ميزة معدلات التحديث المرتفعة (High Refresh Rate) بشاشات الهواتف الذكية ليست وليدة اليوم أو العام الماضي، وإنما رأيناها لأول مرة في هاتف Razer Phone الذي تم إطلاقه في عام 2017. ولكنه كان عام 2020 الذي بدأنا نلاحظ فيه أن معدلات التحديث المرتفعة لم تعد مقتصرة على شاشات الهواتف المُخصصة للألعاب فحسب.
بدأ مصنعي الهواتف الآخرين يتلهفون على هذه الشاشة: OnePlus و Oppo و Samsung و Xiaomi، وسرعان ما تم تضمين الميزة بهواتفهم الرائدة. في الحقيقة، يمكنك الآن أن تسأل ما هي الشركات التي لم تستخدم ميزة معدلات التحديث العالية في هواتفها حتى الآن، وسوف تجد أن شركة LG كانت واحدة من بين هؤلاء المتأخرين بخطوة. ولكن، إذا كنت تبحث عن ميزة معدلات التحديث المرتفعة في هاتفك القادم ينبغي أن تعرف مجموعة نقاط في غاية الأهمية، وهي ما سوف نستعرضها معك اليوم في هذا المقال.
في عام 2020، بدأنا نرى معدلات التحديث العالية في شاشات هواتف الفئة المتوسطة أيضاً والتي لم يتعدى ثمنها 300$ دولار أمريكي. ولن تجد هاتف واحد أو اثنان، بل ستجد لكل من Realme و Oppo و Xiaomi و OnePlus هواتف بنفس التكنولوجيا موجهة للفئة المتوسطة.
وللوهلة الأولى قد تشعر أن دعم هاتفك لمثل هذه الميزة هو أمر رائع، ولكن ما سهونا عنه هو أن ميزة معدلات التحديث العالية ما هي إلا جزء لا يتجزء من مواصفات الهاتف. إذ أن معدلات التحديث العالية سوف تتطلب المزيد من طاقة البطارية، وستفرض المزيد من الجهد على خصائص المعالجة الرسومية بالهاتف خاصة أثناء ممارسة الألعاب. ولذلك، وعند النظر للأمر من منظور مختلف، ستكتشف أن امتلاك هاتف يحتوي على شاشة تتمتع بمعدلات تحديث عالية ولكن مع خصائص معالجة متواضعة سيكون أمراً مناقضاً لنفسه ومحبطاً للغاية.
بعض المواقع الأجنبية بدأت تستخدم معايير قياس قوة الأداء بالاستناد على الهواتف ذات معدلات التحديث المرتفعة، وهذه النتائج قد تعطيك فكرة أولية عن ما يمكنك توقعه مع بعض الألعاب كثيفة الرسومات الجرافيكية، وسوف تلاحظ في النهاية أن هناك تفاوت ملحوظ في النتائج.
على سبيل المثال، أن هاتف مثل ROG Phone 3 يحتوي على شاشة بمعدل تحديث 144Hz، بينما هاتف آخر مثل Nord1100 يأتي بشاشة ذات معدل تحديث 90Hz، وهذه النتائج ستعطيك فكرة في غاية الأهمية، والتي توحي أن شاشة العرض مهما اختلفت معدلات تحديثها إلا أنها مُقيدة ومرتبطة بنوع وقوة شرائح المعالجة المتواجدة بداخلها. فهناك تفاوت كبير جداً في الأداء عند مقارنة النتائج بين هواتف الفئة العليا وهواتف الفئة المتوسطة التي تتمتع بمعدلات تحديث عالية.
هواتف مثل Google Pixel 5 و OnePlus Nord المدعومان برقاقة Snapdragon 765G كانوا غير قادرين على تحقيق 60 إطار في الثانية بمعايير اختبارات GFXBench، وكان الوضع مماثل مع هاتف Nord N10 صاحب معالج Snapdragon 690 وقد فشل Nord N100 الذي يحتوي بداخلة على رقاقة Snapdragon 460 في انتاج 40 إطار. ولكن من سخرية القدر، أن تمتعت هذه الهواتف بشاشة ذات معدل تحديث 90Hz، إلا أنه على أرض الواقع لم يتمكن أي منهم من تحقيق 90 إطار بداخل الألعاب الجرافيكية الثقيلة.
هاتف مثل POCO X3 كان قادراً على تخطي 60 إطار في الثانية، ولكنه يمتلك شاشة بمعدل تحديث 120Hz، ومن الناحية النظرية من المفترض على أي هاتف تحقيق عدد الإطارات الموازي لسرعة معدل التحديث كي يستفيد من ميزة معدل التحديث العالي.
هناك حقيقة أخرى حول الهواتف الذكية بوجه عام والهواتف الصينية بوجه خاص، وهي أنه يتم التلاعب في قدرات النظام والهواتف لكي تظهر بنتائج عالية في نتائج اختبارات مراجعات الطرف الثالث، وهو ما يضمن لها تحقيق نتائج أعلى وكسب رضاء نسبة أكبر من المستهلكين. ربما هذا ما يفسر تفوق POCO X3 على Google Pixel، بالرغم أنه يحتوي على معالج أقل قوة.
إذن أين المشكلة بالتحديد ؟
علينا الاعتراف بحقيقة واحدة والتي مفادها أن هناك فجوة كبيرة جداً بين هواتف الفئة العليا والهواتف المتوسطة أو الاقتصادية. هذا لا يعني أن Qualcomm لم تحرز أي تقدم خلال الأعوام الماضية في صالح رقائق معالجة هواتف الفئة المتوسطة، ولكن ما يتضح لنا على أرض الواقع أن أداء خصائص المعالجة الرسومية تحديداً متدني جداً في هواتف الفئة المتوسطة مقارنة بهواتف الفئة العليا، ولكن حتى هواتف الفئة العليا، تعاني في النتائج المستندة على أداء خصائص المعالجة الرسومية.
