لم أسْلُ عنكَ ولم أخُنكَ
ولم يكن في القلبِ عندي للسُّلوِّ مكانُ
لكن رأيتُكَ قد مَلِلتَ زيارتي
فـ علمتُ أن دواءَكَ الهجرانُ
— العباس بن الأحنف
لم أسْلُ عنكَ ولم أخُنكَ
ولم يكن في القلبِ عندي للسُّلوِّ مكانُ
لكن رأيتُكَ قد مَلِلتَ زيارتي
فـ علمتُ أن دواءَكَ الهجرانُ
— العباس بن الأحنف
جعلتِ مَحَلَّة البلوى فؤادي
وسلّطتِ السُهاد على رُقادي
وَنِمتِ خَلِيّةً وفقدتُ نومي
أما استحيا رقادك من سُهادي؟
وكم كُنتُ أستجدي وِصالَكَ كُلما
أهَلَ هِلال الليلِ والناسُ هُجَّعُ
رحلتَ كما رحل النهار وأنني
لأُقسِمُ إن طالَ الظلامُ ستَرجِعُ
— الحارث الخراز
فاهدم فؤادي ما استطعتَ فانَّهُ
سيكون مثلَ الصَّخرة الصَّمَّاءِ
لا يعرفُ الشَّكوى الذليلَة والبكا
وضراعَة الأَطفالِ والضّعفاءِ
ويعيشُ جبَّاراً يحدِّق دائمًا
بالفجر بالفجرِ الجميلِ النَّائي
— أبو القاسم الشابي
فكُن لي "سُليماناً" على عرش أضلعي
سآتيكَ من أقصى المسافات هدهدا
ومزمارَ "داودٍ" تَرقرَقْ بمسمعي
لأحياكَ صوتاً راقصاً خلفَهُ الصدى
أسمّيكَ ماذا؟ تسمياتي تخونني
وحقَّ الهوى لم ألقَ اسماً مُحدّدا
بكَ الورد صلّى نفحةً إثر نفحةٍ
صلاةَ اقتطافٍ، فافتحِ القلبَ مسجدا
"وسألتُها بَعد النّوى أشتَقتِ لي؟
ردَّت: حَرِيُّ بي أنا أن أسألَك
صمَتَت وعيناها تقولُ بحُرقةٍ:
أوَهكذا تقسو على مَن دلَّلَكْ؟
وبَكَت ولكن أردَفَت: أتظنُّني
أبكي عليكَ؟ حقيقةً، ما أجهلَك!
فلِسانُها ينفي الحنينَ، وقلبُها
يشدو الأماكن كلّها مشتاقة لك.."
أَكُنتَ مُعَنِّفي يَومَ الرَحيلِ؟
وَقَد لَجَّت دُموعي في الهُمولِ
عَشِيَّةَ لا الفِراقُ أَفاءَ عَزمي
إِلَيَّ وَلا اللِقاءُ شَفى غَليلي
دَنَت عِندَ الوَداعِ لِوَشكِ بُعدٍ
دُنُوَّ الشَمسِ تَجنَحُ لِلأَصيلِ
وَصَدَّت لا الوِصالُ لَها بِقَصدٍ
وَلا الإِسعافُ مِنها بِالمُخيلِ
عينان زرقاوان.. ينعس فيهما لون الغدير
أرنو فينساب الخيال و ينصب القلب الكسير
و أغيب في نغم يذوب.. و في غمائم من عبير
بيضاء مكسال التلوي تستفيق على خرير
ناء.. يموت و قد تثاءب كوكب الليل الأخير
يمضي على مهل و أسمع همستين.. وأستدير
فأذوب في عينين ينعس فيهما لون الغدير
حسناء يا ظل الربيع, مللت أشباح الشتاء
سوداً تطل من النوافذ كلما عبس المساء
حسناء.. ما جدوى شبابي إن تقضى بالشقاء
عيناك.. يا للكوكبين الحالمين بلا انتهاء..
لولاهما ما كنت أعلم أن أضواء الرجاء
زرقاء ساجية.. و أن النور من صنع النساء
هي نظرة من مقلتيك و بسمة تعد اللقاء
و يضيء يومي عن غدي, وتفر أشباح الشتاء
**
عيناك.. أم غاب ينام على وسائد من ظلال
ساج تلثم باليكون فلا حفبف و لا انثيال
إلا صدى واه يسيل على قياثر في الخيال
إني أحس الذكريات يلفها ظل ابتهال..
في مقلتيك مدى تذوب عليه أحلام طوال,
وغفا الزمان.. فلا صباح ..و لا مساء و لا زوال!
أني أضيع مع الضباب سوى بقايا من سؤال:
عيناك.. أم غاب ينام على وسائد من ظلال!
أَلْقَيتُ بينَ يديكَ كُلَّ عِتَادِي
وأَرَحْتُ مِنْ هَمِّ الطَّريقِ جَوادِي
وفَرَرْتُ مِنْ لَفْحِ العَواصفِ حِينمَا
طَالَ الرَّحيلُ، وماتَ صَوتُ الحَادِي
ألقيتُ في سَمْـعِ الحبـيبِ كُليـمَةً
جَرحَـت عَـواطِــفَهُ فــما أقـسانـي
قَطَعَ الحَدِيـثَ ورَاحَ يَمْـسَحُ جَفنَهُ
فَـودَدتُ لـو أُجْـزَى بِقَـطعِ لسَانِي
وَمَــضَى ولي قَــلبٌ على أثَـــارِهِ
ويَــدَانِ بالأذيَــــالِ عَـالِقَـــــــتانِ
فَطَفَقتُ مِن ألمي أكفكِفُ أدمُعِي
ورجِعْـتُ من نَدَمي أعُـضُ بَنَانِي
وأقــولُ وا خَـجَــلِي إذا لاقَـيْــــتُهُ
فـبــأي وَجِــهٍ عَابِــسٍ يَلـــقَــانِي
تَخَيَــلتُ ظَــفري بِهِ فَــمَدَ يَمِيــنَهُ
ورنــــــا إليَّ بــرقَـةٍ وحَـــــنانِ
وبَكَى وعَانَقَــنِي وقَـالَ عَدِمتَــنِي
إن كَــان لي جَلَدٌ عَلى الهِجرَانِ
قُل ما تَشَاءُ ولا تَغِبْ عَن نَاظِري
وفِـدَاكَ ذُلي فِي الهَـوى وهَـوَانِي