في عام 1902، قام العالِم الروسي ايفان بافلوف بإجراء دراسة على مجموعة من الكلاب.
في بادئ الأمر، كان يقدم لهم الطعام وحينما يتناولوه يزداد اللعاب المُفرز في فمهم، وهو شئ طبيعي؛ فاللعاب يُفرز عند تناول الطعام للمساعدة في الهضم، ولكن جاء في مرة أخرى وقام بالضغط على الجرس أولًا ثم قام بتقديم الطعام لهم، ووقتما بدأوا بتناوله، اكتشف ازدياد اللعاب المُفرز، وهو شئ طبيعي أيضًا، أين التجربة أذن؟
قام بتكرار نفس العملية عدة مرات: يضغط على الجرس، ثم يقدم الطعام فيزداد اللعاب لدى الكلب.
وبعد حوالي 50 مرة من تكرار هذه العملية خلال عدة أسابيع، قام بافلوف بالضغط على زر الجرس ولكن لم يقدم أي طعام، فاكتشف ازدياد اللعاب المفرز أيضًا.
فقال بافلوف: ماذا حدث؟ أنا لم أقدم أي طعام ومع ذلك ازداد إفراز اللعاب!
ومن هنا خرج بنظرية التكيّف الكلاسيكي، الفكرة ببساطة هو أنه حدث ارتباط لدى الكلب بين الضغط على الجرس وتقديم الطعام (وبالتالي افراز اللعاب)، فحينما يتكرر هذا عدة مرات، يُصبح من البديهي لديه أن الضغط على الجرس يعني أنه سيتم تقديم الطعام له بعدها، فأصبح يفرز اللعاب بشكل تلقائي بمجرد سماعه صوت الجرس.
ماذا عن البشر؟
إذن الفكرة ببساطة هي أن يحدث شئ، ثم يحدث شئ آخر بعده، وبمرور الوقت وبتكرار الأمر فإنه بمجرد حدوث الشئ الأول فإنك تتوقع حدوث الشئ الثاني وتتصرف تلقائيًا كما لو أنه سوف يحدث بالفعل.
يظهر ذلك بشكل أوضح في المجال التعليمي:
عندما يدخل الطالب الى الصف ويجد المعلم في حالة غضب وصياح، فأن الطالب يشعر بالخوف. فيرتبط لديه وجوده في الصف بالشعور بالخوف، لذلك فأنه يشعر بالخوف بمجرد أن يدخل الصف ويرى المعلم، فلا يعد يريد الذهاب للصف أو المدرسة مرة أخرى.
طالب آخر تجده بدأ يحب مادة جدًا ويذاكرها كثيرًا رغم أنه كان يكرهها في السابق، فماذا حدث؟ جاءهم معلم جديد وكان معلم هذه المادة مَرح فكان الطالب يشعر بالسعادة في حصة هذا المعلم، فارتبطت دراسة المادة لديه بمشاعر السعادة، فأصبح يذاكرها كثيرًا ويحب حضور حصة هذا المعلم.
كما يرتبط التكيّف الكلاسيكي مع أغلب أنواع الخوف، لنأخذ مثلًا الخوف من السعادة (شيروفوبيا)، حيث يبتعد الشخص المصاب به عن أي شئ قد يسبب له السعادة (كالحفلات والأفراح مثلًا)، لماذا؟ حدث لديه ارتباط بين الموقف السعيد والشعور بالحزن، فقد سبق وحدث أنه كان في موقف سعيد ثم تبعه مباشرة خبر صادم أو موقف حزين، فأصبح يخشى السعادة لئلا يتبعه بعد ذلك حدث سلبي.