ربما كان هذا الدافع وراء إعلان كوالكوم عن شريحة Snapdragon 888 Lite في أواخر ديسمبر الماضي. ومن شأن هذه الشريحة أن تعالج نسبة التأخير الملحوظة والتباطؤ في هواتف الفئة العليا، ولكن بالنسبة لنا كمستهلكين، نتمنى أن يتم النظر بعناية تجاه سلسلة شرائح Snapdragon 700 التي يتم تطوير هواتف الفئة المتوسطة بها، وهي الشرائح الوحيدة التي تستحق فعلياً التطوير عن الحالة التي هي عليها الآن، ولكي يتم تقليل الفجوة الكبيرة في أداء الرسوميات بينها وبين فئة الهواتف الرائدة.
ماذا عن الاستخدام اليومي ؟
بشكل عام، معدلات التحديث العالية تعني أنك ستستفيد بتجربة استخدام سريعة والتنقل بين الصفحات بسرعة أكبر، ولكن عندما يتعلق الأمر بالألعاب، وهو المكان الصحيح لنعطي فيه رأينا عن شاشات 90Hz، سنجد أن بعض الهواتف المتوسطة مثل Nord N100 الذي احتوى على رقاقة Snapdragon 460 من كوالكوم "يكافح" فعلياً من أجل الوصول إلى 60 إطار حتى. ولهذا السبب تحديداً، تصرح معظم الشركات بعبارة: "ستختلف معدلات التحديث وفقاً للإعدادات والتطبيقات المستخدمة وقيود المعالجة".
هذا يعني أن الشركات ذاتها تدرك أن شرائح المعالجة هي ما تتسبب في عنق الزجاجة. ولكن إذا نظرنا للأمر بشكل أكثر إيجابية، مثل النظر إلى الألعاب ثنائية وثلاثية الأبعاد الخفيفة، فمن المؤكد أنك ستستمتع بتجربة لعب رائعة. لذا، الأمر متوقف فعلاً على نوع التطبيقات وشكل الاستخدامات. لكن في النهاية، سيشعر أي مستخدم بخيبة أمل كبيرة طالما حظه كان في امتلاك هاتف من الفئة المتوسطة ذات معدلات تحديث مرتفعة.
ما الذي نتوقعه في عام 2021
بوجهة نظر موضوعية، يبدو أن هناك تقدم ملحوظ على مستوى الأداء العام مع شاشات 120Hz و 144Hz بفضل رقاقتي Snapdragon 855/865. ومن المتوقع أن تستمر الهواتف الذكية في التقدم نحو دعم معدلات تحديث أعلى خلال 2021، خاصة بالنسبة لفئة الهواتف التي ستكون سعيدة الحظ برقاقة Snapdragon 888.
أيضاً لا يمكن إنكار الشاشات التي ستحصل على تقنية معدل التحديث المتغير، ومتوقع أننا سنراها كثيراً خلال العام الحالي. فهذه التقنية رائعة لأنها ستوفر معدل تحديث عالي مع القدرة على تخفيض معدل التحديث حتى 20Hz أو 10Hz أثناء الاستخدام العادي في التصفح أو عرض الصور ومع المحتويات الثابتة على الشاشة، وهذا من أجل تحسين عمر البطارية.
معدلات التحديث ما هي إلا ميزة واحدة
جدير بالذكر أن معدلات التحديث ما هي إلا ضمن عوامل تصنيف مواصفات شاشة الهاتف، وليست من العوامل التي تحدد الجودة أو نقاء التفاصيل أو حدة السطوع أو جميع المزايا الأخرى التي تشكل أهمية أكبر لأي مستخدم. فإذا وضعنا شاشة بتقنية OLED 60Hz وشاشة LCD 120Hz ستتفاجأ بأن النتيجة لصالح شاشة OLED 60Hz رغم أنها الأقل في معدلات التحديث.
السبب واضح جداً، شاشة OLED توفر عمق ألوان أفضل وتعمل في ظل درجات حرارة منخفضة وتستهلك أقل من موارد الطاقة – بغض النظر عن مشاكل الاحتراق والتطبيع – تكافح الشركات الآن من أجل تمكين هواتفها بتقنية OLED، وهذا يعني أن تقنية العرض نفسها أكثر أهمية من معدلات التحديث بالنسبة للمستهلك.
ضف على ذلك عامل الألوان، حيث اتجهت كل من Oppo و Apple نحو دعم ألوان 10bit، وتؤكد شركة Oppo أنها تخطط لدعم HEIF 10bit، وهذا يعني أننا نخوض معركة جديدة في إعادة إنتاج وعرض ألوان أفضل على الهواتف الذكية خلال العالم الحالي.
في الوقت نفسه يصرح معظم مستخدمي الهواتف الرائدة أنهم غير قادرين على تمييز الفرق بين معدل تحديث 60Hz و 120Hz أثناء استخدامهم للهاتف، مما يعني أن هؤلاء سينظرون فيما بعد تجاه نوع العرض ودقة الألوان وتقنية HDR أكثر من معدلات التحديث. هذا لا يقلل من شأن معدلات التحديث المرتفعة، ولكنها مجرد قطعة صغيرة جداً لحل اللغز بالكامل. لذلك قبل أن تخطط لشراء هاتف يمتاز بمعدل تحديث عالي تأكد أولاً أنه قادر على الاستفادة من هذه المعدلات المرتفعة.