كانت الحملة التي قادها الجنرال الإنجليزي اللنبي على فلسطين من أنجح حملات الحلفاء في الحرب العالمية الأولى.
كان انتصار الحلفاء في بئر السبع في 31 أكتوبر 1917م متبوعًا بعدَّة انتصارات في نوفمبر وديسمبر، وقد انتهت بسقوط القدس في أيديهم في 9 ديسمبر 1917م.
كان الحدث كبيرًا على كافَّة الأصعدة نظرًا إلى أهميَّة المدينة الدينيَّة عند كافَّة الملل. كانت الخسارة بالنسبة إلى الدولة العثمانيَّة المسلمة كبيرة، خاصَّةً أن مكة الآن تحت سيطرة الشريف حسين، الذي يُحاصر المدينة المنورة أيضًا، كما أن سقوط بغداد قبل ذلك -وهي من عواصم الخلافة الإسلاميَّة السابقة- كان مؤثِّرًا على الحالة المعنويَّة لكافَّة المسلمين.
من المؤكد أن فَقْدَ هذه المدن المقدَّسة سيُضْعِف من نداءات الجهاد التي يُطلقها السلطان محمد الخامس لتحريك المسلمين عالميًّا لعون الدولة العثمانيَّة. كان الوضع معكوسًا -بسذاجة- في البلاد العربيَّة؛ إذ إن العرب الثائرين كانوا يظنُّون أن سقوط القدس في يد الحلفاء يعني وصولها إليهم.
كان هذا وهمًا لا يفهم حقيقته إلَّا القليلون في هذه الحقبة، وإن كان ظهور وعد بلفور في الصحف قد أثار الشكوك في نفوس الحالمين بمملكة عربية.
حاول الجيش العثماني استرداد القدس في هجماتٍ عسكريَّةٍ مضادَّة كان أهمُّها في مساء يوم 26 ديسمبر، ولكن فشلت المحاولات، وضاعت القدس، وإن تمكنت هذه الهجمات العثمانيَّة من وقف زحف الإنجليز هذا الشتاء![1].
[1] دكتور راغب السرجاني: قصة الدولة العثمانية من النشأة إلى السقوط، مكتبة الصفا للنشر والتوزيع، القاهرة، مصر، الطبعة الأولى، 1442ه= 2021م، 2/ 1223.