لَو: المُستعملة في سياق الشَّرط: نحو لوْ جاءَني لأكرمتُهُ ، امتَنَعَ الإكرامُ لامتناع المَجيء،
وقَد تُفيدُ تَقْييدَ الشّرطِ بالماضي، عكس الشرط بإنْ الجازمَة: لو جئتَني أمسِ أكرمتك. وتُفيد الامتناعَ.
قال القاضي عياض في: مشارق الأنوار على صِحاح الآثار في شرح غريب الحديث الموطّأ والبُخاري ومُسلم [تحقيق:
إبراهيم شمس الدّين، دار الكتُب العلميّة، بيروت، 1/53]:
لو غير أَكَّارٍ قَتَلَني، بفتح الهمزة وتشديد الكاف هو الحَفَّار والحَرَّاث، والجميع أكَرَةٌ وأكَّارونَ...وإنما أرادَ بقَوله هذا: الأنصارَ؛
لشغْلِهم بعمارة الأرض والنخل.[لو غير أكّارٍ قَتَلَني، قالَها أبو جَهل عندَما
ضَرَبَه ابنا عَفْراءَ، ويُروى "غيرُ" بالفتح وبالضّمّ] رواه البُخاري من حَديثِ أنَس، رضي الله عنه.
وفي المَثَل: لو غيرُ ذاتِ سِوارٍ لَطَمَتْني
ذَكَرَ المَيْداني في مَجْمَع الأمثال: يروي الأصمعي المَثَلَ على هذا الوجه. وذلك أن حاتماً الطائيَّ مر ببلاد عنزةَ في بعض
الأشهُر الحُرم فناداه أسيرٌ لهم: يا أبا سفانة أكلني الأسار والقمل، فقال: ويحَك أسأت إذ نوهت باسمي في غير بلاد قومي.
فساوم القوم به، ثم قال: أطلقوه واجعلوا يدي في القيد مكانه، ففعلوا، فجاءته امرأة ببعير ليفصدَه فقام فنَحَرَه، فلطمَت وجهه فقال:
لو غيرُ ذاتِ سوار لطمتني، يعني، لَو لطَمَتْني حُرّةٌ شريفةٌ ذاتُ حسبٍ ونَسبٍ، لَهانَ الأمرُ، فإني لا أقتص من النساء.
ويُروى في الأغاني أنّ الأحوصَ أنشدَ الوَليدَ بنَ عبدِ الملك شعراً:
إن الوليد أمير المؤمنين له ... ملكٌ عليه أعان الله فارتفعا
لا يمنع الناس ما أعطى الذين هم ... له عبادٌ ولا يعطون ما منعا
فقال له الوليد: صدقت يا عبيد! أنى لك هذا؟ قال: هو من عند الله. قال الوليد: لو غير هذا قلت لأحسنت أدَبَكَ. والراجحُ أنّ غير،
في قول الوليد جاءَت منصوبةً مفعولاً مُقدَّماً لقُلْتَ، فقدّم المفعولَ للعنايةِ والاهتمام
وفي شرح ديوان الحَماسَة للمَرزوقي: قال الغطمش الضبي
إلى الله أشكو لا إلى الناس أنني ... أرى الأرضَ تبقى والأخلاءُ تذهبُ
أخلاّيَ لو غيرُ الحِمام أصابكم ... عتبتُ ولكن ما على الدهر مُعتَبُ
كأنه أقبلَ على الذاهبين معتذراً إليهم من استسلامه للحُكم الجاري عليهم، ومِن عَجْزِ قُواه عن نُصرتهِم فيما أصابهم
وقال ابنُ زيدون يرثي المُعتضد ويَمدحُ المعتمدَ ابنَه:
هو الضيمُ لو غيرُ القضاء يرومُه /// ثناه المرامُ الصعبُ والمسلكُ الوعرُ
أمّا القياسُ فهو وُقوعُ الفعلِ بعدَ لو، ولكنْ قد يُحذَفُ الفعلُ ويُذكَرُ فاعلُه، ويُذكرُ بعده فعلٌ يُفسِّرُ المَحذوفَ؛ فممّا جاء فيه حذفُ الفعل،
مع بقاءِ فاعله، كل اسمٍ مرفوعٍ بعد أداةٍ خاصةٍ بالفعل، والحذفُ في ذلك واجبٌ، نحو «وإن أحد من المشركين استجارك، فأجِرهُ
حتى يسمع كلامَ الله، ثم أبلغْه مأمنَه» ونحو «إذا السماءُ انشقَّت». وإنّما ذُكرَ الفاعلُ بعدَ لو لأنّه مُقدَّمٌ في العنايةِ
والاهتمامِ، فخَرَج عن القياس لهذا الغرَضِ، وهو ممّا يُرتكَبُ في الشعرِ كَثيراً