يشعر المراهقون بالارتباك حيال أنفسهم واحتياجاتهم ورغباتهم (بيكسابي)
لا يتوقف الصغار عن التحدث مع والديهم طوال الوقت، يحكون كل حدث كبيرا كان أم صغيرا، وينتظرون الرد والتوضيح والتفاعل. وهذا ضروري لنموهم وفهمهم للعالم وفهم أنفسهم.
ولكن عندما يبلغ هؤلاء الأطفال سن المراهقة، غالبا ما يكون التواصل معهم من خلال محاولة حملهم على التحدث، وأحيانا أخرى حملهم على الاستماع.
لماذا يصعب التواصل مع المراهقين؟ ما الذي يحدث لهم ويجعل من التواصل معهم بهذه الصعوبة إلا ما ندر.
تطوير ذواتهم
وفقا لمركز علاقات الأسرة جنوب كاليفورنيا "باث واي 2 ويلنس" Pathways2wellness، فإنه يصعب التواصل مع المراهقين، (ويتأرجح) بين التقارب والانفصال والاحترام والقبول. إن المراهقين يحتاجون إلى الخوض في العملية الصعبة المتمثلة في تطوير ذواتهم الفردية. وجزء من ذلك يكون عبر الانفصال عن العلاقة التكافلية التي تربط الصغار بوالديهم. وذلك في محاولة للتعرف على أنفسهم واحتياجاتهم الشديدة والمشاعر الجديدة المربكة.
يبحثون عن إجابة
يحاول المراهقون الإجابة عن السؤال الكبير الخاص بالمراهقة "من أنا؟" ومثلما يتعلم الطائر أن يطير، يحتاجون إلى الاعتقاد بأنهم لا يحتاجون إلى أبويهم لاستجماع شجاعتهم لترك عش العائلة. لذلك، يجب أن نمنحهم مجالا للنمو واتخاذ قراراتهم بأنفسهم، واثقين طوال الوقت في المؤسسة التي بنيناها معهم على مدار العقد ونصف العقد الماضيين من حياتهم. إذا كان هذا الأساس متينا، فسيعودون إليك.
يحاول المراهقون الإجابة عن السؤال الكبير الخاص بالمراهقة: من أنا؟ (بيكسابي)
يشعرون بالارتباك
يشعر المراهقون بالارتباك حيال أنفسهم واحتياجاتهم ورغباتهم. وهذا يتسبب في صعوبة التواصل. وهنا يأتي دور الوالدين، فأنت شخص تعرف نفسك جيدا، وهذه هي الخطوة الأولى في نجاح التواصل. اسأل نفسك ماذا تريد من ابنك المراهق؟ ماذا تريد من هذه المحادثة؟ يجب أن تكون محددا ولا تتسبب له في مزيد من الارتباك.
لا يعرفون كيف يديرون مشاعرهم
بصفتك شخصا بالغا، أنت قادر على تنظيم مشاعرك. كيف تتعامل مع الإحباط؟ ومع خيبة الأمل؟ ماذا تفعل عندما لا تحصل على ما تريد؟ لذا لا تثقل كاهل ابنك المراهق بتوقعاتك غير المعقولة. حاول أن تشعر بما يشعر به وتساعده بشكل غير مباشر.
يبحثون عن الرضا والقبول
غالبا ما يفعل المراهقون أو يقولون أشياء لا يوافق عليها آباؤهم. لكنهم ما زالوا أطفالك. في أعماقهم، ما زالوا يبحثون عن رضاك وقبولك لما يقومون به، ويمكن أن يتأذوا كثيرا إذا حجبت ذلك عنهم، أو إن كانت لديك استجابة انتقادية مفرطة حول ما يقومون به.
وفقا لمركز "باث واي 2 ويلنس" فإن سر التواصل مع المراهقين هو أن تكون فضوليا ولا تصدر أحكاما. اسأل ابنك المراهق عن السبب وراء أفعاله وآرائه. لا تفترض أنك تعرف بالفعل. حاول أن تفهم منهم، وأبلغهم باهتمامك.
