اللقاحات تساعد الجسم على تكوين مناعة ضد الجراثيم لحماية الناس من الأمراض المعدية
كيف لنا أن نضمن أن لقاحات فيروس كورونا المستجد "كوفيد-19" آمنة؟ وما الفرق بين اللقاحات بشكل عام؟ وما مدى فعالية فايزر-بيونتك (Pfizer-BioNTech) وأسترازينيكا-أكسفورد (AstraZeneca-Oxford) لدى كبار السن؟ وماذا نعرف عن "جونسون آند جونسون" (The Johnson & Johnson)؟ هذه الأسئلة وغيرها نجيب عنها بهذا التقرير المفصل، والذي عدنا فيه لآخر التحديثات من منظمة الصحة العالمية، ومصادر أخرى.
هل لقاحات فيروس كورونا المستجد آمنة؟
وفقا للمكتب الإقليمي لشرق المتوسط في منظمة الصحة العالمية، مجيبا عن سؤال "لقد أعدت اللقاحات بسرعة غير عادية. فكيف لنا أن نضمن أن اللقاحات، في ضوء إعدادها في هذا الإطار الزمني القصير، ليست فعالة فحسب، بل آمنة أيضا؟" فإن الأمر كان استثنائيا حقا.
وأضاف المكتب الإقليمي في منشور على موقعه الإلكتروني "إننا نستفيد من الخبرات التي اكتسبناها مع أمراض أخرى، مثل إيبولا. وقد سمح ذلك بإعداد هذه اللقاحات وتقييمها تقييما كاملا في التجارب السريرية على نحو أسرع بكثير من ذي قبل".
وقال إنه كانت تتم التجارب وسط جائحة، وكان كثير من الناس مصابين، مما أتاح فرصا كثيرة لمعرفة هل اللقاح فعال أم لا، وأتاح فرصة لإجراء هذا التقييم بشكل أسرع. ويكمن أحد الأسباب المهمة الأخرى في الاستثمارات التي قدمتها الحكومات والقطاع الخاص لإعداد هذه اللقاحات وإنتاجها.
ما الفروق بين هذه اللقاحات بوجه عام؟
يقول المكتب الإقليمي لشرق المتوسط إن لقاحات كوفيد-19 تختلف في طريقة صنعها. وجميعها تحمي من كوفيد-19، لكنها تعمل بشكل مختلف. فبعضها يستخدم فيروسا كاملا ميتا، وبعضها لا يستخدم سوى أجزاء من الفيروس، وبعضها يستخدم فيروسات أخرى غير ضارة لتكون بمثابة ناقل، مثل حيلة حصان طروادة، وبعضها يستخدم أجزاء من مواد جينية تعطي تعليمات تجعل أجزاء الفيروس تحفز الجهاز المناعي.
وتختلف اللقاحات أيضا في طريقة تخزينها. فبعضها يجب تخزينه في درجات حرارة بالغة الانخفاض. ويتعذر توفير درجات البرودة المطلوبة في كل مكان، فتنشأ عن ذلك عواقب تحدد أين يمكننا استخدام اللقاحات وأين لا يمكننا استخدامها. وتعطى جرعتان من بعض اللقاحات وجرعة واحد من البعض الآخر.
كيف تعمل اللقاحات؟
اللقاحات تساعد الجسم على تكوين مناعة ضد الجراثيم لحماية الناس من الأمراض المعدية. وتعمل عن طريق حقن ما يشبه الجرثومة مما يحفز الجهاز المناعي على الاستجابة بإنتاج أجسام مضادة. وهذا هو ما يحمي الشخص من العدوى في المستقبل إذا أصيب بالجرثومة الحقيقية. هذه هي الطريقة التي تعمل بها لقاحات معظم الأمراض، وهي الطريقة التي تعمل بها لقاحات كوفيد-19.
هل أحتاج لأخذ اللقاح إذا كان قد سبق لي الإصابة بكوفيد-19؟
وفقا للمكتب الإقليمي لشرق المتوسط فإنه "ينبغي أولا أن نسأل: هل أنت متأكد من أنك قد أصبْت بكوفيد-19؟ من الصعب أن تجزم بذلك ما لم تكن قد تأكدت من المرض عن طريق الاختبار. أما الذين سبق أن أصيبوا بكوفيد-19 على وجه التأكيد، فلا توجد أي أسباب لاستبعادهم من التلقيح. وتوصي منظمة الصحة بأنه يمكن للأشخاص المصابين بالفعل بكوفيد-19 الحصول على اللقاح دون أي آثار جانبية أو مشكلة. ولكن نظرا لنقص إمدادات اللقاحات، فمن المنطقي أن تمنح الأولوية للذين لم يصابوا من قبل بكوفيد-19. فالإصابة بكوفيد-19 تعطي مناعة لبضعة أشهر".
