من الأفضل البدء مبكرا بطلب مساعدة ابنتك وشكرها على مساهمتها بالأعمال المنزلية مما يعزز المسؤولية (فري بيك)
تتصاعد شكاوى الأمهات من عدم مساعدة بناتهن بأعمال المنزل، ولا يتعاونّ حتى بترتيب غرفهن ومستلزماتهن الخاصة، معتمدات على والداتهن مما يثير غضبهن وتتوتر العلاقات بينهن.
وتؤكد الكثير من الأمهات، اللاتي تربين على مساعدة والداتهن في جميع الأعمال المنزلية بالماضي، أن بناتهن لا يبدين اهتماما كبيرا بتنظيم المنزل والقيام بهذه الأعمال التي تجهد الأمهات العاملات خاصة، وأصبحن يفضلن قضاء أوقاتهن بالدراسة وتصفح شاشات هواتفهن الذكية أو مشاهدة التلفزيون.
مساهمة
تتحدث المراهقة ميسون حسين بحماس أن أمها لم ترغمها يوما على القيام بالأعمال المنزلية، ولكنها تفرض عليها ترتيب غرفتها الخاصة وأغراضها الشخصية وهي معجبة جدا بوالدتها التي تعمل طبيبة أسنان وتهتم بالأمور المنزلية أيضا، وترغب كثيرا بتعلم فن الطبخ وبالأخص عمل الحلويات، لأجل المستقبل.
كما أن علاقتها بوالدتها جيدة جدا، وبإرادتها تساعد بأعمال المنزل وحتى أن أشقاءها الذكور يساهمون بترتيب المنزل، فمساهمة كافة أفراد الأسرة بإنجاز المهام المنزلية تضفي التوافق والهدوء على حياتهم وتؤدي لعلاقات أسرية لا يشوبها التوتر والمشاحنات.
وتؤكد ميسون للجزيرة نت أنه من الضروري تعلم كل المهام المنزلية، إضافة للتحصيل العلمي، وغيرها من الأمور التي تمارسها كالخروج مع صديقاتها في رحلات وزيارات والجلوس أمام الحاسوب وهاتفها الخاص.
وتعتبر إدارة أعمال المنزل من المهام الشاقة التي تتكفل بها الأمهات في الأسرة عامة. ومن الطبيعي أن تستعين الوالدات ببناتهن وأبنائهن أحيانا لأداء هذا الدور، وهذا ليس بالأمر المعيب أو كما يعتبره البعض بأنه نوع من أنواع الخضوع.
وتجد كثير من الفتيات أن تعلم هذه المهارات أمر ممل، متذرعات بضيق الوقت إلى جانب عدم اهتمام الأمهات بتدريب بناتهن على مهارات سيجدن أنفسهن بحاجة لها عندما يكبرن ويتزوجن.
مهارات
وتقول لينا اسماعيل (أم، مدرسة لغة عربية) إن الزمن تغير وتغير معه كل شيء، مستذكرة مساعدتها لوالدتها بأعمال المنزل وبخاصة الطبخ وعمل الحلويات في المناسبات، إلى جانب أعمال الخياطة البسيطة من تقصير بناطيل وخياطة أزرار وغيره. فكانت والدتها حريصة على تعليمها المهارات المنزلية البسيطة إلى جانب متابعتها تحصيلي الدراسي.اعلان
وتتابع أن ابنتها التي تبلغ 17عاما لا تبدي أي تعاون في المنزل، مبينة أنها تمضي وقتها بالدراسة والجلوس أمام شاشة الحاسوب. وفي العطل الصيفية تأخذ دورات تقوية في الحاسب الآلي واللغات، وتحتج بأن أمها لا توبخ شقيقها على عدم المساعدة لأنه صبي، وبأنها تميز بينهما، ويحدث هذا الصدام الذي لا ينتهي.
وتعترف لينا بأنه أصبح الهم الأول والأخير للفتاة هو تحصيل الشهادات العليا، مما حول اهتماماتها إلى غير ما جبلت عليه، فتغير نمط حياتها ودورها وحتى سلوكها وطبيعة علاقاتها في المجتمع، ودخلت سوق العمل ونافست الرجل في مختلف الميادين.
كما أهملت فتيات هذا العصر تعلم أبجديات الأعمال المنزلية من طبخ وتنظيف، ويعود هذا الإهمال غير المبرر لانشغالهن أكثر بالدراسة لرسم طريقهن نحو اختراق مجالات كانت في وقت من الأوقات حكرا على الرجال، فأصبحت الأعمال المنزلية أشياء ثانوية تقوم بها "الخادمات فقط" هذا العصر، فأصبحت المرأة تخرج للعمل وتنسى دورها الأساسي للقيام بإدارة البيت وتربية الأبناء، على حد تعبير لينا.
