ليس الفقيرُ فقيرَ المالِ والرُّتَبِ
إن الفقيرَ فقيرُ العلمِ والأدَبِ
فارمِ بِدلوِكَ نحوَ العلمِ مُغتَرِفَاً
من بحرِهِ - يارعاكَ اللهُ - واكتسِبِ
واسْعَ لِتَحصِيلِهِ في الأرضِ مُجتهداً
فالماء في البحر غيرُ الماءِ في السُّحُبِ
لا تشغلنَّك "ليلى" عن دراسَتِهِ
ولا "سُعادُ"، ولا التغريدُ بالطَّرَبِ
فليس في تلكم الأهواء منفعةٌ
فانأى بنفسِكَ عن برقٍ بلا حلَبِ
واسرِجْ شُموخَكَ نحو المجد منطلقاً
فلن يفوزَ سِوَى من جَدَّ في الطَّلَبِ
ومن أرادَ العُلا من غيرِ معرِفَةٍ
كمن أراد السَّما من غيرِ ما سببِ
لا تحسبنَّ دُرُوبَ المجدِ هينةً
هيهاتَ أن تَبْلُغَ العَليا بلا تَعَبِ
فاقبِلْ على العلم وانهلْ من مناهِلِهِ
فإنَّهُ للبرايا خيرُ مُكْتَسَبِ
واجعل حياتك بين الكُتْبِ مُنتفِعَاً
ولا يكن لك غير العلمِ من أرَبِ
لصفحةٌ من نفيسِ العلمِ تحفظها
خيرٌ وأبقى من الألماسِ والذهبِ
فحاملُ العلمِ بين القومِ ذو شَرَفٍ
حتى وإن كان فيهم غير ذي نَسَبِ
وصاحبُ الجهل بين الناس مُنتقصٌ
حتى وإن كان ذا أصلٍ وذا حسبِ
يا حبَّذا العلم نوراً يستضاءُ بِهِ
في ظلمة الجهلِ بين الشَّكِّ والرِّيَبِ
العلمُ نِبراسُ من جنَّتْ غَيَاهِبُهُ
وخيرُ نهجٍ ومِيراثٌ لكُلِّ نَبِيّ
كأنَّ صاحبَهُ ما بين أُمَّتِهِ
نجمٌ تلألأ للرائينَ عن كَثَبِ
"العلمُ كنزٌ وذخرٌ لا نفاد له"
وليس يُخشى عليهِ -الدهر- من عَطَبِ
وما سَمَت أمةٌ في الكون وارتفعت
إلا بسلطانِهِ الميمونِ لا اللَّعِبِ
يا طالبَ العلمِ نِعمَ العلمُ مَنْقَبَةً
ورتبةً حُزتها من عالِيَ الرُّتبِ
فإن صحبتَ فصاحِبْ كُلَّ ذي أدبٍ
فإن صاحبَهُ كالمِسْكِ لم يخِبِ
وإن أرَدتَ انتسَاباً ترتقي شرفَاً
به فدونكَ بيت العلمِ فانتَسِبِ
ثُمَّ الصَّلاةُ على المختارِ من مُضَرٍ
مُحَمَّدٍ صفوة الأعجَامِ والعـــرَبِ
عزت المخلافي