هو موفق الدين أبو محمد عبد اللطيف البغدادى، ولد عام 557 هــ ببغداد، و فيها نشأ و تلقى علومه، فدرس الأدب و الفقه، وعلوم القرآن، و الحساب و الفلك، ثم رحل إلى مصر حيث تعمق ف دراسة الفلسفة و الكيمياء على يد يس الكيميائى، كما تخصص فى الطب على يد موسى بن ميمون الطبيب. و بعد ذلك أنتقل إلى دمشق ليشتغل بدراسة العلوم الطبية مدة من الزمن، عاد بعدها إلى مصر لينصرف إلى التدريس بالأزهر الشريف فى عهد العزيز بن صلاح الدين.
وكان التدريس فى الأزهر شرفاً لا يناله إلا النخبة من العلماء. ثم عاد البغدادى فى أواخر حياته إلى دمشق و حلب حيث توفى عام 629 هـ، بعد أن أدى دوره بين العلماء و نقل علمه إلى طلابه.
من أهم مؤلفات البغدادى التى وصلتنا كتاب " الإفادة و الأعتبار " الذى ألفه بعد زياراته المتكررة لمصر، و تحدث فيه عن " الأمور و المشاهدات و الأحوال و المعاينات فى أرض مصر ". وهو يقول عن قدماء مصر أنهم كانوا على علم بالهندسة العملية، و على خبرة واسعة فى رفع الأثقال. وصناعة الرسم و النقش و التحنيط ".
و يتضمن كتابه كذلك وصف العديد من النباتات و الحيوانات الت رآها فى مصر، و يشير إلى الخصائص الطبية لمجموعة من الأعشاب.
أمتاز البغدادى بتفوقه الملحوظ فى ميدانى العلوم و التاريخ، إلى جانب أشتغاله بالطب، إلى جانب ولعه بالأسفار. وتمتاز كتبه ورسائله ببراعة الأستقراء و حسن التنسيق وروعة التنسيق وروعة الأسلوب، و الأبتكار فى طريقة العرض. ومن أهم ما كتبه البغدادى وصف مصر خلال حقبة من أزهى عصورها.
و تحدث البغداد ف اماكن متعددة من كتبه عن الأهرام و الأثار المصرية، و نهر النيل. وقد رأى فى الأهرام أنها " معجزة الدهر "، وعلق على محاولة هدمها فى عهد عبد العزيز بن صلاح الدين، وربما يكون أنف " أبو الهول " قد تهشم فى تلك المحاولة و ليس على أيام نابليون كما يزعم بعضهم.
وفى عهد الملك العادل عام 1200 م حلت بمصر كارثة عظمى بسبب عدم فيضان النيل فى ذلك العام. فعم القحط و أنتشرت المجاعة.
ومن آراء البغدادى أن العلماء لا يموتون، بل أن أعمالهم تخلدهم، ومن حكمه قوله : " العالم الحق من يضع لبنة ف بناء العلم العظيم ".