هل تحمينا اللقاحات المعتمدة من تحورات جديدة لفيروس كوفيد-19؟
وفقا للمكتب الإقليمي لشرق المتوسط على موقعه الإلكتروني فإن التحورات الجديدة تمثل تحديا، وقد كان تحور الفيروس متوقعا نظرا لسرعة انتشاره في العالم. ولكن "نستطيع أن نعمل على إيجاد حلول لها. كما أن الأنباء الأولى التي تلقيناها بشأن فعالية اللقاح ضد معظم التحورات مطمئنة في الغالب، ولكن قد يتطور الوضع، وأعيننا مفتوحة دائما لرصد المستجدات".
وأضاف "سنقوم بـ 3 أمور لمواجهة التحورات. أولا: سنجري دراسات لنفهم المزيد عن مدى فعالية اللقاحات ضد التحورات. وستخبرنا تلك الدراسات هل يلزم اتخاذ مزيد من الإجراءات أم لا. ثانيا: يمكننا العمل على إعطاء الناس مزيدا من جرعات اللقاح، مثل الجرعات المنشطة. ثالثا: يمكننا أيضا العمل على تعديل بعض مستحضرات هذه اللقاحات، كما نفعل مع الإنفلونزا كل عام. وهذا أمر ممكن".
هل فايزر وأسترازينيكا فعالان لدى كبار السن؟
أظهرت بيانات رسمية أمس الاثنين أن لقاحي "فايزر وأسترازينيكا" أثبتا "فعالية عالية" في خفض العدوى بفيروس كورونا وعوارض المرض الشديد لدى كبار السن في بريطانيا، مع تراجع عدد الحالات التي تتطلب النقل إلى المستشفى بأكثر من 80%، وذلك وفقا لتقرير لوكالة الصحافة الفرنسية.
ولدى شريحة الأشخاص فوق 80 عاما، أظهرت جرعة واحدة من أي من اللقاحين فعالية في تجنب العلاج في المستشفى، بعد حوالي 3-4 أسابيع على تلقي الحقنة، بحسب دراسة واقعية لهيئة الصحة العامة لإنجلترا، دأبت على جمع معطيات منذ يناير/كانون الثاني.
ورحب وزير الصحة البريطاني مات هانكوك بالدراسة الجديدة واعتبرها تحمل "أخبارا جيدة للغاية". وقال "تظهر المعطيات التفصيلية أن الحماية من كوفيد-19 بعد 35 يوما على إعطاء جرعة أولى، هي أفضل بقليل للقاح أكسفورد مقارنة بلقاح فايزر".
وأضاف "اللقاحان فعالان بدرجة عالية في خفض عدوى كوفيد-19 لدى الأشخاص بسن 70 عاما وما فوق".
ويقدم لقاح فايزر الحماية من التقاط العدوى بنسبة تتراوح بين 57% و61% بعد إعطاء الجرعة الأولى، ويوفر أسترازينيكا حماية تتراوح بين 60% و73%، بحسب الدراسة.
وقالت ماري رامزي رئيسة برنامج التطعيم في هيئة الصحة العامة بإنجلترا إن هذا "يضاف إلى الأدلة المتزايدة التي تظهر أن اللقاحات تنجح في خفض العدوى وإنقاذ الأرواح".
وتابعت "من المهم أن نتذكر أن الحماية ليست تامة ولا نعلم بعد قدرة هذه اللقاحات في خفض مخاطر نقل المصاب بكوفيد-19 العدوى إلى آخرين".
وأعلنت بريطانيا أمس 104 وفيات بالفيروس و5455 حالة إصابة جديدة، أي حوالي نصف العدد المسجل الاثنين الماضي.
وتراجع عدد حالات الدخول إلى وحدات العناية المركزة للأشخاص فوق 80 عاما، إلى ما دون العشرة في الأسبوعين الماضيين، بحسب هانكوك.
