آمال الكهرباء أم أزماتها؟.. غوايات إنقاذ العالم وخيالات السيطرة
هكذا غيرت الكهرباء والإضاءة من طبيعة الثقافة والحياة


غيّرت الكهرباء شكل المدن وطبيعة الحياة وتنظيم المجتمعات الإنسانية (غيتي)


في كتابهما الصادر حديثا "العبودية الكهربائية: من حلم الحرية إلى السجن الرقمي" تناول عالما الاجتماع والأنثروبولوجيا، جيرار دوباي وآلان غرا، الانبهار بهذه الظاهرة التي طالما اعتُبرت سحرية.
لكن المفارقة كانت أن الوعد بالحرية الكهربائية حبسنا أيضا في العالم الرقمي، إذ ارتبطت "الظاهرة الكهربائية" منذ ساعاتها الأولى بالغموض والقوة، وهذا الجانب "السحري" هو ما حرص المؤلفان على إبرازه لإظهار كيف نظمت الاستجابة العاطفية للكهرباء مجتمعاتنا، وساهمت في تنظيم العمل وشبكات التقنية.اقرأ أيضا
فقدان الإحساس بالمكان والاعتماد على الآلات.. هل استشرفت رواية "الآلة تتوقف" واقعنا المعاصر قبل قرن؟
القلق ونوبات الفزع والاكتئاب في "ملاحظات حول كوكب متوتر"
يقول المؤلفان إن الكهرباء -التي بدت أنها تدعم الحرية وتسهل المواصلات وحرية الانتقال- صارت تستعمل أداة للاستعباد والمراقبة، وقد سبق لدوباي نشر كتاب قبل عامين بعنوان "أزمنة سيئة: الأنثروبوسين ورقمنة العالم" أما غرا فعرف بكتابه "هشاشة القوة: كيف نتحرّر من سطوة التكنولوجيا؟".
السيطرة والإغواء
وفي المقال الذي نشرته مجلة "نوفال أوبسرفاتور" (L’Obs) الفرنسية، كتب سيباستيان بيلارد أن الكهرباء ضرورية لشحن الهواتف الذكية وإضاءة المكاتب الداخلية وتأمين التدفئة وتشغيل بعض السيارات.
وبذلك، أصبحت الكهرباء بعد ظهورها بأكثر من قرن بقليل تشكل جزءا أساسيا من الحياة اليومية. ومنذ ذلك الحين، تستمر الكهرباء في بسط هيمنتها بشكل متزايد، وهو ما يدل عليه النمو الهائل للتكنولوجيا الرقمية.
لكن كيف استطاعت الكهرباء السيطرة على العالم وجعله يعتمد عليها؟ وبماذا تفسر قوتها المذهلة في الإغواء؟
ذكر الكاتبان أن قصة النجاح بدأت في القرن التاسع عشر عند إضاءة المدينة وسط ذهول الجمهور خلال معرض باريس العالمي عام 1889، وهو ما أصبح بمثابة تجسيد جديد للتقدم.
بالإضافة إلى ذلك، مارست الكهرباء منذ بدايتها فن "التمويه" وتمكنت من إخفاء مادية أصلها بطريقة غريبة، يقول الكاتب.اعلان


ورغم أن إنتاجها يقوم على استخدام الوقود، فإنه يتم حجب هذا الجانب المادي، وإخفاء أضراره ونفاياته. تبدو الكهرباء نظيفة وبريئة، مما يجعل المرء يتجاهل الجانب السلبي لأي استخدام للطاقة.
Nouveau dans votre librairie : « La servitude électrique » de Gerard Dubey et Alain Gras