الفنون باقية رغم الجائحة.. إذا انهارت الموسيقى فإننا سنكون على أبواب كارثة اجتماعية وإنسانية



الفنان بدر الهشام يزاوج بين العزف عبرالإنترنت وفي الأماكن العامة



العزف المنفرد هو أخف الضررين برأي زاك بن عثمان، فهو لا يستطيع العزف ضمن فريق في ظل قيود التباعد الاجتماعي، ولذلك تخلى عن فرقته الموسيقية التي كان يعزف معها في مختلف المناسبات، والتي اشتهرت بالجمع بين الآلات الموسيقية العالمية والتقليدية الملايوية، واتخذ لها ركنا للعزف في مركز تسوق بمدينة شاه عالم الماليزية.
وبلا مقدمات توقفت جميع البرامج السياحية منذ أكثر من عام، وألغيت جميع المناسبات العامة ضمن إجراءات محاصرة انتشار فيروس كورونا، وكغيره من آلاف الموسيقيين الماليزيين وجد نفسه عاطلا عن العمل.
ورغم أن الفنان المشهور باسم (زاك) يفتخر بإجادته العزف على عدة آلات موسيقية، فإنه يكرر أن محبوبته آلة الأنغلونغ التي لا يستطيع مفارقتها، وهي مصنوعة بالكامل من قصب البامبو، فهو ينسقه بشكل هندسي رائع ليخرج أنغاما فريدة.
لا تفارق الابتسامة العريضة وجه الفنان زاك وهو يهز بأنامله أحجاما مختلفة ومنتظمة من قصب البامبو.
وساعدت طبيعة الأنغلونغ زاك على العزف المنفرد، والاستغناء عن فرقته التي تتكون عادة من 3 إلى 5 عازفين، ويقول إن جميع أفراد الفرقة تضرروا بسبب الإجراءات التي اتخذتها الحكومة من إغلاقات كاملة بين حين وآخر ومنع جميع المناسبات العامة.
ويضيف أن الأنغلونغ استهوت شعوبا آسيوية كثيرة، ولم تعد خاصة بعرقية السوندا أو شعوب الملايو، بل إن الجاويين حملوها معهم وعرفوها لشعوب المنطقة، وقد انتشرت في ماليزيا بداية ولاية جوهور في أقصى جنوب ماليزيا بمحاذاة سنغافورة.




الموسيقى الماليزية تكافح في زمن كورونا


العزف عن بعد

اختار عازف الغيتار بدر الهشام بن بحر الدين العزف عبر الإنترنت، لكنه أدرك بعد أشهر أن العزف عن بعد يفتقر إلى الروح والمشاعر فانتقل مع فرقته المكونة من 3 عازفين إلى مركز تسوق ليمزج بين البث الحي المباشر عبر مواقع التواصل والعزف للمتسوقين أو في صالات المطاعم المفتوحة.
ويتنقل الثلاثي في وصلات العزف بين أغنية "راتنا" الشعبية الملايوية وأغان من ثقافات أخرى، بينها "حبيبي يا نور العين" للمطرب عمرو دياب، أما راتنا فهو اسم فتاة يتعهد حبيبها بحب خالص ووفاء دائم.
ورث بدر الهشام مهنة الموسيقى عن جده الذي كان يعزف في أوركسترا هيئة الإذاعة والتلفزيون الماليزية، ويفضل الغيتار ذا الأوتار الحديدية على أوتار النايلون وغيرها بسبب تميزه في الأجواء الصاخبة.
ويقول إن العزف عن بعد لاقى رواجا جيدا في فترات الإغلاق الكامل ومنع التجوال، حيث يدخل في الحفلة الإلكترونية الواحدة ما بين 300 إلى 400 مشترك، وتتناوب الفرق الموسيقية على العزف الحي ويتقاسمون الاشتراكات الصغيرة التي يدفعها المشاهدون عبر شاشات الكمبيوتر والهواتف الذكية، وعادة ما تكون كافية لتوفير 50 إلى 60 دولار لكل عازف يوميا.




الفنان زاك يتحدى ظروف كورونا بالعزف في أماكن عامة على آلة الأنغلونغ الشعبية والتعريف بها


مهنة لا تموت

حاولت جمعيات الفنانين الموسيقيين منع مهنة الموسيقى من الانهيار بتنظيم حفلات جماعية للعزف عبر الإنترنت، والتحايل على ظروف كورونا، لكن موسيقيين يرون أن العزف الإلكتروني يمكنه الإبقاء على فن الموسيقى حيا ولكن دون روح أو انفعال حقيقي.
بينما يعرب زاك وبدر الهشام عن اعتقادهما عن أن فن الموسيقى لن ينهار حتى لو طال أمد الجائحة، فهما يعتبران الموسيقى جزءا من الحياة، وأن الوحدة تولد الإبداع الموسيقي، ويضيف بدر الهشام أن "صناعة السينما لن تنهار لأن العزف ما زال قائما، وما دمت أعزف فأنا أعيش، والعكس كذلك" ولكنه يستدرك بأن الموسيقى لم تعد مجدية ماديا في الوقت الحالي.
أما زاك فيقول "إذا انهارت الموسيقى فإننا سنكون على أبواب كارثة اجتماعية وإنسانية، فالفنانون ما زالوا متعطشين للعزف ومستعدين للمشاركة في أي ظرف وبأي شكل".