وتؤكد الأرقام الأخيرة أهمية تلقي الجميع اللقاح، بحسب جوناثان فان-تام نائب المسؤول الطبي لإنجلترا والذي أضاف "إنها تظهر لنا، وتعطينا مؤشرات أولى، بأنه إذا ما صبرنا وأمهلنا برنامج اللقاح الوقت الكافي ليعطي مفعوله بالكامل، سينقلنا كما نأمل إلى عالم مختلف تماما في الأشهر القليلة القادمة".
ماذا تعرف عن جونسون آند جونسون؟
من المتوقع أن يصبح لقاح شركة "جونسون آند جونسون" الأميركية، ضد كوفيد-19، رابع لقاح مصرح به في أوروبا، بعد أن يصادق عليه الاتحاد الأوروبي رسميا خلال مارس/آذار الجاري.
وصرحت وزيرة الصناعة الفرنسية أنييس بانييه روناشير في حوار على قناة "فرانس 3" أن الاتحاد الأوروبي سيعطي الضوء الأخضر للقاح "جونسون آند جونسون" أوائل مارس/آذار، موضحة أن وكالة الأدوية الأوروبية تقوم حاليا بتقييم المعلومات التي قدمتها الشركة الأميركية قبل تسويق اللقاح، وذلك وفقا لتقرير نشرته صحيفة "لوفيغارو" الفرنسية.
وأضافت الوزيرة الفرنسية أنه "من المقرر أن تصل الجرعات الأولى نهاية مارس/آذار أو بداية أبريل/ نيسان، حسب المواعيد النهائية للإنتاج" وهذا الأمر "لا يزال قيد النقاش مع المختبر".
ومنحت الولايات المتحدة تفويضا طارئا لاستخدام لقاح "جونسون آند جونسون" على الأشخاص الذين تزيد أعمارهم عن 18 عاما. كما أن جنوب إفريقيا، التي داهمتها إحدى السلالات المتحورة، بدأت باستخدام هذا اللقاح بالفعل.
ويعمل "جونسون آند جونسون" تماما مثل "أسترازينيكا" حيث يتم حقن الجسم بفيروس إنفلونزا عادي منخفض الخطورة يحمل الشفرة الوراثية لفيروس كورونا المستجد، وبالتالي يساعد الجسم على التعرف على خصائص فيروس كورونا وتدريب جهاز المناعة على مقاومته في حال الإصابة به.
ويعتبر "جونسون آند جونسون" أنه اللقاح الوحيد ذو الجرعة الواحدة حتى الآن من بين لقاحات كوفيد-19، لكن هذه الميزة مازالت غير مؤكدة عمليا حسب الصحيفة الفرنسية.
وقد أوضح آلان فيشر رئيس المجلس التوجيهي لإستراتيجية اللقاح في فرنسا، في تصريح له أن "السؤال الذي يطرح نفسه هو، إذا أعطينا جرعة واحدة فقط، فما هي مدة الحماية. نريد أن تكون هناك مناعة، لكننا نريدها أن تتواصل بعد 6 أشهر".
وتفيد المعطيات الحالية أن فاعلية لقاح "جونسون آند جونسون" ذي الجرعة الواحدة تمتد 3 أشهر على الأقل، في وقت تجرى حاليا دراسة سريرية لفحص فاعلية التطعيم بالجرعة الثانية من اللقاح.
ما مدى فاعلية لقاح "جونسون"؟
وفقا للبيانات التي أرسلتها الشركة الأميركية إلى الوكالات المعنية، يعتبر لقاح "جونسون آند جونسون" فعالا بنسبة 66% ضد جميع أشكال كوفيد-19.
وتعتبر هذه النسبة منخفضة مقارنة بلقاح "فايزر" الفعال بنسبة 95%، ولقاح شركة مودرنا (moderna) الفعال بنسبة 94%، مقابل 70% للقاح أسترازينيكا.
لكن فعاليته ضد الأشكال الحادة من كوفيد-19 تصل إلى 85%، وهي نسبة قريبة من اللقاحات الأكثر كفاءة، أي فايزر ومودرنا و"سبوتنيك في" (Sputnik V) الروسي.
كما أثبت اللقاح فعاليته بنسبة 81% في جنوب أفريقيا التي ظهرت فيها إحدى السلالات المتحورة.