لا تلق عليهم محاضرات
ربما سمعت هذا التعليق من قبل "وها قد بدأت المحاضرة المعتادة". إن المراهقين ليكرهون بشدة إلقاء المحاضرات والخطب والنصائح عليهم. لذا، ابذل قصارى جهدك ولا تقدم المشورة ما لم يطلبوا ذلك على وجه التحديد.
يعد الاستماع أهم مهارة اتصال مع المراهقين، حتى إذا كان ابنك لا يتحدث إليك بالطريقة التي تريدها تماما، أو بالطريقة التي اعتادوا عليها عندما كانوا صغارا، فمن المحتمل أنهم يتحدثون بشكل عرضي طوال اليوم. استمع لما يقولون، حتى لو كان مجرد حديث صغير. كل ما يقوله هو محاولة للتواصل. وعندما تجيب، كن مباشرا ومنفتحا.
التواصل مع المراهقين يكون أفضل عندما يقوم على الاحترام المتبادل (بيكسابي)
تعبوا من كونهم الطرف المتلقي
تتمثل إحدى الطرق الذكية جدا للتواصل مع ابنك المراهق في تبديل المواقف من حين لآخر، وطلب المساعدة والمشورة بشأن شيء لديهم خبرة فيه مثل التكنولوجيا أو الرياضة أو الموضة. إنهم يكبرون ويكتسبون المهارات والخبرات التي لا تكون أنت مصدرها. استفد من خبراتهم الجديدة واثن عليها، لقد بدؤوا يتعبون من كونهم باستمرار في الطرف المتلقي.
يمكن أن تكون مساعدتهم ونقل معرفتهم لك أمرا مثيرا، وتساعد على تمهيد الطريق لعلاقة ناضجة بينك وبينهم.
يحبون التواصل غير اللفظي
الكثير من التواصل مع المراهقين، خاصة الأولاد، غير لفظي. لاحظ لغة جسدهم وتعبيرات وجههم. لا تضغط عليهم للتحدث إذا لم يكن ذلك ضروريا تماما. بدلا من ذلك، قم بإشراكهم في الأنشطة التي يستمتعون بها، مثل الرياضة والهوايات غير اللفظية.
التواصل مع المراهقين يكون أفضل عندما يقوم على الاحترام المتبادل. احترمهم وامنحهم مساحة خاصة بهم وشجعهم على احترامك بدورهم.
يريدون التحكم باختياراتهم
في مقال على موقع "غوود هاوس كيبينغ" Goodhousekeeping يحكي فيه الكاتب جيف بوغل عن رحلته للبقاء على اتصال مع ابنتيه المراهقتين، فيقول: لقد تحدثت عن مخاوفي مع كين جينسبيرغ، اختصاصي طب المراهقين والمدير المؤسس لمركز التواصل بين الوالدين والمراهقين (CPTC) بمستشفى الأطفال في فيلادلفيا، وقد نصحني وآباء آخرين بضرورة منح المراهقين مزيدا من التحكم في اختياراتهم من خلال سؤالهم عما يريدون القيام به حقا.
سر التواصل مع المراهقين أن تكون فضوليا ولا تصدر أحكاما (غيتي)
يريدونك أم أصدقاءك؟
يقول جينسبيرغ إن المراهقين يريدون أصدقاءهم فقط وليس أنت، هم يتشاركون سويا اهتماماتهم ومقاطع "تيك توك" المفضلة. وفي هذا الشأن عليك أن تتراجع. يضيف "لا تحوموا أو تتطفلوا، ابقوا محبين ومتاحين في الوقت الحالي فقط".
أخيرا: تعد علاقات الأقران جزءا مهما من تنمية المراهقين، لأنها الطريقة التي يتعلمون بها التنقل في العالم من حولهم، وحل المشكلات، واختبار القيم، ومعرفة من يريدون حينما يكبرون، ومع ذلك فهم مازالوا بحاجة إلينا لإخبارهم أننا نحبهم دون قيد أو شرط، وأننا سنكون هناك دائما عندما يحتاجون إلينا.