حفل التاريخ الإسلامي بعدد كبير من الشعراء الذين نظموا أجمل القصائد في مختلف الأغراض الشعرية، بل وتمكّنوا من حفر أسمائهم في قائمة من أبرز الشعراء في التاريخ الإسلامي، وفي هذا المقال الموجز سوف نلقي نظرة على عدد منهم:
حسان بن ثابت
حسان بن ثابت بن المنذر الخزرجي الأنصاري، أبو الوليد: الصحابي (ت: 54هـ= 674م)، شاعر النبي صلى الله عليه وسلم وأحد المخضرمين الذين أدركوا الجاهلية والإسلام، عاش ستين سنة في الجاهلية، ومثلها في الإسلام، وكان من سكان المدينة، واشتهرت مدائحه في الغسانيين، وملوك الحيرة، قبل الإسلام، وعمي قبيل وفاته[1].
كعب بن زهير
كعب بن زهير بن أبي سلمى المازني، أبو المضرب: (ت: 26هـ= 645م) شاعر عالي الطبقة، من أهل نجد، كان ممن اشتهر في الجاهلية، ولما ظهر الإسلام هجا النبي صلى الله عليه وسلم وصار يتغزَّل بنساء المسلمين، فهدر النبي دمه، فجاءه " كعب " مستأمنًا، وقد أسلم، وأنشده لاميته المشهورة التي مطلعها: " بانت سعاد فقلبي اليوم متبول " فعفا عنه النبي صلى الله عليه وسلم وخلع عليه بردته[2].
الخنساء
تماضر بنت عمرو بن الحارث بن الشريد، الرياحية السلمية، من بني سليم، من قيس عيلان، من مضر: (ت: 24هـ= 645م) أشهر شواعر العرب، وأشرهن على الإطلاق، من أهل نجد، عاشت أكثر عمرها في العهد الجاهلي، وأدركت الإسلام فأسلمت، ووفدت على رسول الله صلى الله عليه وسلم مع قومها بني سليم، فكان رسول الله يستنشدها ويعجبه شعرها، فكانت تنشد وهو يقول: هيه يا خنساء! أكثر شعرها وأجوده رثاؤها لأخويها (صخر ومعاوية) وكانا قد قتلا في الجاهلية، وكان لها أربعة بنين شهدوا حرب القادسية سنة 16هـ فجعلت تحرضهم على الثبات حتى قتلوا جميعا فقالت: الحمد لله الذي شرفني بقتلهم، لها ديوان شعر فيه ما بقي محفوظا من شعرها[3].
الفرزدق
همام بن غالب بن صعصعة التميمي الدارمي، أبو فراس، الشهير بالفرزدق: (ت:110هـ= 728م) شاعر من النبلاء من أهل البصرة، عظيم الأثر في اللغة، كان يقال: لولا شعر الفرزدق لذهب ثلث لغة العرب، ولولا شعره لذهب نصف أخبار الناس، وهو صاحب الأخبار مع جرير والأخطل، كان شريفًا في قومه، عزيز الجانب، وكان أبوه من الأجواد الأشراف وكذلك جده، وقد وفد أبوه على علي بن أبي طالب ومعه ابنه الفرزدق فقال له علي من أنت؟ قال: أنا غالب بن صعصعة، فقال: من هذا الفتى الذي معك؟ قال:ابني الفرزدق، وهو شاعر، فقال: علّمه القرآن، فإنه خير له من الشعر، فكان ذلك في نفس الفرزدق حتى قيد نفسه وآلى أن لا يحلّ نفسه حتى يحفظ القرآن، ولقب بالفرزدق، لجهامة وجهه وغلظه، وتوفي في بادية البصرة، وقد قارب المئة[4].
جرير
جرير بن عطية بن حذيفة الخطفي بن بدر الكلبي اليربوعي، من تميم: (28-110ه= 640- 728 م) أشعر أهل عصره، ولد ومات في اليمامة، وعاش عمره كله يناضل شعراء زمنه ويساجلهم، وكان هجاءًا مرًا، فلم يثبت أمامه غير الفرزدق والأخطل، وكان عفيفًا، وهو من أغزل الناس شعرًا، وأخباره مع الشعراء وغيرهم كثيرة جدًا، وكان يكنى بأبي حزرة[5].
أبو تمام
حبيب بن أوس بن الحارث الطائي، أبو تمام: (188- 231هـ= 804- 846م) الشاعر، الأديب، أحد أمراء البيان، ولد في جاسم (من قرى حوران بسورية) ورحل إلى مصر، واستقدمه المعتصم إلى بغداد، فأجازه وقدمه على شعراء وقته فأقام في العراق، ثم ولي بريد الموصل، فلم يتم سنتين حتى توفي بها، كان فصيحًا، حلو الكلام، يحفظ أربعة عشر ألف أرجوزة من أراجيز العرب غير القصائد والمقاطيع، في شعره قوة وجزالة، واختلف في التفضيل بينه وبين المتنبي والبحتري، له تصانيف منها: فحول الشعراء، وديوان الحماسة[6].
