صورة تعبيرية لأوروبا، سادس أقرب قمر للمشتري والرابع من حيث الحجم، يتوهج في الظلام (ناسا-مواقع التواصل الاجتماعي)
تمكن فريق بحثي من معمل الدفع النفاث بوكالة الفضاء والطيران الأميركية "ناسا" (NASA) من رصد الكيفية التي يمكن بها للقمر "أوروبا" -سادس أقرب قمر للمشتري والرابع من حيث الحجم- أن يتوهج في الظلام، الأمر الذي قد يساعد على دراسة أفضل لأوروبا مستقبلا.
بشكل أساسي، يتكون القمر أوروبا من صخور السيليكات، تغلّفه قشرة جليدية من الخارج، ويعتقد بعض العلماء أن هناك محيطات من الماء أسفل تلك القشرة.
اكتشاف بالصدفة
للوصول لتلك النتائج، التي نشرت في دورية "نيتشر أسترونومي" (Nature Astronomy) وأعلنت عنها الوكالة في بيان رسمي يوم 9 نوفمبر/تشرين الثاني الجاري، صمم هذا الفريق البحثي محاكاة معملية للأجواء على هذا القمر، سميت هذه التجربة بـ"غرفة الجليد"، وفيها وضع الثلج بحالة مشابهة تماما لما يحدث على القمر أوروبا.
وبحكم المسافة القريبة بينه وبين المشتري، حيث يقع داخل الغلاف المغناطيسي للكوكب، فإن أوروبا يتعرض لدفقات شديدة من الإشعاع بشكل دوري، وبحسب الدراسة، فإن ذلك الإشعاع يتسبب في إثارة الذرات المكونة للجليد ومحتوياته من الأملاح مثل كلوريد الصوديوم وكبريتيد الماغنيسيوم، الأمر الذي يتسبب في وهج ليلي خافت بلون قريب للأخضر، وبلمعان يشبه انعكاس أشعة القمر على الرمال في ليلة حالكة.
حسب الفريق البحثي، كان غرض الدراسة الرئيسي هو فحص طبيعة الإشعاع؛ لكنهم تفاجؤوا بنتائج إضافية لم تكن في الحسبان.
تبين للفريق أن تغيير نسب المواد الكيميائية الموجودة داخل الثلج يتسبب في تغير درجات الإشعاع، الأمر الذي يقدم طريقة ممتازة لرصد القمر عن بعد، بحيث يمكن لطبيعة التوهج أن تقدم للعلماء فرصة للتعرف إلى مكونات القمر الكيميائية.
صورة تعبيرية لبعثة التحليقات المتعددة حول أوروبا (ناسا)
البحث عن الحياة
يأتي ذلك في سياق تجهيزات تجري الآن على قدم وساق لإطلاق مهمتين واعدتين لدراسة أوروبا، الأولى تابعة لوكالة الفضاء والطيران الأميركية، وتسمى "بعثة التحليقات المتعددة حول أوروبا" (Europa Clipper)، والثانية تتبع "وكالة الفضاء الأوروبية" (ESA)، وتسمى المهمة "جوس" (JUICE)، ومن المتوقع أن تنطلق كلتاهما قبل نهاية هذا العقد.
ويعد القمر أوروبا واحدا من أهم المناطق في المجموعة الشمسية، التي يهتم بها علماء نطاق البيولوجيا الفلكية، حيث يبحثون عن آثار الحياة الدقيقة به، فطالما وجد الماء -في أية صورة- كان ممكنا للحياة أن توجد.
في هذا السياق تجيء نتائج الدراسة الجديدة، وتمتلك أهمية كبيرة بالنسبة لهؤلاء الباحثين، حيث يمكن أن تساعدهم هذه الآلية الجديدة في التعرف إلى وجود مواد عضوية على سطح القمر، الأمر الذي قد يشير إلى وجود الحياة.