خبيرة العلاقات الأسرية جين غزالي: غالبية الفتيات موقفهن سلبي من مشاركة أعمال المنزل
خلافات
وتشير خبيرة العلاقات الأسرية والزوجية جين غزالي إلى أن غالبية الفتيات أصبحن يتخذن موقفا سلبيا من المشاركة بالأعمال المنزلية، خاصة إذا تعلق الأمر بالأشقاء الذكور، ويعتبرن هذا أحد أنواع الخضوع الذي لا يتقبلنه، وتخلف هذه السلبية أجواء يملؤها التوتر والشجار بين الأم وابنتها.
وتؤكد أن الأعمال المنزلية قد تحدث الكثير من الخلافات بين الأمهات وبناتهن خاصة، حيث تقوم بعض الأسر بإلقاء الأعباء المنزلية على الفتاة دون الولد مما يشعر البنات بالتفرقة والتمييز في المعاملة بينهن وبين الذكور.
وتبين الخبيرة أن مرور الفتيات بتغيرات هرمونية في سن المراهقة يجعلهن يرفضن القيام بالأعمال المنزلية مع العصبية الزائدة، فيقابل الأهل ذلك بأنه خروج عن طاعتهم مما قد يجعلهم يلجؤون للضرب والإهانة.
وتنصح الأمهات بمراعاة الظروف التي تمر بها بناتهن، لأنهن ربما يكن متعبات أو لا يرغبن القيام بتلك الأمور، إما لانشغالهن بأمور أخرى أو شعورهن بعدم الرغبة بهذه الأعمال نظرا لما تسببه من إجهاد.
تواصل
ونبهت الخبيرة الأسرية إلى أن الاهتمام بالتحصيل العلمي للفتيات اليوم أصبح يطغى على تعلم أي حرفة أو مهارة إضافية كالخياطة أو الحرف اليدوية أو عزف الموسيقى، أو حتى أبسط شؤون المنزل من تنظيف وطبخ وغيرها من أبجديات العمل المنزلي.
وأضافت أنه من الطبيعي أن يكون رد فعل الفتاة تجاه هذه الأعمال الرفض في الكثير من الأحيان، إذا طلب منها أن تغادر غرفتها أو أنشطتها الخاصة التي اعتادت على مزاولتها لتقوم بعمل ترى أنه لا قيمة له بالنسبة إليها.
بحسب الخبيرة يرتكز الأمر على أساليب التواصل بين الأمهات والبنات، فحين تكون العلاقة مبنية على الأوامر والنواهي والاستعلاء والزجر، ينشأ لدينا جيل ثائر من الفتيات والفتيان يكره تنفيذ الأوامر ويتربى على العصيان.
أما حين تكون التربية مبنية على أساس الحوار والإقناع والإشراك في الآراء منذ سن الخامسة، فإن الأبناء يتربون على أداء الواجبات واحترام الرأي والمساهمة بقدر الإمكان في تسيير شؤون البيت.
يجب تربية الأبناء على أداء الواجبات واحترام الرأي والمساهمة بقدر الإمكان في تسيير شؤون البيت (بيكسلز)
مشاركة
وأشارت خبيرة العلاقات الأسرية إلى أن كثير من الأمهات لا يطالبن بناتهن بالمساهمة في الأعمال المنزلية حتى عمر المراهقة، لكن هذا يجعل المهمة أكثر صعوبة، وخلال هذه المرحلة العمرية ترفض الفتاة الخضوع لأي سلطة، وبالتالي ستقاوم الأوامر الجديدة، لذلك من الأفضل البدء مبكرا حتى تتمكن من السيطرة على الأمر، مبينة أنه من المفيد أن تعترف الأم والأسرة بمجهود الفتاة وتقدرها، وتشكرها من وقت إلى آخر على مساهمتها بالأعمال المنزلية، مما يعزز فكرة المسؤولية المتبادلة.
ولفتت إلى أن التشارك في القيام بالأعمال المنزلية يعود بالكثير من الفوائد الهامة ليس فقط على الأم بالتخلص من بعض الأعباء المنزلية، ولكن على الابنة أيضا حيث إن ذلك يساعدها على اكتساب بعض المهارات التي ستحتاجها مستقبلا، مثل تنظيف المنزل وترتيبه وإعداد الطعام، وكذلك يمنحها مهارات اجتماعية مثل التواصل والتعاون والعمل كفريق واحد لإنجاز بعض الأمور.