشكل كبير مع زيادة عدد النجوم.