تُعد قرية بيرغي، والتي تُعرف بـ"القرية المرسومة"، من أجمل الأماكن في العالم وبلا شك. وتقع القرية في خيوس، وهي خامس أكبر الجزر في اليونان، وهي تتضمن العديد من المنازل المزينة بنقوش هندسية.
وعلى مر العصور، أثبتت قرية "بيرغي" أنها واحدة من أغنى القرى في منطقة البحر المتوسط.
تتميز قرية بيرغي في جزيرة خيوس اليونانية بمنازلها المزينة بنقوش هندسية. وتُعرف القرية باسم "painted village"، أي القرية المرسومة.
ولقرون، تم تعزيز الاقتصاد المحلي من قبل زراعة أشجار من نوع "lentisc"، والمُنتجة لصمغ "mastiha" العطريّ.
وينكشف تاريخ صمغ "mastiha" في متحف خارج القرية، وهو يوفر إطلالات خلابة للتلال المُحيطة به، والتلال المغطاة بتلك الأشجار الغامضة.
وفي الماضي عندما لم تتوفر طرق للحفاظ على نظافة الأسنان، كان الأثرياء يمضغون الـ"mastiha" لجعل أفواههم منتعشة، ونتيجةً لذلك، كان الصمغ قيماً جداً.
ويشرح مزارع من قرية بيرغي، نيكوس زيرفوديس، عملية الزراعة الصعبة بين مجموعة من تلك الأشجار خارج المتحف.
يتم الحصول على الصمغ الطبيعي عبر زراعة الأشجار المُنتجة لمادة "
وشرح زيرفوديس لـCNN: "خلال فصل الشتاء، تحتاج الشجرة إلى التسميد والتشذيب بشكل دائري بحيث يمكن جمع الصمغ بشكل صحيح"، مضيفاً أن الأشجار تحتاج إلى تنظيف خاص خلال فصل الربيع.
ويعد إزالة الأعشاب الضارة أسفل الشجرة، وإزالة الحجارة والحصى حولها، يقوم المزارعون بنثر الحجر الجيري وإنشاء سطح مستوي ليسقط عليه الصمغ، ويتحجر دون أن يتحلل.
ينكشف تاريخ صمغ "mastiha" في متحف يتواجد خارج قرية بيرغي في جزيرة خيوس اليونانية.
وبعد ذلك، يصنع المزارعون شقوقاً ضحلة بدءاً من أسفل الشجرة إلى الأعلى، ويُنتج الجزء السفلي قطرات أكثر سمكاً، بينما ينتج الجزء العلوي قطرات أقل سمكاً، وبعد 3 أو 4 أسابيع من صنع الشقوق، يتم جمع القطرات والتقاط ما تبقى منها من جذوع الأشجار.
وأما الأمر المحير، فهو يتمحور حول نمو المجموعة المتنوعة من أشجار "lentisc" المُنتجة هذا النوع المحدد من الصمغ، وهو يُدعى "Pistacia Lentiscus var Chia"، حول 24 قرية جنوب جزيرة خيوس فقط، بما في ذلك قرية بيرغي.
وكانت هناك محاولات لاحتراث هذه الأشجار في إيطاليا، وعبر البحر أيضاً في تركيا، إضافةً إلى شمال جزيرة خيوس، ولكن كانت جميع تلك المحاولات بلا جدوى.
ووفقاً لأسطورة محلية، يعود سبب ذلك إلى القديس إيسيدور، وهو بحار مسيحي توفي في جزيرة خيوس في القرن الثالث، ليتم جره من قبل الخيول فوق تضاريس الجزيرة الوعرة.
وعندما رأت الأشجار معاناته، قيل إنها ذرفت دموع من صمغ الـ"mastiha".
ومع ذلك، يقول علماء الزراعة إن السبب هو مزيج التربة البركانية لجنوب خيوس، وهو عبارة عن مناخ جزئي جاف طبّق تحسين النسل على مر أجيال، ما أدّى إلى انتشار أفضل الأشجار فقط.
وواجهت تجارة صمغ الـ"mastiha" ضربة قوية في عام 1900 عندما أنتج توماس أدامز علكة باسم " Chiclets" في الولايات المتحدة،والتي تتكون من صمغ شجرة "sapodilla" المكسيكية، وقام بتسويقها حول العالم.
والآن، تجدد الاهتمام تجاه صمغ الـ"mastiha" بفضل فوائدها الصحية التي تمت ملاحظتها.
وقال مدير الأبحاث في جمعية "Mastiha Owners" في متجر الصمغ الرسمي في مدينة خيوس، إلياس سميرنيوديس، إن الاتحاد الأوروبي اعترف بصمغ الـ"mastiha" كدواء عشبي لمشاكل الجهاز الهضمي، إضافةً إلى اعتباره نصبا ثقافيا غير ملموس للبشرية لليونسكو.
وقال سميرنيوديس: "نحن نصدر 90% من إنتاجنا السنوي إلى 45 دولة.. وتذهب معظم الصادرات إلى الشرق الأوسط".
تُستخدم مادة "mastiha" في طبق حلو يُدعى "submarine". وهو يحظى بشعبية كبيرة بين الأطفال الصغار.
وأشار سميرنيوديس إلى أن المسلمين يستخدمونه في رمضان كتوابل للطعام، ومعطر للمنزل.
وفي اليونان، يتم استخدامه كعلكة، وفي طبق حلو يُدعى "submarine"، وهو عبارة عن عجينة سكرية ناعمة تقدم حول ملعقة موضوعة في الماء البارد.