البحتري
الوليد بن عبيد بن يحيى الطائي، أبو عبادة البحتري: (206- 284هـ= 821- 898م) شاعر كبير، يقال لشعره " سلاسل الذهب "، وهو أحد الثلاثة الذين كانوا أشعر أبناء عصرهم: المتنبي، وأبو تمام، والبحتري، قيل لأبي العلاء المعري: أي الثلاثة أشعر؟ فقال: المتنبي وأبو تمام حكيمان، وإنما الشاعر البحتري، ولد بمنبج (بين حلب والفرات) ورحل إلى العراق، فاتصل بجماعة من الخلفاء أولهم المتوكل العباسي، ثم عاد إلى الشام، وتوفي بمنبج، له ديوان شعر، وكتاب الحماسة[7].
أبو الطيب المتنبي
أحمد بن الحسين بن الحسن بن عبد الصمد الجعفي الكوفي الكندي، أبو الطيب المتنبي (303- 354هـ= 915- 965م) الشاعر الحكيم، وأحد مفاخر الأدب العربي، له الأمثال السائرة والحكم البالغة والمعاني المبتكرة، وفي علماء الأدب من يعده أشعر الإسلاميين، ولد بالكوفة في محلة تسمى كندة، وإليها نسبته، ونشأ بالشام، ثم تنقل في البادية يطلب الأدب وعلم العربية وأيام الناس، وقال الشعر صبيًا، وتنبأ في بادية السماوة (بين الكوفة والشام) فتبعه كثيرون، وقبل أن يستفحل أمره خرج إليه لؤلؤ (أمير حمص ونائب الإخشيد) فأسره وسجنه حتى تاب ورجع عن دعواه.
وفد على سيد الدولة ابن حمدان (صاحب حلب) سنة 337هـ فمدحه وحظي عنده، ومضى إلى مصر فمدح كافور الإخشيدي وطلب منه أن يوليه، فلم يوله كافور، فغضب أبو الطيب وانصرف يهجوه، وقصد العراق، فقرئ عليه ديوانه، وزار بلاد فارس فمر بمدينة أرجان ومدح فيها ابن العميد وكانت له معه مساجلات، ورحل إلى شيراز فمدح عضد الدولة ابن بويه الديلمي، وعاد يريد بغداد فالكوفة، فتعرض له قومًا كان قد هجاهم فقتلوه هو وابنه وغلامه[8].
أبو العلاء المعري
أحمد بن عبد الله بن سليمان، التنوخي المعري: (363- 449هـ= 973- 1057م) شاعر فيلسوف، ولد ومات في معرة النعمان[9]، أصيب بالجدري صغيرًا فعمي في السنة الرابعة من عمره، وقال الشعر وهو ابن إحدى عشرة سنة، ورحل إلى بغداد سنة 398هـ فأقام بها سنة وسبعة أشهر، ولما مات وقف على قبره 84 شاعرًا يرثونه، كان إذا أراد التأليف أملى على كاتبه، وكان يحرم إيلام الحيوان، ولم يأكل اللحم خمسًا وأربعين سنة، وكان يلبس خشن الثياب، أما شعره وهو ديوان حكمته وفلسفته، فثلاثة أقسام: لزوم ما لا يلزم ويعرف باللزوميات، وسقط الزند، وضوء السقط، وقد ترجم كثير من شعره إلى غير العربية، وأما كتبه فكثيرة ولكثير من الباحثين تصانيف في آراء المعري وفلسفته[10].
قصة الإسلام
[1] الزركلي: الأعلام، دار العلم للملايين، الطبعة الخامسة عشر، 2002م، 2/ 175.
[2] الزركلي: الأعلام، 5/ 226.
[3] الزركلي: الأعلام، 2/ 86.
[4] المرزباني: معجم الشعراء، مكتبة القدسي، دار الكتب العلمية، بيروت، لبنان، الطبعة الثانية، 1402هـ= 1982م، ص486، وابن حجر العسقلاني: الإصابة في تمييز الصحابة، تحقيق: عادل أحمد عبد الموجود وعلى محمد معوض، دار الكتب العلمية، بيروت، الطبعة الأولى1415هـ، 5/ 301، قال الزركلي: الأعلام، 8/ 93.
[5] الزركلي: الأعلام، 2/ 119.
[6] الزركلي: الأعلام، 2/ 165.
[7] الزركلي: الأعلام، 8/ 121.
[8] الزركلي: الأعلام،1/ 115.
[9] معرة النعمان مدينة سورية تقع جنوبي محافظة إدلب.
[10] الزركلي: الأعلام،1/ 157.